موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (134)]

البخاري
مسلم
أبو داود
الترمذي
النسائي
ابن ماجة
الدارمي
الموطأ
المسند

(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (134)]

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏عَلِيٌّ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنَا ‏ ‏سُفْيَانُ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنَا ‏ ‏الزُّهْرِيُّ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ‏ ‏ح ‏ ‏وَعَنْ ‏ ‏عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَمِّهِ ‏ ‏أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏الرَّجُلُ الَّذِي يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ لَا ‏ ‏يَنْفَتِلْ ‏ ‏أَوْ ‏ ‏لَا يَنْصَرِفْ ‏ ‏حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا ‏


‏ ‏قَوْله : ( حَدَّثَنَا عَلِيّ ) ‏ ‏هُوَ اِبْن عَبْد اللَّه الْمَدِينِيّ وَسُفْيَان هُوَ اِبْن عُيَيْنَة. ‏ ‏قَوْله : ( وَعَنْ عَبَّاد ) ‏ ‏هُوَ مَعْطُوف عَلَى قَوْله عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب , وَسَقَطَتْ الْوَاو مِنْ رِوَايَة كَرِيمَة غَلَطًا لِأَنَّ سَعِيدًا لَا رِوَايَة لَهُ عَنْ عَبَّاد أَصْلًا , ثُمَّ إِنَّ شَيْخ سَعِيد فِيهِ يَحْتَمِل أَنْ يَكُون عَمّ عَبَّاد كَأَنَّهُ قَالَ كِلَاهُمَا عَنْ عَمّه أَيْ : عَمّ الثَّانِي وَهُوَ عَبَّاد , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون مَحْذُوفًا مِنْ مَرَاسِيل اِبْن الْمُسَيِّب , وَعَلَى الْأَوَّل جَرَى صَاحِب الْأَطْرَاف. وَيُؤَيِّد الثَّانِي رِوَايَة مَعْمَر لِهَذَا الْحَدِيث عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ اِبْن الْمُسَيِّب عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ أَخْرَجَهُ اِبْن مَاجَهْ وَرُوَاته ثِقَات لَكِنْ سُئِلَ أَحْمَد عَنْهُ فَقَالَ إِنَّهُ مُنْكَر. ‏ ‏قَوْله : ( عَنْ عَمّه ) ‏ ‏هُوَ عَبْد اللَّه بْن زَيْد بْن عَاصِم الْمَازِنِيّ الْأَنْصَارِيّ , سَمَّاهُ مُسْلِم وَغَيْره فِي رِوَايَتهمْ لِهَذَا الْحَدِيث مِنْ طَرِيق اِبْن عُيَيْنَةَ , وَاخْتُلِفَ هَلْ هُوَ عَمّ عَبَّاد لِأَبِيهِ أَوْ لِأُمِّهِ. ‏ ‏قَوْله : ( أَنَّهُ شَكَا ) ‏ ‏كَذَا فِي رِوَايَتنَا شَكَا بِأَلِفٍ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الرَّاوِي هُوَ الشَّاكِي , وَصَرَّحَ بِذَلِكَ اِبْن خُزَيْمَةَ عَنْ عَبْد الْجَبَّار بْن الْعَلَاء عَنْ سُفْيَان وَلَفْظه عَنْ عَمّه عَبْد اللَّه بْن زَيْد قَالَ : سَأَلْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الرَّجُل. وَوَقَعَ فِي بَعْض الرِّوَايَات "" شُكِيَ "" بِضَمِّ أَوَّله عَلَى الْبِنَاء لِلْمَفْعُولِ , وَعَلَى هَذَا فَالْهَاء فِي أَنَّهُ ضَمِير الشَّأْن. وَوَقَعَ فِي مُسْلِم "" شُكِيَ "" بِالضَّمِّ أَيْضًا كَمَا ضَبَطَهُ النَّوَوِيّ. وَقَالَ : لَمْ يُسَمَّ الشَّاكِي , قَالَ : وَجَاءَ فِي رِوَايَة الْبُخَارِيّ أَنَّهُ الرَّاوِي. قَالَ : وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَوَهَّم مِنْ هَذَا أَنَّ "" شَكَا "" بِالْفَتْحِ أَيْ : فِي رِوَايَة مُسْلِم , وَإِنَّمَا نَبَّهْت عَلَى هَذَا لِأَنَّ بَعْض النَّاس قَالَ إِنَّهُ لَمْ يَظْهَر لَهُ كَلَام النَّوَوِيّ. ‏ ‏قَوْله : ( الرَّجُل ) ‏ ‏بِالضَّمِّ عَلَى الْحِكَايَة. وَهُوَ وَمَا بَعْده فِي مَوْضِع النَّصْب. ‏ ‏قَوْله : ( يُخَيَّل ) ‏ ‏بِضَمِّ أَوَّله وَفَتْح الْمُعْجَمَة وَتَشْدِيد الْيَاء الْأَخِيرَة الْمَفْتُوحَة , وَأَصْله مِنْ الْخَيَال , وَالْمَعْنَى يَظُنّ , وَالظَّنّ هُنَا أَعَمّ مِنْ تَسَاوِي الِاحْتِمَالَيْنِ أَوْ تَرْجِيح أَحَدهمَا عَلَى مَا هُوَ أَصْل اللُّغَة مِنْ أَنَّ الظَّنّ خِلَاف الْيَقِين. ‏ ‏قَوْله : ( يَجِد الشَّيْء ) ‏ ‏أَيْ : الْحَدَث خَارِجًا مِنْهُ , وَصَرَّحَ بِهِ الْإِسْمَاعِيلِيّ وَلَفْظه "" يُخَيَّل إِلَيْهِ فِي صَلَاته أَنَّهُ يَخْرُج مِنْهُ شَيْء "" وَفِيهِ الْعُدُول عَنْ ذِكْر الشَّيْء الْمُسْتَقْذَر بِخَاصِّ اِسْمه إِلَّا لِلضَّرُورَةِ. ‏ ‏قَوْله : ( فِي الصَّلَاة ) ‏ ‏تَمَسَّكَ بَعْض الْمَالِكِيَّة بِظَاهِرِهِ فَخَصُّوا الْحُكْم بِمَنْ كَانَ دَاخِل الصَّلَاة , وَأَوْجَبُوا الْوُضُوء عَلَى مَنْ كَانَ خَارِجهَا , وَفَرَّقُوا بِالنَّهْيِ عَنْ إِبْطَال الْعِبَادَة , وَالنَّهْي عَنْ إِبْطَال الْعِبَادَة مُتَوَقِّف عَلَى صِحَّتهَا , فَلَا مَعْنَى لِلتَّفْرِيقِ بِذَلِكَ ; لِأَنَّ هَذَا التَّخَيُّل إِنْ كَانَ نَاقِضًا خَارِج الصَّلَاة فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُون كَذَلِكَ فِيهَا كَبَقِيَّةِ النَّوَاقِض. ‏ ‏قَوْله : ( لَا يَنْفَتِل ) ‏ ‏بِالْجَزْمِ عَلَى النَّهْي , وَيَجُوز الرَّفْع عَلَى أَنَّ "" لَا "" نَافِيَة. ‏ ‏قَوْله : ( أَوْ لَا يَنْصَرِف ) ‏ ‏هُوَ شَكّ مِنْ الرَّاوِي , وَكَأَنَّهُ مِنْ عَلِيّ ; لِأَنَّ الرُّوَاة غَيْره رَوَوْهُ عَنْ سُفْيَان بِلَفْظِ لَا يَنْصَرِف مِنْ غَيْر شَكّ. ‏ ‏قَوْله : ( صَوْتًا ) ‏ ‏أَيْ : مِنْ مَخْرَجه. ‏ ‏قَوْله : ( أَوْ يَجِد ) ‏ ‏أَوْ لِلتَّنْوِيعِ وَعَبَّرَ بِالْوِجْدَانِ دُون الشَّمّ لِيَشْمَل مَا لَوْ لَمَسَ الْمَحَلّ ثُمَّ شَمَّ يَده , وَلَا حُجَّة فِيهِ لِمَنْ اِسْتَدَلَّ عَلَى أَنَّ لَمْس الدُّبُر لَا يَنْقُض لِأَنَّ الصُّورَة تُحْمَل عَلَى لَمْس مَا قَارَبَهُ لَا عَيْنه. وَدَلَّ حَدِيث الْبَاب عَلَى صِحَّة الصَّلَاة مَا لَمْ يَتَيَقَّن الْحَدَث , وَلَيْسَ الْمُرَاد تَخْصِيص هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ بِالْيَقِينِ ; لِأَنَّ الْمَعْنَى إِذَا كَانَ أَوْسَع مِنْ اللَّفْظ كَانَ الْحُكْم لِلْمَعْنَى قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ. وَقَالَ النَّوَوِيّ : هَذَا الْحَدِيث أَصْل فِي حُكْم بَقَاء الْأَشْيَاء عَلَى أُصُولهَا حَتَّى يُتَيَقَّن خِلَاف ذَلِكَ , وَلَا يَضُرّ الشَّكّ الطَّارِئ عَلَيْهَا. وَأَخَذَ بِهَذَا الْحَدِيث جُمْهُور الْعُلَمَاء. وَرُوِيَ عَنْ مَالِك النَّقْض مُطْلَقًا , وَرُوِيَ عَنْهُ النَّقْض خَارِج الصَّلَاة دُون دَاخِلهَا , وَرُوِيَ هَذَا التَّفْصِيل عَنْ الْحَسَن الْبَصْرِيّ , وَالْأَوَّل مَشْهُور مَذْهَب مَالِك قَالَهُ الْقُرْطُبِيّ , وَهُوَ رِوَايَة اِبْن الْقَاسِم عَنْهُ. وَرَوَى اِبْن نَافِع عَنْهُ لَا وُضُوء عَلَيْهِ مُطْلَقًا كَقَوْلِ الْجُمْهُور , وَرَوَى اِبْن وَهْب عَنْهُ "" أَحَبّ إِلَيَّ أَنْ يَتَوَضَّأ "". وَرِوَايَة التَّفْصِيل لَمْ تَثْبُت عَنْهُ وَإِنَّمَا هِيَ لِأَصْحَابِهِ , وَحَمَلَ بَعْضهمْ الْحَدِيث عَلَى مَنْ كَانَ بِهِ وَسْوَاس , وَتَمَسَّكَ بِأَنَّ الشَّكْوَى لَا تَكُون إِلَّا عَنْ عِلَّة , وَأُجِيبَ بِمَا دَلَّ عَلَى التَّعْمِيم , وَهُوَ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة عِنْد مُسْلِم وَلَفْظه "" إِذَا وَجَدَ أَحَدكُمْ فِي بَطْنه شَيْئًا فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ أَخْرَجَ مِنْهُ شَيْء أَمْ لَا فَلَا يَخْرُجَنَّ مِنْ الْمَسْجِد حَتَّى يَسْمَع صَوْتًا أَوْ يَجِد رِيحًا "" وَقَوْله : فَلَا يَخْرُجَنَّ مِنْ الْمَسْجِد أَيْ : مِنْ الصَّلَاة , وَصَرَّحَ بِذَلِكَ أَبُو دَاوُدَ فِي رِوَايَته. وَقَالَ الْعِرَاقِيّ : مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِك رَاجِح ; لِأَنَّهُ اِحْتَاطَ لِلصَّلَاةِ وَهِيَ مَقْصِد , وَأَلْغَى الشَّكّ فِي السَّبَب الْمُبْرِئ , وَغَيْره اِحْتَاطَ لِلطَّهَارَةِ وَهِيَ وَسِيلَة وَأَلْغَى الشَّكّ فِي الْحَدَث النَّاقِض لَهَا , وَالِاحْتِيَاط لِلْمَقَاصِدِ أَوْلَى مِنْ الِاحْتِيَاط لِلْوَسَائِلِ. وَجَوَابه أَنَّ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ النَّظَر قَوِيّ ; لَكِنَّهُ مُغَايِر لِمَدْلُولِ الْحَدِيث لِأَنَّهُ أَمَرَ بِعَدَمِ الِانْصِرَاف إِلَى أَنْ يَتَحَقَّق. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : يُسْتَدَلّ بِهِ لِمَنْ أَوْجَبَ الْحَدّ عَلَى مَنْ وُجِدَ مِنْهُ رِيح الْخَمْر لِأَنَّهُ اِعْتَبَرَ وِجْدَان الرِّيح وَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْحُكْم , وَيُمْكِن الْفَرْق بِأَنَّ الْحُدُود تُدْرَأ بِالشُّبْهَةِ وَالشُّبْهَة هُنَا قَائِمَة , بِخِلَافِ الْأَوَّل فَإِنَّهُ مُتَحَقِّق. ‏



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!