المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (109)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (109)]
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ خُزَاعَةَ قَتَلُوا رَجُلًا مِنْ بَنِي لَيْثٍ عَامَ فَتْحِ مَكَّةَ بِقَتِيلٍ مِنْهُمْ قَتَلُوهُ فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَخَطَبَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الْقَتْلَ أَوْ الْفِيلَ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ كَذَا قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ وَاجْعَلُوهُ عَلَى الشَّكِّ الْفِيلَ أَوْ الْقَتْلَ وَغَيْرُهُ يَقُولُ الْفِيلَ وَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ أَلَا وَإِنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ بَعْدِي أَلَا وَإِنَّهَا حَلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ أَلَا وَإِنَّهَا سَاعَتِي هَذِهِ حَرَامٌ لَا يُخْتَلَى شَوْكُهَا وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا وَلَا تُلْتَقَطُ سَاقِطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ فَمَنْ قُتِلَ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ إِمَّا أَنْ يُعْقَلَ وَإِمَّا أَنْ يُقَادَ أَهْلُ الْقَتِيلِ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَقَالَ اكْتُبْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ اكْتُبُوا لِأَبِي فُلَانٍ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَّا الْإِذْخِرَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّا نَجْعَلُهُ فِي بُيُوتِنَا وَقُبُورِنَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا الْإِذْخِرَ إِلَّا الْإِذْخِرَ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ يُقَالُ يُقَادُ بِالْقَافِ فَقِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَيُّ شَيْءٍ كَتَبَ لَهُ قَالَ كَتَبَ لَهُ هَذِهِ الْخُطْبَةَ
قَوْله : ( حَدَّثَنَا شَيْبَان ) هُوَ اِبْن عَبْد الرَّحْمَن يُكَنَّى أَبَا مُعَاوِيَة , وَهُوَ بِفَتْحِ الشِّين الْمُعْجَمَة بَعْدهَا تَحْتَانِيَّة ثُمَّ مُوَحَّدَة , وَلَيْسَ فِي الْبُخَارِيّ بِهَذِهِ الصُّورَة غَيْره. قَوْله : ( عَنْ يَحْيَى ) هُوَ اِبْن أَبِي كَثِير. قَوْله : ( عَنْ أَبِي سَلَمَة ) فِي رِوَايَة الْمُصَنِّف فِي الدِّيَات : "" حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَة حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَة "". قَوْله : ( أَنَّ خُزَاعَة ) أَيْ الْقَبِيلَة الْمَشْهُورَة , وَالْمُرَاد وَاحِد مِنْهُمْ فَأَطْلَقَ عَلَيْهِ اِسْم الْقَبِيلَة مَجَازًا , وَاسْم هَذَا الْقَاتِل خِرَاش بْن أُمَيَّة الْخُزَاعِيّ , وَالْمَقْتُول فِي الْجَاهِلِيَّة مِنْهُمْ اِسْمه أَحْمَر , وَالْمَقْتُول فِي الْإِسْلَام مِنْ بَنِي لَيْث لَمْ يُسَمَّ. قَوْله : ( حَبَسَ ) أَيْ : مَنَعَ عَنْ مَكَّة. ( الْقَتْل ) أَيْ : بِالْقَافِ وَالْمُثَنَّاة مِنْ فَوْق ( أَوْ الْفِيل ) أَيْ : بِالْفَاءِ الْمَكْسُورَة بَعْدهَا يَاء تَحْتَانِيَّة. قَوْله : ( كَذَا قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ ) أَرَادَ الْبُخَارِيّ أَنَّ الشَّكّ فِيهِ مِنْ شَيْخه. قَوْله : ( وَغَيْره يَقُول : الْفِيل ) أَيْ : بِالْفَاءِ وَلَا يَشُكّ , وَالْمُرَاد بِالْغَيْرِ مَنْ رَوَاهُ عَنْ شَيْبَانَ رَفِيقًا لِأَبِي نُعَيْمٍ وَهُوَ عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى , وَمَنْ رَوَاهُ عَنْ يَحْيَى رَفِيقًا لِشَيْبَانَ وَهُوَ حَرْب بْن شَدَّاد كَمَا سَيَأْتِي بَيَانه عِنْد الْمُصَنِّف فِي الدِّيَات , وَالْمُرَاد بِحَبْسِ الْفِيل أَهْل الْفِيل وَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى الْقِصَّة الْمَشْهُورَة لِلْحَبَشَةِ فِي غَزَوْهُمْ مَكَّة وَمَعَهُمْ الْفِيل فَمَنَعَهَا اللَّه مِنْهُمْ وَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ الطَّيْر الْأَبَابِيل مَعَ كَوْن أَهْل مَكَّة إِذْ ذَاكَ كَانُوا كُفَّارًا , فَحُرْمَة أَهْلهَا بَعْد الْإِسْلَام آكَد ; لَكِنَّ غَزْو النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهَا مَخْصُوص بِهِ عَلَى ظَاهِر هَذَا الْحَدِيث وَغَيْره , وَسَيَأْتِي الْكَلَام عَلَى الْمَسْأَلَة فِي كِتَاب الْحَجّ مُفَصَّلًا إِنْ شَاءَ تَعَالَى. قَوْله : ( وَسُلِّطَ عَلَيْهِمْ ) هُوَ بِضَمِّ أَوَّله , وَرَسُول مَرْفُوع وَالْمُؤْمِنُونَ مَعْطُوف عَلَيْهِ. قَوْله : ( وَلَا تَحِلّ ) لِلْكُشْمِيهَنِيّ : "" وَلَمْ تَحِلّ "" وَلِلْمُصَنِّف فِي اللُّقَطَة مِنْ طَرِيق الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى : "" وَلَنْ "" وَهِيَ أَلْيَق بِالْمُسْتَقْبَلِ. قَوْله : ( لَا يُخْتَلَى ) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة أَيْ : لَا يُحْصَد يُقَال اِخْتَلَيْته إِذَا قَطَعْته وَذِكْر الشَّوْك دَالّ عَلَى مَنْع قَطْع غَيْره مِنْ بَاب أَوْلَى , وَسَيَأْتِي ذِكْر الْخِلَاف فِيهِ فِي الْحَجّ إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى. قَوْله : ( إِلَّا لِمُنْشِدٍ ) أَيْ مُعَرِّف , وَسَيَأْتِي الْكَلَام عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَة فِي كِتَاب اللُّقَطَة إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى. قَوْله : ( فَمَنْ قُتِلَ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ ) كَذَا وَقَعَ هُنَا , وَفِيهِ حَذْف وَقَعَ بَيَانه فِي رِوَايَة الْمُصَنِّف فِي الدِّيَات عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ بِهَذَا الْإِسْنَاد : "" فَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيل "". قَوْله : ( وَإِمَّا أَنْ يُقَاد ) هُوَ بِالْقَافِ أَيْ : يَقْتَصّ , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة لِمُسْلِمٍ "" إِمَّا أَنْ يُفَادَى "" بِالْفَاءِ وَزِيَادَة يَاء بَعْد الدَّال , وَالصَّوَاب أَنَّ الرِّوَايَة عَلَى وَجْهَيْنِ : مَنْ قَالَهَا بِالْقَافِ قَالَ فِيمَا قَبْلهَا : "" إِمَّا أَنْ يُعْقَل "" مِنْ الْعَقْل وَهُوَ الدِّيَة , وَمَنْ قَالَهَا بِالْفَاءِ قَالَ فِيمَا قَبْلهَا : "" إِمَّا أَنْ يُقْتَل "" بِالْقَافِ وَالْمُثَنَّاة. وَالْحَاصِل تَفْسِير "" النَّظَرَيْنِ "" بِالْقِصَاصِ أَوْ الدِّيَة. وَفِي الْمَسْأَلَة بَحْث يَأْتِي فِي الدِّيَات إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى. قَوْله : ( فَجَاءَ رَجُل مِنْ أَهْل الْيَمَن ) هُوَ أَبُو شَاه بِهَاءٍ مُنَوَّنَة , وَسَيَأْتِي فِي اللُّقَطَة مُسَمًّى , وَالْإِشَارَة إِلَى مَنْ حَرَّفَهُ , وَهُنَاكَ مِنْ الزِّيَادَة عَنْ الْوَلِيد بْن مُسْلِم : "" قُلْت لِلْأَوْزَاعِيِّ : مَا قَوْله : اُكْتُبُوا لِي ؟ قَالَ : هَذِهِ الْخُطْبَة الَّتِي سَمِعَهَا مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "" قُلْت : وَبِهَذَا تَظْهَر مُطَابَقَة هَذَا الْحَدِيث لِلتَّرْجَمَةِ. قَوْله : ( فَقَالَ رَجُل مِنْ قُرَيْش ) هُوَ الْعَبَّاس بْن عَبْد الْمُطَّلِب كَمَا يَأْتِي فِي اللُّقَطَة , وَوَقَعَ فِي رِوَايَة لِابْنِ أَبِي شَيْبَة : "" فَقَالَ رَجُل مِنْ قُرَيْش يُقَال لَهُ شَاه "" وَهُوَ غَلَط. قَوْله : ( إِلَّا الْإِذْخِر ) كَذَا هُوَ فِي رِوَايَتنَا بِالنَّصْبِ , وَيَجُوز رَفْعه عَلَى الْبَدَل مِمَّا قَبْله. قَوْله : ( إِلَّا الْإِذْخِر إِلَّا الْإِذْخِر ) كَذَا هُوَ فِي رِوَايَتنَا , وَالثَّانِيَة عَلَى سَبِيل التَّأْكِيد.