موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (107)]

البخاري
مسلم
أبو داود
الترمذي
النسائي
ابن ماجة
الدارمي
الموطأ
المسند

(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (107)]

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏مُوسَى ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنَا ‏ ‏أَبُو عَوَانَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي حَصِينٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي صَالِحٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏ ‏عَنْ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏تَسَمَّوْا بِاسْمِي وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي وَمَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا ‏ ‏يَتَمَثَّلُ ‏ ‏فِي صُورَتِي وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا ‏ ‏فَلْيَتَبَوَّأْ ‏ ‏مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ ‏


‏ ‏قَوْله : ( حَدَّثَنَا مُوسَى ) ‏ ‏هُوَ اِبْن إِسْمَاعِيل التَّبُوذَكِيّ. ‏ ‏قَوْله : ( عَنْ أَبِي حَصِين ) ‏ ‏هُوَ بِمُهْمَلَتَيْنِ مَفْتُوح الْأَوَّل , وَأَبُو صَالِح هُوَ ذَكْوَانُ السَّمَّان. وَقَدْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّف هَذَا الْحَدِيث بِتَمَامِهِ فِي كِتَاب الْأَدَب مِنْ هَذَا الْوَجْه , وَيَأْتِي الْكَلَام عَلَيْهِ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى. وَقَدْ اِقْتَصَرَ مُسْلِم فِي رِوَايَته لَهُ عَلَى الْجُمْلَة الْأَخِيرَة وَهِيَ مَقْصُود الْبَاب , وَإِنَّمَا سَاقَهُ الْمُؤَلِّف بِتَمَامِهِ وَلَمْ يَخْتَصِرهُ كَعَادَتِهِ لِيُنَبِّه عَلَى أَنَّ الْكَذِب عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَوِي فِيهِ الْيَقَظَة وَالْمَنَام. وَاَللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى أَعْلَم. فَإِنْ قِيلَ : الْكَذِب مَعْصِيَة إِلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ فِي الْإِصْلَاح وَغَيْره , وَالْمَعَاصِي قَدْ تُوُعِّدَ عَلَيْهَا بِالنَّارِ , فَمَا الَّذِي اِمْتَازَ بِهِ الْكَاذِب عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْوَعِيد عَلَى مَنْ كَذَبَ عَلَى غَيْره ؟ فَالْجَوَاب عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدهمَا أَنَّ الْكَذِب عَلَيْهِ يُكَفِّر مُتَعَمِّده عِنْد بَعْض أَهْل الْعِلْم , وَهُوَ الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد الْجُوَيْنِيّ , لَكِنْ ضَعَّفَهُ اِبْنه إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَمَنْ بَعْده , وَمَالَ اِبْن الْمُنِير إِلَى اِخْتِيَاره , وَوَجَّهَهُ بِأَنَّ الْكَاذِب عَلَيْهِ فِي تَحْلِيل حَرَام مَثَلًا لَا يَنْفَكّ عَنْ اِسْتِحْلَال ذَلِكَ الْحَرَام أَوْ الْحَمْل عَلَى اِسْتِحْلَاله , وَاسْتِحْلَال الْحَرَام كُفْر , وَالْحَمْل عَلَى الْكُفْر كُفْر. وَفِيمَا قَالَهُ نَظَر لَا يَخْفَى , وَالْجُمْهُور عَلَى أَنَّهُ لَا يَكْفُر إِلَّا إِذَا اِعْتَقَدَ حِلّ ذَلِكَ. الْجَوَاب الثَّانِي أَنَّ الْكَذِب عَلَيْهِ كَبِيرَة وَالْكَذِب عَلَى غَيْره صَغِيرَة فَافْتَرَقَا , وَلَا يَلْزَم مِنْ اِسْتِوَاء الْوَعِيد فِي حَقّ مَنْ كَذَبَ عَلَيْهِ أَوْ كَذَبَ عَلَى غَيْره أَنْ يَكُون مَقَرّهمَا وَاحِدًا أَوْ طُول إِقَامَتهمَا سَوَاء , فَقَدْ دَلَّ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "" فَلْيَتَبَوَّأْ "" عَلَى طُول الْإِقَامَة فِيهَا , بَلْ ظَاهِره أَنَّهُ لَا يَخْرُج مِنْهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَل لَهُ مَنْزِلًا غَيْره , إِلَّا أَنَّ الْأَدِلَّة الْقَطْعِيَّة قَامَتْ عَلَى أَنَّ خُلُود التَّأْبِيد مُخْتَصّ بِالْكَافِرِينَ , وَقَدْ فَرَّقَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْن الْكَذِب عَلَيْهِ وَبَيْن الْكَذِب عَلَى غَيْره كَمَا سَيَأْتِي فِي الْجَنَائِز فِي حَدِيث الْمُغِيرَة حَيْثُ يَقُول "" إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَد "" وَسَنَذْكُرُ مَبَاحِثه هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى , وَنَذْكُر فِيهِ الِاخْتِلَاف فِي تَوْبَة مَنْ تَعَمَّدَ الْكَذِب عَلَيْهِ هَلْ تُقْبَل أَوْ لَا. ‏ ‏( تَنْبِيه ) : ‏ ‏رَتَّبَ الْمُصَنِّف أَحَادِيث الْبَاب تَرْتِيبًا حَسَنًا لِأَنَّهُ بَدَأَ بِحَدِيثِ عَلِيّ وَفِيهِ مَقْصُود الْبَاب , وَثَنَّى بِحَدِيثِ الزُّبَيْر الدَّالّ عَلَى تَوَقِّي الصَّحَابَة وَتَحَرُّزهمْ مِنْ الْكَذِب عَلَيْهِ , وَثَلَّثَ بِحَدِيثِ أَنَس الدَّالّ عَلَى أَنَّ اِمْتِنَاعهمْ إِنَّمَا كَانَ مِنْ الْإِكْثَار الْمُفْضِي إِلَى الْخَطَأ لَا عَنْ أَصْل التَّحْدِيث ; لِأَنَّهُمْ مَأْمُورُونَ بِالتَّبْلِيغِ , وَخَتَمَ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة الَّذِي فِيهِ الْإِشَارَة إِلَى اِسْتِوَاء تَحْرِيم الْكَذِب عَلَيْهِ سَوَاء كَانَتْ دَعْوَى السَّمَاع مِنْهُ فِي الْيَقِظَة أَوْ فِي الْمَنَام. وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيّ حَدِيث : "" مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ "" أَيْضًا مِنْ حَدِيث الْمُغِيرَة وَهُوَ فِي الْجَنَائِز , وَمِنْ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاصِ وَهُوَ فِي أَخْبَار بَنِي إِسْرَائِيل , وَمِنْ حَدِيث وَاثِلَة بْن الْأَسْقَع وَهُوَ فِي مَنَاقِب قُرَيْش , لَكِنْ لَيْسَ هُوَ بِلَفْظِ الْوَعِيد بِالنَّارِ صَرِيحًا. وَاتَّفَقَ مُسْلِم مَعَهُ عَلَى تَخْرِيج حَدِيث عَلِيّ وَأَنَس وَأَبِي هُرَيْرَة وَالْمُغِيرَة , وَأَخْرَجَهُ مُسْلِم مِنْ حَدِيث أَبِي سَعِيد أَيْضًا , وَصَحَّ أَيْضًا فِي غَيْر الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيث عُثْمَان بْن عَفَّان وَابْن مَسْعُود وَابْن عُمَر وَأَبِي قَتَادَة وَجَابِر وَزَيْد بْن أَرْقَم , وَوَرَدَ بِأَسَانِيد حِسَان مِنْ حَدِيث طَلْحَة بْن عُبَيْد اللَّه وَسَعِيد بْن زَيْد وَأَبِي عُبَيْدَة بْن الْجَرَّاح وَسَعْد بْن أَبِي وَقَّاص وَمُعَاذ بْن جَبَل وَعُقْبَة بْن عَامِر وَعِمْرَان بْن حُصَيْنٍ وَابْن عَبَّاس وَسَلْمَان الْفَارِسِيّ وَمُعَاوِيَة بْن أَبِي سُفْيَان وَرَافِع بْن خَدِيج وَطَارِق الْأَشْجَعِيّ وَالسَّائِب بْن يَزِيد وَخَالِد بْن عُرْفُطَة وَأَبِي أُمَامَةَ وَأَبِي قِرْصَافَة وَأَبِي مُوسَى الْغَافِقِيّ وَعَائِشَة , فَهَؤُلَاءِ [ ثَلَاثَة وَ ] ثَلَاثُونَ نَفْسًا مِنْ الصَّحَابَة , وَوَرَدَ أَيْضًا عَنْ نَحْو خَمْسِينَ غَيْرهمْ بِأَسَانِيد ضَعِيفَة , وَعَنْ نَحْو مِنْ عِشْرِينَ آخَرِينَ بِأَسَانِيد سَاقِطَة. وَقَدْ اِعْتَنَى جَمَاعَة مِنْ الْحُفَّاظ بِجَمْعِ طُرُقه , فَأَوَّل مَنْ وَقَفْت عَلَى كَلَامه فِي ذَلِكَ عَلِيّ بْن الْمَدِينِيّ , وَتَبِعَهُ يَعْقُوب بْن شَيْبَة فَقَالَ : رُوِيَ هَذَا الْحَدِيث مِنْ عِشْرِينَ وَجْهًا عَنْ الصَّحَابَة مِنْ الْحِجَازِيِّينَ وَغَيْرهمْ , ثُمَّ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ وَأَبُو بَكْر الْبَزَّار فَقَالَ كُلّ مِنْهُمَا : إِنَّهُ وَرَدَ مِنْ حَدِيث أَرْبَعِينَ مِنْ الصَّحَابَة , وَجَمَعَ طُرُقه فِي ذَلِكَ الْعَصْر أَبُو مُحَمَّد يَحْيَى بْن مُحَمَّد بْن صَاعِد فَزَادَ قَلِيلًا. وَقَالَ أَبُو بَكْر الصَّحَابِيّ شَارِح رِسَالَة الشَّافِعِيّ : رَوَاهُ سِتُّونَ نَفْسًا مِنْ الصَّحَابَة , وَجَمَعَ طُرُقه الطَّبَرَانِيُّ فَزَادَ قَلِيلًا , وَقَالَ أَبُو الْقَاسِم بْن مَنْدَهْ رَوَاهُ أَكْثَر مِنْ ثَمَانِينَ نَفْسًا , وَقَدْ خَرَّجَهَا بَعْض النَّيْسَابُورِيِّينَ فَزَادَتْ قَلِيلًا , وَقَدْ جَمَعَ طُرُقه اِبْن الْجَوْزِيّ فِي مُقَدِّمَة كِتَاب "" الْمَوْضُوعَات "" فَجَاوَزَ التِّسْعِينَ , وَبِذَلِكَ جَزَمَ اِبْن دِحْيَة , وَقَالَ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيّ : يَرْوِيه نَحْو مِائَة مِنْ الصَّحَابَة , وَقَدْ جَمَعَهَا بَعْده الْحَافِظَانِ يُوسُف بْن خَلِيل وَأَبُو عَلِيّ الْبَكْرِيّ وَهُمَا مُتَعَاصِرَانِ فَوَقَعَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَا لَيْسَ عِنْد الْآخَر , وَتَحَصَّلَ مِنْ مَجْمُوع ذَلِكَ كُلّه رِوَايَة مِائَة مِنْ الصَّحَابَة عَلَى مَا فَصَّلْته مِنْ صَحِيح وَحَسَن وَضَعِيف وَسَاقِط , مَعَ أَنَّ فِيهَا مَا هُوَ فِي مُطْلَق ذَمّ الْكَذِب عَلَيْهِ مِنْ غَيْر تَقْيِيد بِهَذَا الْوَعِيد الْخَاصّ. وَنَقَلَ النَّوَوِيّ أَنَّهُ جَاءَ عَنْ مِائَتَيْنِ مِنْ الصَّحَابَة , وَلِأَجْلِ كَثْرَة طُرُقه أَطْلَقَ عَلَيْهِ جَمَاعَة أَنَّهُ مُتَوَاتِر , وَنَازَعَ بَعْض مَشَايِخنَا فِي ذَلِكَ قَالَ : لِأَنَّ شَرْط التَّوَاتُر اِسْتِوَاء طَرَفَيْهِ وَمَا بَيْنهمَا فِي الْكَثْرَة , وَلَيْسَتْ مَوْجُودَة فِي كُلّ طَرِيق مِنْهَا بِمُفْرَدِهَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَاد بِإِطْلَاقِ كَوْنه مُتَوَاتِرًا رِوَايَة الْمَجْمُوع عَنْ الْمَجْمُوع مِنْ اِبْتِدَائِهِ إِلَى اِنْتِهَائِهِ فِي كُلّ عَصْر , وَهَذَا كَافٍ فِي إِفَادَة الْعِلْم. وَأَيْضًا فَطَرِيق أَنَس وَحْدهَا قَدْ رَوَاهَا عَنْهُ الْعَدَد الْكَثِير وَتَوَاتَرَتْ عَنْهُمْ. نَعَمْ وَحَدِيث عَلِيّ رَوَاهُ عَنْهُ سِتَّة مِنْ مَشَاهِير التَّابِعِينَ وَثِقَاتهمْ , وَكَذَا حَدِيث اِبْن مَسْعُود وَأَبِي هُرَيْرَة وَعَبْد اللَّه بْن عَمْرو , فَلَوْ قِيلَ فِي كُلّ مِنْهَا إِنَّهُ مُتَوَاتِر عَنْ صَحَابِيّه لَكَانَ صَحِيحًا , فَإِنَّ الْعَدَد الْمُعَيَّن لَا يُشْتَرَط فِي الْمُتَوَاتِر , بَلْ مَا أَفَادَ الْعِلْم كَفَى , وَالصِّفَات الْعَلِيَّة فِي الرُّوَاة تَقُوم مَقَام الْعَدَد أَوْ تَزِيد عَلَيْهِ كَمَا قَرَّرْته فِي نُكَت عُلُوم الْحَدِيث وَفِي شَرْح نُخْبَة الْفِكْر , وَبَيَّنْت هُنَاكَ الرَّدّ عَلَى مَنْ اِدَّعَى أَنَّ مِثَال الْمُتَوَاتِر لَا يُوجَد إِلَّا فِي هَذَا الْحَدِيث , وَبَيَّنْت أَنَّ أَمْثِلَته كَثِيرَة : مِنْهَا حَدِيث "" مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا , وَالْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ , وَرَفْع الْيَدَيْنِ , وَالشَّفَاعَة وَالْحَوْض وَرُؤْيَة اللَّه فِي الْآخِرَة , وَالْأَئِمَّة مِنْ قُرَيْش وَغَيْر ذَلِكَ "". وَاَللَّه الْمُسْتَعَان. وَأَمَّا مَا نَقَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الْحَاكِم وَوَافَقَهُ أَنَّهُ جَاءَ مِنْ رِوَايَة الْعَشَرَة الْمَشْهُورَة , قَالَ : وَلَيْسَ فِي الدُّنْيَا حَدِيث أَجْمَعَ الْعَشَرَة عَلَى رِوَايَته غَيْره , فَقَدْ تَعَقَّبَهُ غَيْر وَاحِد , لَكِنَّ الطُّرُق عَنْهُمْ مَوْجُودَة فِيمَا جَمَعَهُ اِبْن الْجَوْزِيّ وَمَنْ بَعْده , وَالثَّابِت مِنْهَا مَا قَدَّمْت ذِكْره. فَمِنْ الصِّحَاح عَلِيّ وَالزُّبَيْر , وَمِنْ الْحِسَان طَلْحَة وَسَعْد وَسَعِيد وَأَبُو عُبَيْدَة , وَمِنْ الضَّعِيف الْمُتَمَاسِك طَرِيق عُثْمَان , وَبَقِيَّتهَا ضَعِيف وَسَاقِط. ‏



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!