موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (101)]

البخاري
مسلم
أبو داود
الترمذي
النسائي
ابن ماجة
الدارمي
الموطأ
المسند

(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (101)]

‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنِي ‏ ‏اللَّيْثُ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنِي ‏ ‏سَعِيدٌ هُوَ ابْنُ أَبِي سَعِيدٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي شُرَيْحٍ ‏ ‏أَنَّهُ قَالَ ‏ ‏لِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ ‏ ‏وَهُوَ يَبْعَثُ ‏ ‏الْبُعُوثَ ‏ ‏إِلَى ‏ ‏مَكَّةَ ‏ ‏ائْذَنْ لِي أَيُّهَا الْأَمِيرُ أُحَدِّثْكَ قَوْلًا قَامَ بِهِ النَّبِيُّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏الْغَدَ مِنْ يَوْمِ الْفَتْحِ سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي وَأَبْصَرَتْهُ عَيْنَايَ حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ ‏ ‏إِنَّ ‏ ‏مَكَّةَ ‏ ‏حَرَّمَهَا اللَّهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ فَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ ‏ ‏يَسْفِكَ ‏ ‏بِهَا دَمًا وَلَا ‏ ‏يَعْضِدَ ‏ ‏بِهَا شَجَرَةً فَإِنْ أَحَدٌ ‏ ‏تَرَخَّصَ ‏ ‏لِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فِيهَا فَقُولُوا إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذِنَ لِرَسُولِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ وَإِنَّمَا أَذِنَ لِي فِيهَا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ثُمَّ عَادَتْ حُرْمَتُهَا الْيَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالْأَمْسِ وَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَقِيلَ ‏ ‏لِأَبِي شُرَيْحٍ ‏ ‏مَا قَالَ ‏ ‏عَمْرٌو ‏ ‏قَالَ أَنَا أَعْلَمُ مِنْكَ يَا ‏ ‏أَبَا شُرَيْحٍ ‏ ‏لَا يُعِيذُ عَاصِيًا وَلَا فَارًّا ‏ ‏بِدَمٍ ‏ ‏وَلَا فَارًّا ‏ ‏بِخَرْبَةٍ ‏


‏ ‏قَوْله : ( عَنْ أَبِي شُرَيْح ) ‏ ‏هُوَ الْخُزَاعِيّ الصَّحَابِيّ الْمَشْهُور , وَعَمْرو بْن سَعِيد هُوَ اِبْن الْعَاصِي بْن سَعِيد بْن الْعَاصِي بْن أُمَيَّة الْقُرَشِيّ الْأُمَوِيّ يُعْرَف بِالْأَشْدَقِ , وَلَيْسَتْ لَهُ صُحْبَة وَلَا كَانَ مِنْ التَّابِعِينَ بِإِحْسَانٍ. ‏ ‏قَوْله : ( وَهُوَ يَبْعَث الْبُعُوث ) ‏ ‏أَيْ يُرْسِل الْجُيُوش إِلَى مَكَّة لِقِتَالِ عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر لِكَوْنِهِ اِمْتَنَعَ مِنْ مُبَايَعَة يَزِيد بْن مُعَاوِيَة وَاعْتَصَمَ بِالْحَرَمِ , وَكَانَ عَمْرو وَالِي يَزِيد عَلَى الْمَدِينَة , وَالْقِصَّة مَشْهُورَة , وَمُلَخَّصهَا أَنَّ مُعَاوِيَة عَهِدَ بِالْخِلَافَةِ بَعْده لِيَزِيدَ بْن مُعَاوِيَة , فَبَايَعَهُ النَّاس إِلَّا الْحُسَيْن بْن عَلِيّ وَابْن الزُّبَيْر , فَأَمَّا اِبْن أَبِي بَكْر فَمَاتَ قَبْل مَوْت مُعَاوِيَة , وَأَمَّا اِبْن عُمَر فَبَايَعَ لِيَزِيدَ عَقِب مَوْت أَبِيهِ , وَأَمَّا الْحُسَيْن بْن عَلِيّ فَسَارَ إِلَى الْكُوفَة لِاسْتِدْعَائِهِمْ إِيَّاهُ لِيُبَايِعُوهُ فَكَانَ ذَلِكَ سَبَب قَتْله , وَأَمَّا اِبْن الزُّبَيْر فَاعْتَصَمَ وَيُسَمَّى عَائِذ الْبَيْت وَغَلَبَ عَلَى أَمْر مَكَّة , فَكَانَ يَزِيد بْن مُعَاوِيَة يَأْمُر أُمَرَاءَهُ عَلَى الْمَدِينَة أَنْ يُجَهِّزُوا إِلَيْهِ الْجُيُوش , فَكَانَ آخِر ذَلِكَ أَنَّ أَهْل الْمَدِينَة اِجْتَمَعُوا عَلَى خَلْع يَزِيد مِنْ الْخِلَافَة. ‏ ‏قَوْله : ( اِئْذَنْ لِي ) ‏ ‏فِيهِ حُسْن التَّلَطُّف فِي الْإِنْكَار عَلَى أُمَرَاء الْجَوْر لِيَكُونَ أَدْعَى لِقَبُولِهِمْ. ‏ ‏قَوْله : ( أُحَدِّثك ) ‏ ‏بِالْجَزْمِ لِأَنَّهُ جَوَاب الْأَمْر. ‏ ‏قَوْله : ( قَامَ ) ‏ ‏صِفَة لِلْقَوْلِ , وَالْمَقُول هُوَ حَمْد اللَّه إِلَخْ. ‏ ‏قَوْله : ( الْغَد ) ‏ ‏بِالنَّصْبِ أَيْ أَنَّهُ خَطَبَ فِي الْيَوْم الثَّانِي مِنْ فَتْح مَكَّة. ‏ ‏قَوْله : ( سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ إِلَخْ ) ‏ ‏أَرَادَ أَنَّهُ بَالَغَ فِي حِفْظه وَالتَّثَبُّت فِيهِ وَأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذهُ بِوَاسِطَةٍ , وَأَتَى بِالتَّثْنِيَةِ تَأْكِيدًا , وَالضَّمِير فِي قَوْله : "" تَكَلَّمَ بِهِ "" عَائِد عَلَى قَوْله قَوْلًا. ‏ ‏قَوْله : ( وَلَمْ يُحَرِّمهَا النَّاس ) ‏ ‏بِالضَّمِّ أَيْ : أَنَّ تَحْرِيمهَا كَانَ بِوَحْيٍ مِنْ اللَّه لَا مِنْ اِصْطِلَاح النَّاس , ‏ ‏قَوْله : ( يَسْفِك ) ‏ ‏بِكَسْرِ الْفَاء وَحُكِيَ ضَمّهَا , وَهُوَ صَبّ الدَّم , وَالْمُرَاد بِهِ الْقَتْل. ‏ ‏قَوْله : ( وَلَا يَعْضِد ) ‏ ‏بِكَسْرِ الضَّاد الْمُعْجَمَة وَفَتْح الدَّال أَيْ : يَقْطَع بِالْمِعْضَدِ وَهُوَ آلَة كَالْفَأْسِ. ‏ ‏قَوْله : ( وَإِنَّمَا أَذِنَ لِي ) ‏ ‏أَيْ اللَّه , رُوِيَ بِضَمِّ الْهَمْزَة. وَفِي قَوْله "" لِي "" اِلْتِفَات لِأَنَّ نَسَق الْكَلَام "" وَإِنَّمَا أَذِنَ لَهُ "" أَيْ : لِرَسُولِهِ. ‏ ‏قَوْله : ( سَاعَة ) ‏ ‏أَيْ : مِقْدَارًا مِنْ الزَّمَان , وَالْمُرَاد بِهِ يَوْم الْفَتْح. وَفِي مُسْنَد أَحْمَد مِنْ طَرِيق عَمْرو بْن شُعَيْب عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ طُلُوع الشَّمْس إِلَى الْعَصْر , وَالْمَأْذُون لَهُ فِيهِ الْقِتَال لَا قَطْع الشَّجَر. ‏ ‏قَوْله : ( مَا قَالَ عَمْرو ) ‏ ‏أَيْ : فِي جَوَابك. ‏ ‏قَوْله : ( لَا تُعِيذ ) ‏ ‏بِضَمِّ الْمُثَنَّاة أَوَّله وَآخِره ذَال مُعْجَمَة أَيْ : مَكَّة لَا تَعْصِم الْعَاصِيَ عَنْ إِقَامَة الْحَدّ عَلَيْهِ ‏ ‏قَوْله : ( وَلَا فَارًّا ) ‏ ‏بِالْفَاءِ وَالرَّاء الْمُشَدَّدَة أَيْ : هَارِبًا عَلَيْهِ دَم يَعْتَصِم بِمَكَّة كَيْلَا يُقْتَصّ مِنْهُ. ‏ ‏قَوْله : ( بِخَرْبَةٍ ) ‏ ‏بِفَتْحِ الْمُعْجَمَة وَإِسْكَان الرَّاء ثُمَّ مُوَحَّدَة يَعْنِي السَّرِقَة كَذَا ثَبَتَ تَفْسِيرهَا فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِيّ , قَالَ اِبْن بَطَّال : الْخُرْبَة بِالضَّمِّ الْفَسَاد , وَبِالْفَتْحِ السَّرِقَة. وَقَدْ تَشَدَّقَ عَمْرو فِي الْجَوَاب وَأَتَى بِكَلَامٍ ظَاهِره حَقّ لَكِنْ أَرَادَ بِهِ الْبَاطِل , فَإِنَّ الصَّحَابِيّ أَنْكَرَ عَلَيْهِ نَصْب الْحَرْب عَلَى مَكَّة فَأَجَابَهُ بِأَنَّهَا لَا تَمْنَع مِنْ إِقَامَة الْقِصَاص , وَهُوَ صَحِيح إِلَّا أَنَّ اِبْن الزُّبَيْر لَمْ يَرْتَكِب أَمْرًا يَجِب عَلَيْهِ فِيهِ شَيْء مِنْ ذَلِكَ , وَسَنَذْكُرُ مَبَاحِث هَذَا الْحَدِيث فِي كِتَاب الْحَجّ , وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِيهِ مِنْ الِاخْتِلَاف فِي الْقِتَال فِي الْحَرَم إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى. وَفِي الْحَدِيث شَرَف مَكَّة , وَتَقْدِيم الْحَمْد وَالثَّنَاء عَلَى الْقَوْل الْمَقْصُود , وَإِثْبَات خَصَائِص الرَّسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتِوَاء الْمُسْلِمِينَ مَعَهُ فِي الْحُكْم إِلَّا مَا ثَبَتَ تَخْصِيصه بِهِ , وَوُقُوع النَّسْخ , وَفَضْل أَبِي شُرَيْح لِاتِّبَاعِهِ أَمْر النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّبْلِيغِ عَنْهُ وَغَيْر ذَلِكَ. ‏



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!