المكتبة الأكبرية: موسوعة الحديث الشريف: (صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (10)]
(صحيح البخاري) - [الحديث رقم: (10)]
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ قَالَ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ
قَوْله : ( حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَة ) هُوَ بُرَيْد بِالْمُوَحَّدَةِ وَالرَّاء مُصَغَّرًا , وَشَيْخه جَدّه وَافَقَهُ فِي كُنْيَته لَا فِي اِسْمه , وَأَبُو مُوسَى هُوَ الْأَشْعَرِيّ. قَوْله : ( قَالُوا ) رَوَاهُ مُسْلِم وَالْحَسَن بْن سُفْيَان وَأَبُو يَعْلَى فِي مُسْنَدَيْهِمَا عَنْ سَعِيد بْن يَحْيَى بْن سَعِيد شَيْخ الْبُخَارِيّ بِإِسْنَادِهِ هَذَا بِلَفْظِ "" قُلْنَا "" , وَرَوَاهُ اِبْن مَنْدَهْ مِنْ طَرِيق حُسَيْن بْن مُحَمَّد الْغَسَّانِيّ أَحَد الْحُفَّاظ عَنْ سَعِيد بْن يَحْيَى هَذَا بِلَفْظِ "" قُلْت "" , فَتَعَيَّنَ أَنَّ السَّائِل أَبُو مُوسَى , وَلَا تَخَالُف بَيْن الرِّوَايَات لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ صَرَّحَ وَفِي رِوَايَة مُسْلِم أَرَادَ نَفْسه وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الصَّحَابَة , إِذْ الرَّاضِي بِالسُّؤَالِ فِي حُكْم السَّائِل , وَفِي رِوَايَة الْبُخَارِيّ : أَرَادَ أَنَّهُ وَإِيَّاهُمْ. وَقَدْ سَأَلَ هَذَا السُّؤَال أَيْضًا أَبُو ذَرّ , رَوَاهُ اِبْن حِبَّانَ. وَعُمَيْر بْن قَتَادَة , رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ. قَوْله : ( أَيّ الْإِسْلَام ) إِنْ قِيلَ الْإِسْلَام مُفْرَد , وَشَرْط أَيّ أَنْ تَدْخُل عَلَى مُتَعَدِّد. أُجِيبَ بِأَنَّ فِيهِ حَذْفًا تَقْدِيره : أَيّ ذَوِي الْإِسْلَام أَفْضَل ؟ وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة مُسْلِم : أَيّ الْمُسْلِمِينَ أَفْضَل ؟ وَالْجَامِع بَيْن اللَّفْظَيْنِ أَنَّ أَفْضَلِيَّة الْمُسْلِم حَاصِلَة بِهَذِهِ الْخُصْلَة. وَهَذَا التَّقْدِير أَوْلَى مِنْ تَقْدِير بَعْض الشُّرَّاح هُنَا : أَيّ خِصَال الْإِسْلَام. وَإِنَّمَا قُلْت إِنَّهُ أَوْلَى لِأَنَّهُ يَلْزَم عَلَيْهِ سُؤَال آخَر بِأَنْ يُقَال : سُئِلَ عَنْ الْخِصَال فَأَجَابَ بِصَاحِبِ الْخُصْلَة , فَمَا الْحِكْمَة فِي ذَلِكَ ؟ وَقَدْ يُجَاب بِأَنَّهُ يَتَأَتَّى نَحْو قَوْله تَعَالَى ( يَسْأَلُونَك مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْر فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ) الْآيَة , وَالتَّقْدِير "" بِأَيِّ ذَوِي الْإِسْلَام "" يَقَع الْجَوَاب مُطَابِقًا لَهُ بِغَيْرِ تَأْوِيل. وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ بَعْض خِصَال الْمُسْلِمِينَ الْمُتَعَلِّقَة بِالْإِسْلَامِ أَفْضَل مِنْ بَعْض حَصَلَ مُرَاد الْمُصَنِّف بِقَبُولِ الزِّيَادَة وَالنُّقْصَان , فَتَظْهَر مُنَاسَبَة هَذَا الْحَدِيث وَاَلَّذِي قَبْله لِمَا قَبْلهمَا مِنْ تَعْدَاد أُمُور الْإِيمَان , إِذْ الْإِيمَان وَالْإِسْلَام عِنْده مُتَرَادِفَانِ , وَاَللَّه أَعْلَم. فَإِنْ قِيلَ : لِمَ جَرَّدَ "" أَفْعَل "" هُنَا عَنْ الْعَمَل ؟ أُجِيبَ بِأَنَّ الْحَذْف عِنْد الْعِلْم بِهِ جَائِز , وَالتَّقْدِير أَفْضَل مِنْ غَيْره. ( تَنْبِيه ) هَذَا الْإِسْنَاد كُلّه كُوفِيُّونَ. وَيَحْيَى بْن سَعِيد الْمَذْكُور اِسْم جَدّه أَبَان بْن سَعِيد بْن الْعَاصِ بْن سَعِيد بْن الْعَاصِ بْن أُمَيَّة الْأُمَوِيّ , وَنَسَبَهُ الْمُصَنِّف قُرَشِيًّا بِالنِّسْبَةِ الْأَعَمِّيَّة. يُكَنَّى أَبَا أَيُّوب. وَفِي طَبَقَته يَحْيَى بْن سَعِيد الْقَطَّان , وَحَدِيثه فِي هَذَا الْكِتَاب أَكْثَر مِنْ حَدِيث الْأُمَوِيّ , وَلَيْسَ لَهُ اِبْن يَرْوِي عَنْهُ يُسَمَّى سَعِيدًا فَافْتَرَقَا. وَفِي الْكِتَاب مِمَّنْ يُقَال لَهُ يَحْيَى بْن سَعِيد اِثْنَانِ أَيْضًا , لَكِنْ مِنْ طَبَقَة فَوْق طَبَقَة هَذَيْنِ , وَهُمَا يَحْيَى بْن سَعِيد الْأَنْصَارِيّ السَّابِق فِي حَدِيث الْأَعْمَال أَوَّل الْكِتَاب , وَيَحْيَى بْن سَعِيد التَّيْمِيّ أَبُو حَيَّان , وَيَمْتَاز عَنْ الْأَنْصَارِيّ بِالْكُنْيَةِ. وَاَللَّه الْمُوَفِّق.