موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

استعراض الفقرات الفصل الأول في المعارف الفصل الثانى في المعاملات الفصل الرابع في المنازل
مقدمات الكتاب الفصل الخامس في المنازلات الفصل الثالث في الأحوال الفصل السادس في المقامات
الجزء الأول الجزء الثاني الجزء الثالث الجزء الرابع
يرجى زيارة هذا الموقع المخصص لكتاب الفتوحات المكية

الفتوحات المكية - طبعة بولاق الثالثة (القاهرة / الميمنية)

الباب:
فى معرفة منزل اشتراك عالم الغيب وعالم الشهادة من الحضرة الموسوية
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
 

الصفحة 659 - من الجزء الثاني (عرض الصورة)


futmak.com - الفتوحات المكية - الصفحة  - من الجزء

وقد أبنت لك ما فيه كفاية فإنه تلويح يغني عن التصريح‏

[علامة عمل السعادة أن يستعمل الإنسان في الحضور مع الله‏]

وأما أعمال السعادة فعلاماتها أن يستعمل الإنسان في الحضور مع الله في جميع حركاته وممكناته وأن تكون مشاهدة نسبة الأفعال إلى الله تعالى من حيث الإيجاد والارتباط المحمود منها وأما الارتباط المذموم منها فإن نسبه إلى الله فقد أساء الأدب وجهل علم التكليف وبمن تعلق ومن المكلف الذي قيل له افعل إذ لو لم يكن للمكلف نسبة إلى الفعل بوجه ما لما قيل له افعل وكانت الشريعة كلها عبثا وهي حق في نفسها فلا بد أن يكون للعبد نسبة صحيحة إلى الفعل من تلك النسبة قيل له افعل وليس متعلقها الإرادة كالقائلين بالكسب وإنما هو سبب اقتداري لطيف مدرج في الاقتدار الإلهي الذي يعطيه الذليل كاندراج نور الكواكب في نور الشمس فتعلم بالدليل أن للكواكب نورا منبسطا على الأرض لكن ما ندركه حسا لسلطان نور الشمس كما يعطي الحس في أفعال العباد إن الفعل لهم حسا وشرعا وأن الاقتدار الإلهي مندرج فيه يدركه العقل ولا يدركه الحس كاندراج نور الشمس في نور الكواكب فإن نور الكواكب هو عين نور الشمس والكواكب لها مجلى فالنور كله الشمس والحس يجعل النور للكواكب فيقول قد اندرج نور الكواكب في نور الشمس وعلى الحقيقة ما ثم إلا نور الشمس فاندرج نوره في نفسه إذ لم يكن ثم نور غيره والمرائي وإن كان لها أثر فليس ذلك من نورها وإنما النور يكون له أثر من كونه بلا واسطة في الكون ويكون له أثر آخر في مرآة تجليه بحكم يخالف حكمه من غير تلك الواسطة فنور الشمس إذا تجلى في البدر يعطي من الحكم ما لا يعطيه من الحكم بغير البدر لا شك في ذلك كذلك الاقتدار الإلهي إذا تجلى في العبيد فظهرت الأفعال عن الخلق فهو وإن كان بالاقتدار الإلهي ولكن يختلف الحكم لأنه بوساطة هذا المجلى الذي كان مثل المرآة لتجليه وكما ينسب النور الشمسي إلى البدر في الحس والفعل لنور البدر وهو للشمس فكذلك ينسب الفعل للخلق في الحس والفعل إنما هو لله في نفس الأمر ولاختلاف الأثر تغير الحكم النوري في الأشياء فكان ما يعطيه النور بوساطة البدر خلاف ما يعطيه بنفسه بلا واسطة كذلك يختلف الحكم في أفعال العباد ومن هنا يعرف التكليف على من توجه وبمن تعلق وكما تعلم عقلا إن القمر في نفسه ليس فيه من نور الشمس شي‏ء وأن الشمس ما انتقلت إليه بذاتها وإنما كان لها مجلى وأن الصفة لا تفارق موصوفها والاسم مسماه كذلك العبد ليس فيه من خالقه شي‏ء ولا حل فيه وإنما هو مجلى له خاصة ومظهر له وكما ينسب نور الشمس إلى البدر كذلك ينسب الاقتدار إلى الخلق حسا والحال الحال وإذا كان الأمر بين الشمس والبدر بهذه المثابة مع الخفاء وإنه لا يعلم ذلك كل أحد فما ظنك بالأمر الإلهي في هذه المسألة مع الخلق أخفى وأخفى فمن وقف على هذا العلم فهو من أعلى علامات السعادة وفقد مثل هذا من علامات الشقاء وأريد بهذا سعادة الأرواح وشقاوتها المعنوية وإنما السعادة الحسية والشقاوة فعلاماتهما الأعمال المشروعة بشروطها وهو الإخلاص قال تعالى أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ وقال وما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا الله مُخْلِصِينَ ويكفي هذا القدر من العلامات مجملا والله الموفق لا رب غيره‏

[أما خيبة المعتمد على الأمور التي نصبها الله للاعتماد عليها]

وأما خيبة المعتمد على الأمور التي نصبها الله للاعتماد عليها ولما ذا يخيب صاحبها مع كون الحق نصبها لهذا الأمر وأهلها له فاعلم أيها الأخ الولي أن الأمور التي نصبها الحق للاعتماد عليها ما خرجت عنه ولكن جعلها هذا الخائب أربابا من دون الله فاعتمد عليها لذواتها لا على من جعلها فاضربه الجهل كما ذكرناه آنفا فالآثار الظاهرة عن نور الشمس في مرآة البدر إذا نظر فيه الناظر واعتمد على الشمس في ذلك من حيث هذا المجلى الخاص الذي ربط الله الأثر به فهذا لا يخيب فاته أعطى الأمر حقه وهذا لا ينكسف البدر في حقه أبدا والذي يخيب هو الذي ينكسف البدر في حقه فيبقى في ظلمة جهله مع وجود ذات المرآة القمرية فيكون هذا الخائب مع ذلك المظهر في الظلمات فإن القمر قد حجب في حق هذا الشخص الذي كان يعتمد عليه إِنَّكُمْ وما تَعْبُدُونَ من دُونِ الله حَصَبُ جَهَنَّمَ وهي الظلمة فإن الظلمة جهنم وأية ظلمة وأي جهنم أعظم من الجهل وبها شبه الله في قوله أَوْ كَظُلُماتٍ فقال ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ وهو جهل على جهل وهو من جهل ولا يعلم أنه جهل فنفى عنه إن يقارب رؤية يده فكيف إن يراها وأدخل اليد هنا دون غيرها لأنها محل وجود الاقتدار وبها يقع الإيجاد أي إذا أخرج اقتداره ليراه لم يقارب رؤيته لظلمة الجهل لأنه لو رآه لرآه عين الاقتدار الإلهي أ لا تراه إذا أخرجه في‏


مخطوطة قونية
5991
5992
5993
5994
5995
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  
  الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

ترقيم الصفحات موافق لطبعة القاهرة (دار الكتب العربية الكبرى) - المعروفة بالطبعة الميمنية. وقد تم إضافة عناوين فرعية ضمن قوسين مربعين.

 

البحث في كتاب الفتوحات المكية

الصفحة 659 - من الجزء الثاني (اقتباسات من هذه الصفحة)

[الباب: 560] - فى وصية حكمية ينتفع بها المريد السالك والواصل ومن وقف عليها إن شاء الله تعالى (مقاطع فيديو مسجلة لقراءة هذا الباب)



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!