المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

تنبيهات على علو الحقيقة المحمدية العليّة
ينسب للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
![]() |
![]() |
التنبيه الرابع
اعلم أن الحق تعالى لما تجلى بذاته لذاته بأنوار السبحات الوجهية من كونه عالما ومريدا، فظهرت الأرواح المهيمنة بين الجلال والجمال، وخلق - في الغيب المستور الذي لا يمكن كشفه لأحد من المخلوقين - العنصر الأعظم، وكان هذا الخلق دفعة واحدة من غير ترتيب سببي، وما منهم روح يعرف أن ثم سواه، لفنائه في الحق بالحق .
ثم إنه تعالى أوجد بتجل آخر من غير تلك المرتبة المتقدمة :
أرواحا متحيزة في أرض بيضاء، وهيمهم فيها بالتسبيح والتقديس، لا يعرفون أن اللّه تعالى خلق سواهم .
وكل منهم على مقام من العلم باللّه تعالى والحال .
وهذه الأرض خارجة عن عالم الطبيعة، وسميت أرضا نسبة مكانية لهذه الأرواح المتحيزة، ولا يجوز عليها التبديل ، ولا يجوز كذلك أبد الآباد، لما سبق في علم اللّه تعالى .
وللإنسان الكامل في هذه الأرض: مثال، وله فيهم حظ، وله في الأرواح [ الأولى ] مثال الآخر، وهو في كل عالم على مثال ذلك العالم .
ثم إن هذا العنصر الأعظم: له إلتفاتة مخصوصة إلى عالم التدوين والتسطير، ولا وجود لذلك العالم في العين، وهذا العنصر المشار إليه: أكمل موجود في العالم .
ولولا عهد الستر الذي أخذ على أهل هذه الطريقة لبسطنا الكلام فيه، وبينا كيفية تعلق كل ما سوى اللّه تعالى به، فأوجد ما قال الوارد عند تلك الإلتفاتة: “ العقل الأول “، وقيل فيه “ الأول “، لأنه أول عالم التدوين والتسطير .
وتلك الإلتفاتة، إنما كانت للحقيقة الإنسانية، التي لها الكمال من هذا العالم، فكان المقصود من خلق العقل وغيره إلى أسفل عالم المركز: أسبابا مقدمة لترتيب نشأته - كما سبق في العلم - ومملكته ممتدة، قائمة القواعد له صلى الله عليه وسلم، لأنه عند ظهوره يظهر بصورة الخلافة والنيابة عن اللّه تعالى، فلا بد من تقدم وجود العالم - الذي هو مملكته - عليه، وأن يكون هو آخر موجود بالفعل، وإن كانت له الأولية بالقصد .
فعين الحقيقة المحمدية هي المقصودة، وإليه توجهت العناية الكلية، فهو عين الجمع والوجود، والنسخة العظمى، والمختصر الأشرف الأكمل في مبانيه صلى الله عليه وسلم .
![]() |
![]() |