المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

فصوص الحكم وخصوص الكلم
للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
![]() |
![]() |
ولهذا الكرْب تنفس، فنسب النَّفَسَ إلى الرحمن لأنه رحم به ما طلبته النسب الإلهية من إيجاد صور العالم التي قلنا هي ظاهر الحق «12» إذ هو الظاهر، وهو باطنها إذ هو الباطن، وهو الأول إذ كان ولا هي، وهو الآخر إذ كان عينها عند ظهورها.
فالآخر عين الظاهر والباطن عين الأول، و«هُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» لأنه بنفسه عليم.
فلما أوجد الصور في النَّفَس وظهر سلطان النسب المعبر عنها بالأسماء صحَّ النَّسب الإلهي للعالَم فانتسبوا إليه تعالى فقال: «اليوم أضع نسبكم وأرفع نسبي» أي آخذ «1» عنكم انتسابكم إلى أنفسكم وأردكم إلى انتسابكم إليّ. أين المتقون؟ أي الذين اتخذوا الله وقاية فكان الحق ظاهرهم أي عين صورهم الظاهرة، وهو أعظم الناس وأحقه وأقواه عند الجميع. وقد «2» يكون المتقي من جعل نفسه وقاية للحق بصورته إذ هوية الحق قوى العبد. فجعل مسمى العبد وقاية لمسمى الحق على الشهود حتى يتميز العالمُ من غير العالم. «قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ والَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ» وهم الناظرون في لب الشيء الذي هو المطلوب من الشيء. فما سبق مقصر مجدّاً كذلك لا يماثل أجيرٌ عبداً. وإذا كان الحق وقاية للحق بوجه والعبد وقاية للحق بوجه فقل في الكون ما شئت: إن شئت قلت هو الخلق، وإن شئت قلت هو الحق، وإن شئت قلت هو الحق الخلق، وإن شئت قلت لا حق من كل وجه ولا خلق من كل وجه، وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك فقد بانت المطالب بتعيينك المراتب. ولو لا التحديد ما أخبرت الرسل بتحول الحق في الصور ولا وَصَفَتْهُ بخلع الصور عن نفسه «13».
(1) ب: أنا آخذ
(2) قد ساقطة في ب
![]() |
![]() |