(مكة-حلب-سيواس-ملطية-قونية-ملطية-حلب-ملطية-حلب-ملطية-حلب-دمشق)

ثم ابتدأ الشيخ محي الدين دورة رابعة (وربما أخيرة) من الترحال. فمن مكة ذهب إلى حلب (ربما مروراً بالمدينة المنورة ودمشق) ومنها إلى سيواس ثم إلى ملطية ومنها إلى قونية ثم إلى ملطية مرة أخرى، بعدها ذهب عدة مرات بين ملطية وحلب قبل أن يغادر ملطية نهائيا متوجها إلى حلب ثم إلى دمشق ليستقر فيها.

حلب (611/1114)

وبعد أن قضى الشيخ محي الدين مناسك الحج وفي نفس السنة سنة 611 نجده في حلب، يلقي بعض الدروس في بيت تلميذه ابن سودكين ويقرأ على المريدين كتاب التجليات. ومن أهم الأعمال التي قام بها أيضاً في هذه الفترة كتابته تعليقا يشرح فيه ديوانه ترجمان الأشواق الذي سبّب انتقادات واسعة لدى فقهاء حلب.

اعتراض بعض فقهاء حلب على ترجمان الأشواق (حلب 611/1114)

لقد ذكرنا أعلاه كيف وصف الملك الظاهر الفقهاء في حلب وأنهم كانوا يسعون وراء الجاه وحب السلطان. ولذلك فلا يُستبعد من بعض الفقهاء الذين غلبت عليهم الدنيا وتمسكوا بقشور العلم من أجل الوصول إلى أهدافهم الدنيوية، لا يستبعد منهم الإنكار على الشيخ الأكبر رضي الله عنه وخاصة في كتابه الشهير "ترجمان الأشواق"، الذي سجّل فيه أروع قصائد الحب التي يبدو ظاهرها متفرّغا في الغزل والنسيب ولكنها تحمل بالإضافة إلى ذلك معانٍ روحيةٍ رفيعةٍ كما وضح الشيخ محي الدين بعد ذلك من خلال شرحه لهذا الكتاب الذي سمّاه ذخائر الأعلاق في شرح ترجمان الأشواق.

ذخائر الأعلاق (حلب، 611/1114)

ولقد تكلمنا من قبل على كتاب ترجمان الأشواق وسبب تأليفه، ولا نعيد هنا، ولكننا نذكر ما ذكره الشيخ محي الدين في بداية كتاب "ذخائر الأعلاق في شرح ترجمان الأشواق" أن سبب شرحه لهذه الأبيات هو أن صاحبيه بدر الحبشي وإسماعيل بن سودكين طلبا منه ذلك لأنهما سمعا بعض الفقهاء بمدينة حلب ينكرون أن هذا من الأسرار الإلهية، ويقولون أن الشيخ يتستر بهذه الدعوى لكونه منسوباً إلى الصلاح والدين.

ثم يذكر الشيخ محي الدين أنه بعد أن كتب هذا الشرح قرأ بعضَه القاضي ابن العديم (وهو المؤرّخ الشهير الذي كتب "بغية الطلب في تاريخ حلب" كما ذكرنا أعلاه) بحضرة جماعة من الفقهاء، فلما