موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

كتاب شمس المغرب

سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه

جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


الفقه وغيره من العلوم، ثم اختار بعد ذلك العزلة وآثر الانفراد والخلوة، ولزم العبادة واجتهد فيها إلى آخر عمره. قيل أنه ورث من أمه داراً فكان ينتقل في بيوت الدار كلما خرب بيت من الدار انتقل منه إلى آخر ولم يعمّره، حتى أتى الخراب على عامّة بيوت الدار. وورث من أبيه دنانيرَ وكان ينفق منها حتى كُفّن بآخرها. وصام أربعين سنة ما علم به أهله؛ كان يحمل غداءه معه ويتصدق به في الطريق ويرجع إلى أهله يفطر عشاءً لا يعلمون أنه صائم. وكان محارب بن دثّار يقول: لو كان داود الطائي في الأمم الماضية لقصَّ الله علينا من خبره! مات داود بالكوفة سنة ستين ومائة، وقيل: سنة خمس وستين ومائة.[1]

ويبدو أن هناك علاقة وطيدة بين داود الطائي والشيخ أبي مدين الذي تأثر به الشيخ محي الدين كثيرا كما سنرى في الفصل الثالث. فقد سرده المقرِّي مؤلف كتاب "نفح الطيب" في سلسلة شيوخه الذين أخذ عنهم في سلسلة ترجع عن طريق الحسن البصري وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ومن ضمنهم أبو مدين وداود الطائي.[2] بالإضافة إلى ذلك فإن الشيخ أبا مدين قد لبس الخرقة الصوفية من شيخه أبي يعزى من سلسلة رجال فيهم داود الطائي.[3]

* ومن الطائيين أيضاً الشاعر المشهور أبو تمام وهو حبيب بن أوس بن الحارس الطائي، وهو شامي الأصل، كان بمصر في حداثته يسقي الماء في المسجد الجامع، ثم جالس الأدباء، فأخذ عنهم وتعلم منهم، وكان فطِناً فهِماً. بلغ المعتصم خبره فدعاه إليه، فقال به أبو تمام قصائد عديدة، وأجازه المعتصم، وقدمه على شعراء وقته، وقدِم بغداد وجالس الأدباء وعاشر العلماء، وكان موصوفاً بالظرف وحسن الأخلاق وكرم النفس، وفي آخر عمره ولاه الحسن بن وهب بريد الموصل، وكانت له به عناية، فأقام بها أقل من سنتين، ومات بها في جمادى الأولى سنة إحدى وثلاثين ومائتين، ودفن بها، وكانت ولادته سنة تسعين ومائة.[4] ويقول الشيخ محي الدين في "محاضرة الأبرار" أن شيخه أبا بكر بن خلف بن صاف الكومي، وهو الذي درس عليه القرآن كما سنرى في الفصل القادم، كان ينشده من شعر أبي تمام الطائي البيتين الشهيرين:

نقّل فؤادك حيث شئت من الهوى
كم منزلٍ في الأرض يألفه الفتى

ما الحبّ إلا للحبيب الأول
وحنينه أبداً لأول منزل

* وأما نوح بن درّاج الطائي، فكان قاضياً بالكوفة، يروي عن العراقيين، وروى عنه عليّ



[1] الأنساب، الإمام أبي سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي السمعاني، تقديم و تعليق عبد الله عمر البارودي، دار الجنان-بيروت، 1988: ج4ص36.

[2] نفح الطيب: ج5ص241، وكذلك: ج5ص268.

[3] انظر كتاب: تجريد التحقيق حول الفقيه المقدم وسند الخرقة والطريق، تأليف السيد حسن بن أحمد بن محمد العيدروس باعلوي، بدون ناشر، ص10.

[4] السمعاني، "الأنساب": ج4ص37.


  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!