المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة النساء: [الآية 134]
سورة النساء | ||
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذاباً أَلِيماً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (173) يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً (174)
البرهان قوي السلطان ، ولما أزال الحق بالقرآن شبه الضلالات وظلمة الشكوك وأوضح به المشكلات سماه نورا ، وكل ما جاء في معرض الدلالة فهو من كونه نورا ، لأن النور هو المنفر الظلم ، والقرآن ضياء لأن الضياء يكشف ، فكل ما أظهره القرآن فهو من أثر ضيائه ، فبالقرآن يكشف جميع ما في الكتب المنزلة من العلوم ، وفيه ما ليس فيها . فمن أوتي القرآن فقد أوتي الضياء الكامل الذي يتضمن كل علم ؛ فعلوم الأنبياء والملائكة وكل لسان علم فإن القرآن يتضمنه ويوضحه لأهل القرآن بما هو ضياء ، فهو نور من حيث ذاته لأنه لا يدرك لعزته ، وهو ضياء لما يدرك به ولما يدرك منه . فمن أعطي القرآن فقد أعطي العلم الكامل .
------------
(174) الفتوحات ج 4 / 352 - إيجاز البيان - الفتوحات ج 3 / 94 - ج 2 / 107تفسير ابن كثير:
وقوله : ( من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة ) أي : يا من ليس همه إلا الدنيا ، اعلم أن عند الله ثواب الدنيا والآخرة ، وإذا سألته من هذه وهذه أعطاك وأغناك وأقناك ، كما قال تعالى : ( فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق . ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار . أولئك لهم نصيب مما كسبوا [ والله سريع الحساب ] ) [ البقرة : 200 - 202 ] ، وقال تعالى : ( من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه [ ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب ] ) [ الشورى : 20 ] ، وقال تعالى : ( من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا . ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا . كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا . انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض [ وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا ] ) [ الإسراء : 18 - 21 ] .
وقد زعم ابن جرير أن المعنى في هذه الآية : ( من كان يريد ثواب الدنيا ) أي : من المنافقين الذين أظهروا الإيمان لأجل ذلك ، ( فعند الله ثواب الدنيا ) وهو ما حصل لهم من المغانم وغيرها مع المسلمين . وقوله : ( والآخرة ) أي : وعند الله ثواب الآخرة ، وهو ما ادخره لهم من العقوبة في نار جهنم . وجعلها كقوله : ( من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها [ نوف إليهم أعمالهم فيها ] وهم فيها لا يبخسون . أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون ) [ هود : 15 ، 16 ] .
ولا شك أن هذه الآية معناها ظاهر ، وأما تفسيره الآية الأولى بهذا ففيه نظر ; فإن قوله ( فعند الله ثواب الدنيا والآخرة ) ظاهر في حضور الخير في الدنيا والآخرة ، أي : بيده هذا وهذا ، فلا يقتصرن قاصر الهمة على السعي للدنيا فقط ، بل لتكن همته سامية إلى نيل المطالب العالية في الدنيا والآخرة ، فإن مرجع ذلك كله إلى الذي بيده الضر والنفع ، وهو الله الذي لا إله إلا هو ، الذي قد قسم السعادة والشقاوة في الدنيا والآخرة بين الناس ، وعدل بينهم فيما علمه فيهم ، ممن يستحق هذا ، وممن يستحق هذا ; ولهذا قال : ( وكان الله سميعا بصيرا )
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
ثم أخبر أن مَن كانت همته وإرادته دنية غير متجاوزة ثواب الدنيا، وليس له إرادة في الآخرة فإنه قد قصر سعيه ونظره، ومع ذلك فلا يحصل له من ثواب الدنيا سوى ما كتب الله له منها، فإنه تعالى هو المالك لكل شيء الذي عنده ثواب الدنيا والآخرة، فليطلبا منه ويستعان به عليهما، فإنه لا ينال ما عنده إلا بطاعته، ولا تدرك الأمور الدينية والدنيوية إلا بالاستعانة به، والافتقار إليه على الدوام. وله الحكمة تعالى في توفيق من يوفقه، وخذلان من يخذله وفي عطائه ومنعه، ولهذا قال: { وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ْ}
تفسير البغوي
( من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة ) يريد من كان يريد بعمله عرضا من الدنيا ولا يريد بها الله عز وجل آتاه الله من عرض الدنيا أو دفع عنه فيها ما أراد الله ، وليس له في الآخرة من ثواب ، ومن أراد بعمله ثواب الآخرة آتاه الله من الدنيا ما أحب وجزاه الجنة في الآخرة : ( وكان الله سميعا بصيرا )
الإعراب:
(مَنْ كانَ) اسم الشرط مبتدأ والفعل الناقص في محل جزم فعل الشرط (يُرِيدُ ثَوابَ الدُّنْيا) فعل مضارع ومفعوله ومضاف إليه والجملة في محل نصب خبر كان واسمها ضمير مستتر (فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوابُ الدُّنْيا) عند ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر المبتدأ ثواب الدنيا مضاف إليه والجملة في محل جزم جواب الشرط من وفعل الشرط وجوابه خبر المبتدأ من وجملة (مَنْ كانَ يُرِيدُ) مستأنفة (وَكانَ اللَّهُ سَمِيعاً بَصِيراً) سبق إعراب مثلها.