«أمراً» فرقاً «من عندنا إنا كنا مرسلين» الرسل محمداً ومن قبله.
فَضْلاً مِنْ رَبِّكَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (57)
قال عليّ رضي اللّه عنه : لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا ؛ فمن رجع إلى اللّه هذا الرجوع سعد ، وما أحسّ بالرجوع المحتوم الاضطراري ، فإنه ما جاءه إلا وهو هناك عند اللّه ، فغاية ما يكون الموت المعلوم في حقه ، أن نفسه التي هي عند اللّه يحال بينها وبين تدبير هذا الجسم الذي كانت تدبره ، فتبقى مع الحق على حالها ، وينقلب هذا الجسد إلى أصله وهو التراب الذي منه نشأت ذاته ، فكأن دارا رحل عنها ساكنها ، فأنزله الملك في مقعد صدق عنده إلى يوم يبعثون ، ويكون حاله في بعثه كذلك لا يتغير عليه حال ، من كونه مع الحق لا من حيث ما يعطيه الحق مع الأنفاس ، وهكذا في الحشر العام وفي الجنان التي هي مقره ومسكنه .
------------
(57) الفتوحات ج 3 /
223
ولهذا قال : ( أمرا من عندنا ) أي : جميع ما يكون ويقدره الله تعالى وما يوحيه فبأمره وإذنه وعلمه ، ( إنا كنا مرسلين ) أي : إلى الناس رسولا يتلو عليهم آيات الله مبينات ، فإن الحاجة كانت ماسة إليه ;
قوله تعالى: {أمرا من عندنا} قال النقاش : الأمر هو القرآن أنزله الله من عنده. وقال ابن عيسى : هو ما قضاه الله في الليلة المباركة من أحوال عباده. وهو مصدر في موضع الحال. وكذلك {رحمة ربك} وهما عند الأخفش حالان؛ تقديرهما : أنزلناه آمرين به وراحمين. المبرد {أمرا} في موضع المصدر، والتقدير : أنزلناه إنزالا. الفراء والزجاج{أمرا} نصب بـ {يفرق}، مثل قولك {يفرق فرقا} فأمر بمعنى فرق فهو مصدر، مثل قولك : يضرب ضربا. وقيل: {يفرق} يدل على يؤمر، فهو مصدر عمل فيه ما قبله. {إنا كنا مرسلين. رحمة من ربك} قال الفراء {رحمة} مفعول بـ {مرسلين}. والرحمة النبي صلى الله عليه وسلم. وقال الزجاج: {رحمة} مفعول من أجله؛ أي أرسلناه للرحمة. وقيل : هي بدل من قول. {أمرا} وقيل : هي مصدر. الزمخشري {أمرا} نصب على الاختصاص، جعل كل أمر جزلا فخما بأن وصفه بالحكيم، ثم زاده جزالة وكسبه فخامة بأن قال : أعنى بهذا الأمر أمرا حاصلا من عندنا، كائنا من لدنا، وكما اقتضاه علمنا وتدبيرنا. وفي قراءة زيد بن علي {أمر من عندنا} على هو أمر، وهي تنصر انتصابه على الاختصاص. وقرأ الحسن {رحمة} على تلك هي رحمة، وهي تنصر انتصابها بأنه مفعول له.
أقسم الله تعالى بالقرآن الواضح لفظًا ومعنى. إنا أنزلناه في ليلة القدر المباركة كثيرة الخيرات، وهي في رمضان. إنا كنا منذرين الناس بما ينفعهم ويضرهم، وذلك بإرسال الرسل وإنزال الكتب؛ لتقوم حجة الله على عباده. فيها يُقضى ويُفصل من اللوح المحفوظ إلى الكتبة من الملائكة كلُّ أمر محكم من الآجال والأرزاق في تلك السنة، وغير ذلك مما يكون فيها إلى آخرها، لا يبدَّل ولا يغيَّر. هذا الأمر الحكيم أمر مِن عندنا، فجميع ما يكون ويقدره الله تعالى وما يوحيه فبأمره وإذنه وعلمه. إنا كنا مرسلين إلى الناس الرسل محمدًا ومن قبله؛ رحمة من ربك -أيها الرسول- بالمرسل إليهم. إنه هو السميع يسمع جميع الأصوات، العليم بجميع أمور خلقه الظاهرة والباطنة. خالق السموات والأرض وما بينهما من الأشياء كلها، إن كنتم موقنين بذلك فاعلموا أن رب المخلوقات هو إلهها الحق. لا إله يستحق العبادة إلا هو وحده لا شريك له، يحيي ويميت، ربكم ورب آبائكم الأولين، فاعبدوه دون آلهتكم التي لا تقدر على ضر ولا نفع.
{ أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا } أي: هذا الأمر الحكيم أمر صادر من عندنا.
{ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ } للرسل ومنزلين للكتب والرسل تبلغ أوامر المرسل وتخبر بأقداره.
( أمرا ) أي أنزلنا أمرا ( من عندنا ) قال الفراء : نصب على معنى : فيها يفرق كل أمر فرقا وأمرا ، أي نأمر ببيان ذلك أمرا ( إنا كنا مرسلين ) محمدا - صلى الله عليه وسلم - ومن قبله من الأنبياء .
(أَمْراً) مفعول به لفعل محذوف (مِنْ عِنْدِنا) متعلقان بمحذوف صفة أمرا (إِنَّا) إن واسمها (كُنَّا مُرْسِلِينَ) كان واسمها وخبرها والجملة الفعلية خبر إنا والجملة الاسمية مستأنفة
Traslation and Transliteration:
Amran min AAindina inna kunna mursileena
As a command from Our presence - Lo! We are ever sending -
Bir iş ki katımızdan hükmolunur, şüphe yok ki biz göndermişizdir.
c'est là un commandement venant de Nous. C'est Nous qui envoyons [les Messagers],
(WIR sandten sie hinab), als Angelegenheit von Uns. Gewiß, WIR waren Entsendende
|
بيانات السورة |
اسم السورة |
سورة الدخان (Ad-Dukhan - The Smoke) |
ترتيبها |
44 |
عدد آياتها |
59 |
عدد كلماتها |
346 |
عدد حروفها |
1439 |
معنى اسمها |
(دُخَانُ) النَّارِ مَعْرُوفٌ، وَجَمْعُهُ (دَوَاخِنُ)، وَهُوَ عَلامَةٌ عَلَى الشَّرِّ وَالعَذَابِ |
سبب تسميتها |
انْفِرَادُ السُّورَةِ بِذِكْرِ آيَةِ الْعَذَابِ بِالدُّخَانِ، وَدِلَالَةُ هَذَا الْاسْمِ عَلَى الْمَقْصِدِ الْعَامِّ لِلسُّورَةِ وَمَوضُوعَاتِهَا |
أسماؤها الأخرى |
اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (الدُّخَان)، وتُسَمَّى سُورَةَ (حَمْ الدُّخَانْ) |
مقاصدها |
إِنْذَارُ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ كَفَّارٍ، وَتَخْوِيفُهُمْ بِعَذَابِ اللهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ |
أسباب نزولها |
سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُوْلِهَا جُمْلَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَحَّ لِبَعضِ آياتِهَا سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها |
هِيَ مِنْ ذَوَاتِ ﴿حمٓ ﴾، فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ رَجُلًا طَلَبَ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ أَنْ يُقْرِئَهُ القُرْآنَ، فَقَالَ: «اقرَأْ ثَلاثًا مِنْ ذَوَاتِ ﴿حمٓ ﴾». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد).
مِنَ النَّظَائِرِ التِي كَانَ يَقرَأُ بِهَا النَّبِيُّ ﷺ فِي الصَّلَوَاتِ، فَفِي حَدِيْثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه الطَّوِيْلِ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقرَأُ النَّظائِرَ؛ السُّورَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ (... والدُّخَانَ، وِإذَا الشَّمْسُ كوِّرَتْ) في رَكعَةٍ». (حَدِيثٌ صَحيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) |
مناسبتها |
مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (الدُّخَانِ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ ارْتِقَابِ سُنَّةِ اللهِ فِي المُكَذِّبِينَ، فَقَالَ فِي أَوَّلِهَا: ﴿فَٱرۡتَقِبۡ يَوۡمَ تَأۡتِي ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٖ مُّبِينٖ ١٠﴾، وَقَالَ فِي آخِرِ آيَةٍ مِنْهَا: ﴿فَٱرۡتَقِبۡ إِنَّهُم مُّرۡتَقِبُونَ ٥٩﴾.
مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (الدُّخَانِ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الزُّخْرُفِ): وَصَفَ سُبْحَانَهُ أَهْلَ البَاطِلِ بِاللَّهْوِ فِي أَوَاخِرِ (الزُّخْرُفِ) فَقَالَ: ﴿فَذَرۡهُمۡ يَخُوضُواْ وَيَلْعَبُواْ ...٨٣﴾، وَوَصَفَهُم فِي أَوَّلِ (الدُّخَانِ) فَقَالَ: ﴿بَلۡ هُمۡ فِي شَكّٖ يَلْعَبُونَ ٩﴾. |