اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية
[الخيال كصور النشور أعلاه ضيق وأسفله واسع]
وأما أصحابنا فغلطوا في هذا القرن فأكثر العقلاء جعل أضيقه المركز وأعلاه الفلك الأعلى الذي لا فلك فوقه وأن الصور التي يحوي عليها صور العالم فجعلوا واسع القرن الأعلى وضيقه الأسفل من العالم وليس الأمر كما زعموا بل لما كان الخيال كما قلنا يصور الحق فمن دونه من العالم حتى العدم كان أعلاه الضيق وأسفله الواسع وهكذا خلقه الله فأول ما خلق منه الضيق وآخر ما خلق منه ما اتسع وهو الذي يلي رأس الحيوان ولا شك أن حضرة الأفعال والأكوان أوسع ولهذا لا يكون للعارف اتساع في العلم إلا بقدر ما يعلمه من العالم ثم إنه إذا أراد أن ينتقل إلى العلم بأحدية الله تعالى لا يزال يرقى من السعة إلى الضيق قليلا قليلا فتقل علومه كلما رقى في العلم بذات الحق كشفا إلى أن لا يبقى له معلوم إلا الحق وحده وهو أضيق ما في القرن فضيقه هو الأعلى على الحقيقة وفيه الشرف التام وهو الأول الذي نظهر منه إذا أنبته الله في رأس الحيوان فلا يزال يصعد على صورته من الضيق وأسفله تسع وهو لا يتغير عن حاله