اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية
[إن الله ما خلق شيئا إلا وخلق له ضدا ومثلا وخلافا]
اعلم أيدك الله بروح منه أن الأشياء لما خلقها الله على حكم ما اقتضاه الوجود الأصل الذي هو عليه وله وجد كل ما سوى الله تعالى فما خلق شيئا إلا وخلق له ضدا ومثلا وخلافا فجعل الموافقة في الخلاف والمنافرة في الضد والمناسبة في المثل فأشد الأشياء مواصلة ومحبة واتحادا الخلاف مع مخالفه ولهذا يكون الخلاف بحسب من يخالفه ولا يتميز عن صاحبه إلا بحكمه فيتحد الخلافان بالمحل ويتميزان بالحكم فيه وأما المثل مع مثله فإن المناسبة تجمع بينهما في المودة فيحب كل مثل مثله بما فيه من مناسبة المثلية وإن لم يجتمعا فيشبه المثل الخلاف في المحبة وإن كان بينهما فرقان بالحقائق فيهما ويشبه الضد في أنهما لا يجتمعان أبدا فهما كغائب أحب غائبا وهام فيه عشقا وحكمت الموانع بأن لا يجتمعا وأما الضد مع ضده فالمنافرة بينهما ذاتية وليس بينهما المودة التي بين الخلافين فكل واحد من الضدين يريد ذهاب عين ضده من الوجود بخلاف الخلافين فالمودة التي بينهما تمنع كل واحد منهما أن يريد ذهاب عين خلافه من الوجود لكن يريد ويشتهي أن لو يمكن الاتحاد به حتى لا تقع المشاهدة إلا على واحد بعينه ويغيب فيه الآخر إيثارا من كل خلاف على نفسه لخلافه لك