اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية
[أن الوحي الإلهي إنما ينزل من مقام العزة الأحمى]
واعلم أن الوحي الإلهي إنما ينزل من مقام العزة الأحمى ولهذا لا يكون بالاكتساب لأنه لا يوصل إلى ذلك المقام بالتعمل ولو وصل إليه بالتعمل لم يتصف بالعزة فينزل الوحي لترتيب الأمور التي تقتضيها حكمة الوجود ولَوْ كانَ من عِنْدِ غَيْرِ الله لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً يخالف ترتيب حكمة الوجود وليس إلا من الله فهو في غاية الأحكام والإتقان الذي لا يمكن غيره فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه أعطاه خلقه وأنزله في منزلته التي يستحقها فانظر هذه القوة الإلهية التي أعطاها الله لمن أنزل عليه الوحي الذي لو أنزل عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً من خَشْيَةِ الله فإنهم علموا قدر من أنزله فرزقهم الله من القوة ما يطيقون به حمل ذلك الجلال فإذا سمعوا في الله ما يخالف ما تجلى لهم فيه تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً وقد سمع ذلك أهل الله ورسله وما جرى عليهم شيء من ذلك لما أعطاهم من قوة العلم إذ لا أقوى من العلم فتجلى لهم في قوله لَوْ أَرادَ الله أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً ولَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخ