اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية
[أن الله تعالى إذا ذكر شيئا بضمير الغائب فما هو غائب عنه]
واعلم أن الله تعالى إذا ذكر لك شيئا بضمير الغائب فما هو غائب عنه وإنما راعى المخاطب وهو أنت والمذكور غائب عنك فإذا ذكره بضمير الحضور من إشارة إليه وغيرها فإنما راعاك ومراعاة شهوده لا بد منها في كل حال ولكن يفرق بين ما يحكيه الله من أقوال القائلين وبين الكلام الذي يقوله من عند نفسه فإذا كان الحق سمع العبد وبصره زالت الغيبة في حق العبد فما هو عند ذلك مخاطب بما فيه ضمير غائب وقد وجد الخطاب لمن هذه صفته بضمير الغائب فكيف الأمر قلنا لما كان العبد المنزل عليه القرآن مأمورا بتبليغه إلى المكلفين وتبيينه للناس ما نزل إليهم ومن الأشياء ما هي مشهودة لهم وغائبة عنهم ولم يؤمر أن يحرف الكلم عن مواضعه بل يحكي عن الله كما حكى الله له قول القائلين وقولهم يتضمن الغيبة والحضور فما زاد على ما قالوه في حكايته عنهم وقيل له بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ فلم يعدل عن صورة ما أنزل إليه فقال ما قيل له فإنه ما نزلت المعاني على قلبه من غير تركيب هذه الحروف وترتيب هذه الكلمات ونظم هذه الآيات وإنشاء هذه السور المسمى هذا كله قرآنا فلما أقام الله نشأة القرآن صورة في نفسها أظهرها كما شاهدها فأبصرتها الأبصار في المصا