اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية
[أن الله تعالى خلق جميع من خلق في مقام الذلة والافتقار]
اعلم أيدك الله أن الله تعالى خلق جميع من خلق في مقام الذلة والافتقار وفي مقامه المعين له فلم يكن لأحد من خلق الله من هؤلاء ترق عن مقامه الذي خلق فيه إلا الثقلين فإن الله خلقهم في مقام العزة وفي غير مقامهم الذي ينتهون إليه عند انقطاع أنفاسهم التي لهم في الحياة الدنيا فلهم الترقي إلى مقاماتهم التي تورثهم الشهود والنزول إلى مقاماتهم التي تورثهم الوقوف خلف الحجاب فهم في برزخ النجدين إِمَّا شاكِراً فيعلو وإِمَّا كَفُوراً فيسفل قال تعالى وما خَلَقْتُ الْجِنَّ والْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ما قال إلا في العبادة فلما جعل العبادة بأيديهم وجعلها المقصود منه بخلقهم فمنهم من قام بما قصد له فكان طائعا مطيعا لأمر الله الوارد عليه بالأعمال والعبادة فإنه قال لهم اعبدون كما أخبر إِنَّنِي أَنَا الله لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي هذا أمر بعبادة وأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي هذا أمر بعمل والعمل ما هو عبادة فالعمل صورة والعبادة روحها فالعبادة مقبولة عند الله على كل حال اقترنت بعمل أو لم تقترن والعمل لغير عبادة لا يقبل على كل حال من حيث القاصد لوقوعه الذي هو النفس المكلفة لكن من حيث إن العمل صدر من