اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية
[إن لله جودا مقيدا وجودا]
فاعلم إن لله جودا مقيدا وجودا مطلقا فإنه سبحانه قد قيد بعض جوده بالوجود فقال كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أي أوجب وفرض على نفسه الرحمة لقوم خواص نعتهم بعمل خاص وهو أنه من عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ من بَعْدِهِ وأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ فهذا جود مقيد بالوجوب لمن هذه صفته وهو عوض عن هذا العمل الخاص والتوبة والإصلاح من الجود المطلق فجلب جوده بجوده فما حكم عليه سواه ولا قيده غيره والعبد بين الجودين عرض زائل وعرض ماثل قال سهل بن عبد الله عالمنا وامامنا لقيت إبليس فعرفته وعرف مني أني عرفته فوقعت بيننا مناظرة فقال لي وقلت له وعلا بيننا الكلام وطال النزاع بحيث إن وقفت ووقف وحرت وحار فكان من آخر ما قال لي يا سهل الله عز وجل يقول ورَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فعم ولا يخفى عليك إني شيء بلا شك لأن لفظة كل تقتضي الإحاطة والعموم وشيء أنكر النكرات فقد وسعتني رحمته قال سهل فو الله لقد أخرسني وحيرني بلطافة سياقه وظفره بمثل هذه الآية وفهم منها ما لم نفهم وعلم منها ومن دلالتها ما لم نعلم فبقيت حائرا متفكرا وأخذت أتلو الآية في نفسي فلما جئت إلى قوله تعا