اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية
[إحراق النار بالطبع]
واعلم أن هذا المنزل يتضمن علم عقل ما ليس بحيوان في الإدراك الحس العادي عن الله تعالى ما يأمره به مثل قوله تعالى إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ والْأَرْضِ والْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وقوله تعالى فَقالَ لَها ولِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ فجمعهما جمع من يعقل وأثبت لها ما أثبت للحي العالم السميع القادر وقوله تعالى عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ فأخبر أنها مسلطة ولا يقبل التسليط إلا من يعقل وأنها محرقة بالطبع فإنه لو لم تحرق بالطبع ما قبلت الإرسال على الكفار إذ لو كان الحرق فيها بغير الطبع لما تصورت منها المخالفة لأن المخالف إنما هو الاحتراق فهو أمر آخر يفتقر وجوده إلى إيجاد موجدة والحق ما خاطب إلا النار والإحراق عرض والعرض يفتقر إلى وجود في غير عين النار فإنه إن وجد في النار فإنه لا ينتقل إلى الجسم المسلط عليه النار لأن العرض لا ينتقل إذ لو انتقل لخلا عن المحل وقام بنفسه والعرض لا يقوم بنفسه فمن المحال تحريق الجسم المحرق بالنار فيكون خطاب النار بالإحراق عبثا وقد وقع الخطاب على النار بالتسليط فعلى من وقع فبطل إن يكون الحق يتكل