اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية
[اختلاف الشرب باختلاف المشروب]
واعلم أن الشرب يختلف باختلاف المشروب فإن كان المشروب نوعا واحدا فإنه يختلف باختلاف أمزجة الشاربين وهو استعدادهم فمن الناس من يكون مشروبه ماء ومنهم من يكون مشروبه لبنا ومنهم من يكون مشروبه خمرا ومنهم من يكون مشروبه عسلا بحسب الصورة التي يتجلى فيها ذلك العلم فإن هذه الأصناف صور علوم مختلفة قد ذكرناها في جزء لنا سميناه مراتب علوم الوهب ودليلنا على ما قلناه إنها علوم رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم
فإنه قال أريت كأني أوتيت بقدح لبن فشربت منه حتى رأيت الري يخرج من أظافري ثم أعطيت فضلي عمر قالوا فما أولته يا رسول الله قال العلم
فهذا علم تجلى في صورة لبن كذلك تتجلى العلوم في صور المشروبات ولما كانت الجنة دار الرؤية والتجلي وما ذكر الله فيها سوى أربعة أنهار أَنْهارٌ من ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وأَنْهارٌ من لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وأَنْهارٌ من خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وأَنْهارٌ من عَسَلٍ مُصَفًّى علمنا قطعا إن التجلي العلمي لا يقع إلا في أربع صور ماء ولبن وخمر وعسل ولكل تجل صنف مخصوص من الناس وأحوال مخصوصة في الشخص الواحد فمنه ما هو لأصحاب المنابر وهم الرسل ومنه ما هو لأص