اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية
[التخلي اختيار الخلوة والإعراض عن كل ما يشغل عن الحق]
اعلم أن التخلي بالخاء المعجمة عند القوم اختيار الخلوة والإعراض عن كل ما يشغل عن الحق وعندنا التخلي عن الوجود المستفاد لأنه في الاعتقاد هكذا وقع وفي نفس الأمر ليس إلا وجود الحق والموصوف باستفادة الوجود هو على أصله ما انتقل من إمكانه فحكمه باق وعينه ثابتة والحق شاهد ومشهود فإنه تعالى لا يصح أن يقسم بما ليس هو لأن المقسوم به هو الذي ينبغي له العظمة فما أقسم بشيء ليس هو وقد ذكرنا ذلك في باب النفس بفتح الفاء فمما أقسم به وشاهِدٍ ومَشْهُودٍ فهو الشاهد والمشهود وهو ما استفاد الوجود بل هو الموجود فإن قلت فمن هذا الذي جهل هذا الأمر حتى تعلمه ولا يقبل الإعلام إلا موجود قلنا الجواب عليك من نفس اعتقادك فإنك المؤمن بأنه تعالى قال للشيء كُنْ فما خاطب ولا أمر إلا من يسمع ولا وجود له عندك في حال الخطاب فقد أسمع من لا وجود له فهو الذي يعلمه ما ليس عنده فيعلمه وهو في حال عدمه يقبل التعليم كما سمع الخطاب عندك فقبل التكوين وما هو عندنا قبوله للتكوين كما هو عندك وإنما قبوله للتكوين أن يكون مظهرا للحق فهذا معنى قوله فَيَكُونُ لا أنه استفاد وجودا إنما استفاد حكم المظهرية فيقبل التعليم كما قبل السماع لا