اقتباسات ملهمة من الفتوحات المكية
[خصوص ولاية الله في مخلوقاته]
ثم إنه تولاهم بإنزال الشرائع الصادقة المعرفة بمصالح الدنيا والآخرة ثم تولاهم بما أوجد من الرحمة فيهم التي يتعاطفون بها بعضهم على بعض في الوالدين بأولادهم في تربيتهم وبالأولاد على والديهم من البر بهم والاعتماد عليهم وبما جعل من شفقة المالكين على مماليكهم وعلى ما يملكونه من الحيوانات وتولى الحيوان بما جعل فيهم من عطف الأمهات على أولادها في كل حيوان يحتاج الولد إلى تدبير أمه وتولاهم بالأغراض ليهون عليهم المشقات ويسمى مثل هذا تسخيرا فيخرج الشخص لنيل غرضه فيما يزعم وهو من حيث التولي الإلهي ما خرج إلا في حق الغير وهو يتوهم أنه في حق نفسه كالتجار وأمثالهم فالقى في نفس التاجر المسافر طلب الربح في تجارته فقام طيبا نشيط النفس واشترى من البضاعات ما يحتاج إليه أهل ذلك البلد الذي يقصده فيجوب الأمصار ويركب البحار ويتعدى الأماكن القريبة من أجل حاجة أهل البلد الذي يقصده بما جعل الله في قلبه من ذلك بولايته فإذا وصل إلى ذلك البلد باع بربح أو خسارة ونال أصحاب تلك المدينة أغراضهم ووصلوا إلي حوائجهم وهذا المسخر يتخيل في نفسه أنه ليس بمسخر وإنما سافر ليكسب فلو خرج بنية التسخير وجعل الكسب تبعا كان