موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

فصوص الحكم وخصوص الكلم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

مع تعليقات الدكتور أبو العلا عفيفي

[نسخة أخرى فيها التعليقات فقط]
  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


وإن ما شعر به أيوب لم يكن ألم المرض الذي ابتلاه الله به، بل ألم عذاب الحجاب والجهل بالحقائق، أو يقول في الفص الموسوي إن المراد بقول فرعون‏ «لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ» لأجعلنك من المستورين لأن السين من أحرف الزوائد، فإذا حذفت من سجن بقيت «جن» ومعناها الوقاية والستر، وفي قوله (في الفص نفسه) «إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ» معناه مستور عنه علم ما سألته عنه. وكقوله في تفسير الآية «قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى‏ مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ الله، الله أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ» إن في الإمكان أن نجعل «رسل الله» مبتدأ خبره الله (الثانية) فيكون معنى الآية: وقالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي (أي الرسول): رسل الله هم الله، هو أعلم حيث يجعل رسالته! وعماده في كل ذلك أنه يتكلم بلسان الباطن، الذي هو في الحقيقة لسان مذهبه، ويترك الظاهر الذي يعبر عن عقيدة العوام. فهو يقابل دائماً بين هذين اللسانين كما يقابل بين العقل والذوق: العقل الذي هو لسان الظاهر، والذوق الذي هو لسان الباطن.

ثم إنه يتمشى مع القرآن في تسلسل آياته في القَصَص، متبعاً طريقة التأويل التي أشرنا إليها: يخرج من القصة ثم يعود إليها ثم يخرج منها ثم يعود إليها، شارحاً، معلقاً، متفلسفاً، شاطحاً أحياناً، مستطرداً في أغلب الأحيان. وكثيراً ما يكون استطراده لمناسبات لفظية بحتة، كما تكلم في الفص المحمدي عن الطيب الوارد في الحديث «حُبِّب إلي من دنياكم ثلاث النساء والطيب إلخ» فجره ذلك إلى الإفاضة، في ذكر الطّيِّب (ضد الخبيث) من الأفعال والأشياء: أي الحسن والقبيح منها، ثم عرض لمشكلة الخير والشر وحقيقة الشر ومنزلته من الوجود العام. وكما جره‏


-

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في كتاب فصوص الحكم وشروحاته

مطالعة هذه الشروحات والتعليقات على كتاب الفصوص


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!