موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

43 - مسألة [43]

اذا كان الاتحاد يصير الذاتين ذاتا واحدة فهو محال لانه ان كان عين كل واحد منهما موجود فى حال الاتحاد فهما ذاتان وان عدمت العين الواحدة وبقيت الاخرى فليس للأول حد فان كان الاتحاد بمنزلة ظهور الواحد فى مراتب العدد فيظهر العدد فقد يصح الاتحاد من هذا الوجه ويكون الدليل مخالفا للحس فيكون له وجها كالكناية عن حركة يد الكاتب حسا وبالدليل ان الله خالقها وانها اثر القدرة القديمة لا المحدثة فالوقوف على هذا القدر من المعرفة بطريق الكشف والشهود لا من طريق الفكر يسمى اتحادا.

وقد يكون الاتحاد عندنا عبارة عن حصول العبد فى مقام الانفعال عنه بهمته وتوجه ارادته لا بمباشرة ولا معالجة فبظهوره بصفة هى للحق تعالى حقيقة تسمى اتحادا لظهور حق فى صورة عبد ولظهور عبد فى صورة حق.

وقد يطلق الاتحاد فى طريقتنا لتداخل الحق فى الاوصاف والخلق فوصفنا باوصاف الكمال من الحياة والعلم والقدرة والارادة وجميع الاسماء كلها وهى له ووصف نفسه باوصاف ما هؤلنا من الصورة والعين واليد والرجل والذراع والضحك والنسيان والتعجب والتبشبش وامثال ذلك مما هو لنا فلما ظهر تداخل هذه الاوصاف بيننا وبينه سمينا ذلك اتحاد الظهورنا به وظهوره بنا فيصح قول القائل عن هذا.

انا من اهوى ومن اهوى انا