موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الحكم العطائية

للشيخ أبو الفضل تاج الدين أحمد ابن عطاء الله السكندري

مع الشرح للشيخ عبد المجيد الشرنوبي الأزهري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

لا يلزم من ثبوت الخصوصية عدم وصف البشرية , إنما مثل الخصوصية كإشراق شمس النهار , ظهرت في الأفق وليست منه ، تارة تشرق شموس أوصافه على ليل وجودك ، وتارة يقبض ذلك عنك فيردك إلى حدودك ، فالنهار ليس منك وإليك ولكنه وارد عليك .


لا يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ الخُصُوصِيَّةِ عَدَمُ وَصْفِ البَشَرِيَّةِ , إِنَّمَا مَثَلُ الخُصُوصِيَّةِ كَإِشْرَاقِ شَمْسِ النَّهَارِ , ظَهَرَتْ فِي الأُفُقِ وَلَيْسَتْ مِنْهُ ، تَارَةً تُشْرِقُ شُمُوسُ أَوْصَافِهِ عَلَى لَيْلِ وُجُودِكَ ، وَتَارَةً يَقْبِضُ ذَلِكَ عَنْكَ فَيَرُدُّكَ إِلَى حُدُودِكَ ، فَالنَّهارُ لَيْسَ مِنْكَ وإِلَيْكَ وَلَكِنَّهُ وَارِدٌ عَلَيْكَ .


يعني لا يلزم من ثبوت الخصوصية لأحد الخواص بإيصال الأوصاف العلية إليه وإظهار النعوت القدسية عليه فيتصرف في المكونات وتظهر على يده الكرامات عدم وصف البشرية بالكلية فإن الأوصاف البشرية من العجز والجهل والفقر للعبد من الأمور الذاتية . خلافاً لمن قال: إن الوصول إلى الله لا يكون إلا بذم أوصاف البشرية وزوالها بالكلية والاتصاف بصفات الربوبية فإن في ذلك من قلب الحقائق ما لا يخفى على من له أدنى روية . ولذا ضرب هنا لذلك مثلاً بقوله: إنما مثل الخصوصية كإشراق شمس النهار ظهرت في الأفق أي نواحي السماء وليست منه - أي الأفق - فالنور ليس ذاتياً له وإنما عرض لإزالة الظلمة . فكذلك الأوصاف القدسية ليست ذاتية للعبد وإنما هي عارضة على ظلمة أوصاف بشريته الذاتية لأنه تارة تشرق أوصافه تعالى التي هي .

كالشموس على وجودك الشبيه بالليل المظلم لما فيه من الأوصاف الدنيئة فتغلب عليها وتظهر خصوصيتك فتكون غنياً بالله بعد أن كنت فقيراً وقادراً بالله بعد أن كنت عاجزاً وعالماً به بعد أن كنت جاهلاً إلى غير ذلك .

وتارة يقبض ذلك عنك فيردك إلى حدودك من الفقر والعجز والجهل فلا تظهر خصوصيتك .

فالنهار الذي هو الخصوصيات التي ظهرت عليك ليس منك وإليك - أي ليس من أوصافك الذاتية - ولكنه وارد عليك من إشراق شموس أوصافه القدسية .

ثم اعلم أن القبض المذكور ليس سلباً بل هو تنبيه للقاصرين على أن الأمر كله لله ليس لهم منه شيء . ولذا ترى بعض الأولياء في بعض الأحيان عنده قوة بطش وفي بعضها يكون عاجزاً .

وهذا لا يعارض قوله السابق: ولم تأفل أنوار القلوب والسرائر لأن ما تقدم شمس المعارف وهي لم تأفل . وما هنا ظهور الخصوصية بتبديل صفات البشرية من الفقر وما معه فإنها تارة تتبدل وتارة لا ليعطي الكامل في العبودية كل وقت حقه.



  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!