موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الحكم العطائية

للشيخ أبو الفضل تاج الدين أحمد ابن عطاء الله السكندري

مع الشرح للشيخ عبد المجيد الشرنوبي الأزهري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

إنما أجرى الأذى على أيديهم كي لا تكون ساكنا إليهم ، أراد أن يزعجك عن كل شيء حتى لا يشغلك عنه شيء .


إِنَّمَا أَجْرَى الأَذَى عَلَى أَيْدِيهِمْ كَيْ لا تَكُونَ سَاكِناً إِلَيْهِم ، أَرَادَ أَنْ يُزْعِجَكَ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى لا يَشْغَلَكَ عَنْهَ شَيْءٌ .


يعني أنه سبحانه إنما أجرى الأذى لك - أيها المريد - على أيدي الخلق لأجل أن لا تكون مائلاً إليهم بقلبك . فهو في الحقيقة نعمة عليك لأنه أوصلك إلى من لا تصل النعم إلا منه إليك .

قال بعض العارفين: الصيحة من العدو سوط الله يضرب به القلوب إذا ساكنت غيره . ولولا ذلك لرقد العبد في ظل العز والجاه وهو حجاب عن الله عظيم .

وكان بعض العارفين يقول في دعائه: اللهم أن قوماً سألوك أن تسخر لهم خلقك فسخرت لهم خلقك فرضوا منك بذلك . اللهم إني أسألك اعوجاج الخلق علي حتى لا يكون لي ملجأ إلا إليك .

وقال في لطائف المنن: اعلم أن أولياء الله حكمهم في بداياتهم أن يسلط الخلق عليهم ليظهروا من البقايا وتكمل فيهم المزايا ولئلا يساكنوا هذا الخلق باعتماد أو يميلوا إليهم باستناد ومن آذاك فقد أعتقك من رق إحسانه ومن أحسن إليك فقد استرقك بوجود امتنانه . ولذلك قال صلى الله عليه و سلم: " من أسدى إليكم معروفاً فكافئوه فإن لم تقدروا فادعوا الله له " . كل ذلك ليتخلص القلب من رق إحسان الخلق وليتعلق بالملك الحق .

وقول المصنف: أراد أن يزعجك الخ بمعنى ما قبله يعني أراد أن ينفرك من كل شيء سواه حتى لا يشغلك عنه سبحانه شيء . وذلك من أكبر النعم عليك من الله .

قال أبو الحسن الشاذلي: آذاني إنسان مرة فضقت ذرعاً بذلك فنمت فرأيت يقال لي: من علامة الصديقية كثرة أعدائها ثم لا يبالي بهم.



  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!