موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الحكم العطائية

للشيخ أبو الفضل تاج الدين أحمد ابن عطاء الله السكندري

مع الشرح للشيخ عبد المجيد الشرنوبي الأزهري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو الذي أظهر كل شيء! كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو الذي ظهر بكل شيء! كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو الذي ظهر في كل شيء!كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو الذي ظهر لكل شيء! كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو الظاهر قبل وجود كل شيء! كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو أظهر من كل شيء! كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو الواحد الذي ليس معه شيء! كيف يتصور أن يحجبه شيء وهو أقرب إليك من كل شيء! وكيف يتصور أن يحجبه شيء ولولاه ما كان وجود كل شيء! يا عجبا كيف يظهر الوجود في العدم! أم كيف يثبت الحادث مع من له وصف القدم!


كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَحْجُبَهُ شَيءٌ وَهُوَ الَّذِي أَظْهَرَ كُلَّ شَيءٍ! كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَحْجُبَهُ شَيءٌ وَهُوَ الَّذِي ظَهَرَ بِكُلِّ شَيءٍ! كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَحْجُبَهُ شَيءٌ وَهُوَ الَّذِي ظَهَرَ فِي كُلِّ شَيءٍ!كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَحْجُبَهُ شَيءٌ وَهُوَ الَّذِي ظَهَرَ لِكُلِّ شَيءٍ! كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَحْجُبَهُ شَيءٌ وَهُوَ الظّاهِرُ قَبْلَ وُجودِ كُلِّ شَيءٍ! كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَحْجُبَهُ شَيءٌ وَهُوَ أَظْهَرُ مِنْ كُلِّ شَيءٍ! كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَحْجُبَهُ شَيءٌ وَهُوَ الواحِدُ الَّذِي لَيْسَ مَعَهُ شَيءٌ! كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَحْجُبَهُ شَيءٌ وَهُوَ أَقْرَبُ إلَيْكَ مِنْ كُلِّ شَيءٍ! وكَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَحْجُبَهُ شَيءٌ وَلولاهُ ما كانَ وُجودُ كُلِّ شَيءٍ! يا عَجَباً كَيْفَ يَظْهَرُ الوُجودُ في العَدَمِ! أَمْ كَيْفَ يَثْبُتُ الحادِثُ مَعَ مَنْ لَهُ وَصْفُ القِدَمِ!


كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أن يَحْجِبَهُ شيءٌ وهو أقرب إليك من كل شيء ؟ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أن يَحْجِبَهُ شيءٌ ولولاه ما كان وجودُ كل شيء ؟ يا عجباً كيف يَظْهَرُ الوجودُ في العَدَم ؟ أم كيف يثبت الحادثُ مع مَنْ له وصْفُ القِدَم ؟

بين المصنف في هذه الحكمة الأدلة التي تدل على أنه سبحانه لا يحتجب بالأكوان وأتى بها على وجه استبعاد أن يتصور ذلك في الأذهان فقال: كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أن يَحْجِبَهُ شيءٌ وهو الذي أظهر كل شيء حيث إنه هو الذي أوجده بعد العدم وما كان وجوده متوقفاً عليه لا يصح أن يحجبه وقوله: ظهر بكل شيء أي من حيث أن كل شيء يدل عليه فإن الأثر يدل على المؤثر .

وفي كل شيء له آية تدل على أنه الواحد .

قال تعالى: { سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ } ( 53 ) فصلت . وقولُه: ظهر في كل شيء أي من حيث أن الأشياء كلها مجالي ومظاهر لمعاني أسمائه فيظهر في أهل العزة معنى كونه معزاً وفي أهل الذّلة معنى كونه مذلاً وهكذا . . . وقولُه: ظهر لكل شيء أي تجلى لكل شيء حتى عرفه وسبحه . كما قال تعالى: .

{ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ } ( 44 ) الإسراء . وقولُه: وهو الظاهر قبل وجود كل شيء أي فهو الذي وجوده أزلي وأبدي فوجوده ذاتي والذاتي أقوى من العَرَضي فلا يصح أن يكون حاجباً له . وقولُه: وهو أظهر من كل شيء أي لأن الظهور المطلق أقوى من المقيد وإنما لم يُدْرك للعقول مع شدة ظهوره لأن شدة الظهور لا يطيقها الضعفاء كالخفاش يبصر بالليل دون النهار لضعف بصره لا لخفاء النهار على حد ما قيل: .

ما ضرَّ شمسَ الضحى في الأُفْقِ طالعةً أنْ لا يرى ضوءَها مَنْ ليس ذا بصر .

وقولُه: وهو الواحد الذي ليس معه شيء أي لأن كل ما سواه في الحقيقة عدم محض كما تقدم . وقد قام البرهان على وحدانيته تعالى بقوله سبحانه: { لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا } ( 22 ) الأنبياء . وقولُه: أقرب إليك من كل شيء أي بعلمه وإحاطته وتدبيره . كما قال تعالى في كتابه المجيد: { وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ } ( 16 ) سورة القرآن . وقولُه: ولولاه ما كان وجود كل شيء هو بمعنى قوله أولاً وهو الذي أظهر كل شيء . ولكون المقصود المبالغة في نفي الحجاب لم يضر هذا التكرار لأن المحل محل إطناب . ثم قال: يا عجبا كيف يَظْهَرُ الوجودُ في العَدَم أي يجتمع معه وهما ضدان . أم كيف يثبت الحادثُ مع مَنْ له وصْفُ القِدَم ؟ حتى يكون حجاباً للعظيم المنان . قال ابن عباد: وهذا الفصل من قولِه: الكون كله ظلمة إلى هنا أبدع فيه المؤلف غاية الإبداع وأتى فيه بما تقر به الأعين وتلذ به الأسماع . فإنه - رضي الله عنه - ذكر جميع متعلقات الظهور وأبطل حجابية كل ظلام ونور وأراك فيه الحق رؤية عيان وبرهان ورفعك من مقام الإيمان إلى أعلى مراتب الإحسان . كل ذلك في أوجز لفظ وأفصح عبارة وأتم تصريح وألطف إشارة . فلو لم يكن في هذا الكتاب إلا هذا الفصل لكان كافياً شافياً فجزاه الله عنا خيراً.



  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!