موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

الحكم العطائية

للشيخ أبو الفضل تاج الدين أحمد ابن عطاء الله السكندري

مع الشرح للشيخ عبد المجيد الشرنوبي الأزهري

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

الكون كله ظلمة ، وإنما أناره ظهور الحق فيه ، فمن رأى الكون ولم يشهده فيه أو عنده أو قبله أو بعده فقد أعوزه وجود الأنوار ، وحجبت عنه شموس المعارف بسحب الآثار .


الْكَوْنُ كُلُّهُ ظُلْمَةٌ ، وَإِنَّمَا أَنَارَهُ ظُهُورُ الْحَقِّ فِيهِ ، فَمَنْ رَأَى الْكَوْنَ وَلَمْ يَشْهَدْهُ فِيهِ أَوْ عِنْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَقَدْ أَعْوَزَهُ وُجُودُ الأَنْوَارِ ، وَحُجِبَتْ عَنْهُ شُمُوسُ الْمَعَارِفِ بِسُحُبِ الآَثَارِ .


أي أن الكون بالنظر إلى ذاته كلُّه ظلمة أي دم محض لأنه لا وجود له بذاته وإنما أناره أي أوجده ظهورُ الحق تعالى فيه أي ظهور إيجاد وتعريف لا ظهور حلول وتكييف بمعنى أنه تجلى عليه بذاته وقال له كن فكان وهو قادر على إعدامه في الحال والاستقبال فليس ثمَّ إلا مبدع الأكوان.

ثم أن من الناس مَنْ حجبه الكونُ أي المكونات عن المكون تعالى فلم يشهده سبحانه أي فلم يشاهد تأثيره فيه وهو الذي قد أعوزه أي فاته وجود الأنوار فصار محتاجاً لها لفقدها عنده وحجبت أي غابت عنه شموس المعارف أي المعارف التي هي كالشموس في إظهار الأشياء والكشف عن حقائقها فإضافة شموس إلى المعارف من إضافة المشبه به للمشبه كإضافة سحب إلى الآثار أي الآثار - جمع أثر - بمعنى المكوَّنات الشبيهة بالسُّحب بضمتين جمع سحاب قد منعتْ عنه المعارف الشبيهة بالشموس الكاشفة عنه الحقائق الموصلة إلى حضرة القدوس ومن الناس من لم يحجبه الكون عن المكوِّن سبحانه وتعالى بل شهده فيه بتأثيره وعنده بحفظه وتدبيره وهؤلاء الذين يشهدون الأثر والمؤثر معاً . ومنهم من شهده قبله وهم الذين يستدلون بالمؤثر على الأثر . ومنهم من شهده بعده وهم الذين يستدلون بالأثر على المؤثِّر وهذه الظروف المذكورة في كلام المصنف ليست زمانية ولا مكانية فإن الظروف من جملة الأكوان بل هي اصطلاحات ليس المراد منها ظاهرها عند ذوي العرفان وإنما تدرك بالذوق لا بالتعبير . فقف عند حدك وتمسك بقوله تعالى: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ } ( 11 ) الشورى.



  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!