موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
موقع الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

المكتبة الأكبرية

*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***

*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***

فصوص الحكم وخصوص الكلم

للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  


ثم القضاء والقدر ما شأنهما؟ أما القضاء فهو حكم الله في الأشياء أن تكون على ما هي عليه في ذاتها كما علمها أزلًا، وهو لا يعلمها إلا على نحو ما تعطيه أعيانها كما ذكرنا. وأما القدر فهو توقيت حصول الشي‏ء كما تقتضيه طبيعة عينه. فكل ما يحكم به القضاء على الأشياء إنما يحكم به بواسطة الأشياء نفسها، لا بواسطة قوة خارجة عن طبيعتها، وهذا هو الذي يسميه ابن عربي «سر القدر» (الفص العُزَيري).

وعلى هذه النظرية الجبرية يرى ابن عربي أن كل شي‏ء يقرر مصيره بنفسه من حيث إن له حظاً من الموجود لا يتعداه، وهو لا يتعداه لأن عينه الثابتة اقتضته ولم تقتض غيره، ولأن الله تعالى يعلم من الأزل أن هذا هو الأمر على ما هو عليه.

بل إن الله نفسه لا يقدر أن يغير من ذلك شيئاً لأن إرادته لا تتعلق بمستحيل.

فالمؤمن والكافر، والمطيع والعاصي، كل أولئك يظهرون في وجودهم على نحو ما كانوا عليه في ثبوتهم: أي على نحو ما كانت عليه أعيانهم الثابتة في علم الحق وفي ذاته. ولذا قال تعالى: «وَ ما ظَلَمْناهُمْ ولكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ» وقال: «وَ ما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ». يقول ابن عربي في شرح ذلك:» أي ما قدرت عليهم الكفر الذي يشقيهم ثم طالبتهم بما ليس في وسعهم أن يأتوا به، بل ما عاملناهم إلا بحسب ما علمناهم، وما علمناهم إلا بما أعطونا من نفوسهم بما هي عليه، فإن كان ظلم فهم الظالمون .. كذلك ما قلنا لهم إلا ما أعطته ذاتنا أن نقول لهم، وذاتنا معلومة لنا بما هي عليه من أن نقول كذا ولا نقول كذا. فما قلنا إلا ما علمنا أن نقول. فلنا القول منا، ولهم الامتثال وعدم الامتثال مع السماع منهم» (الفص اللوطي). ويقول أيضاً: «فلا تحمدن إلا نفسك ولا تذمَّن إلا نفسك. أما الحق فلم يبق له إلا أن تحمده على إفاضة الوجود عليك، فإن ذلك له لا لك» (الفص الابراهيمي).


-

  الصفحة السابقة

المحتويات

الصفحة التالية  

البحث في نص الكتاب

البحث في فصوص الحكم



يرجى ملاحظة أن بعض المحتويات تتم ترجمتها بشكل شبه تلقائي!