المكتبة الأكبرية
*** يرجى الملاحظة أن بعض هذه الكتب غير محققة والنصوص غير مدققة ***
*** حقوق الملكية للكتب المنشورة على هذا الموقع خاضعة للملكية العامة ***
فصوص الحكم وخصوص الكلم
للشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي
لم يحاسبه. وأرجو من الله في العلم خاصة أنه لا يحاسبه به. فإنَّ أمره لنبيه عليه السلام يطلب الزيادة من العلم عين أمره لأمته: فإن الله يقول «لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ». وأي أسوة أعظم من هذا التأسِّي لمن عقل عن الله تعالى. ولو نبَّهنا على «1» المقام السليماني على تمامه لرأيت أمراً يهولك الاطلاع عليه فإن أكثر علماء هذه الطريقة جهلوا حالة «2» سليمان ومكانته وليس الأمر كما زعموا.
17- فص حكمة وجودية في كلمة داودية «1»
اعلم أنه لما كانت النبوة والرسالة اختصاصاً إلهياً ليس فيها شيء من الاكتساب:
أعني نبوة التشريع، كما كانت عطاياه تعالى لهم عليهم السلام من هذا القبيل مواهب ليست جزاء «2»: ولا يُطْلَبُ عليها منهم جزاء. فإعطاؤه إياهم على طريق الإنعام والإفضال. فقال تعالى ووَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ ويَعْقُوبَ*- يعني لإبراهيم الخليل عليه السلام، وقال في أيوب «وَ وَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ ومِثْلَهُمْ مَعَهُمْ»، وقال في حق موسى «وَ وَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا» إلى مثل ذلك. فالذي تولاهم أوَّلًا هو الذي تولاهم في عموم أحوالهم أو أكثرها، وليس إلا اسمه الوهاب. وقال في حق داود «وَ لَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا» فلم يقرن به جزاء يطلبه منه، ولا أخبر أنه أعطاه هذا الذي ذكره «3» جزاء.
ولما طلب الشكر على ذلك العمل طلبه من آل داود ولم يتعرض لذكر داود ليشكره «4» الآل على ما أنعم به على داود. فهو في حق داود عطاء نعمة وإفضال، وفي حق آلِهِ على غير ذلك لطلب المعاوضة فقال تعالى «اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ». وإن كانت الأنبياء عليهم السلام
(1) ن: عن
(2) ا: بحالة- ن: حال
(3) ن: أعطاه
(4) ا: لشكره