كتاب شمس المغرب
سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف
هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب
ذكرنا من قبل أنه رغم كثرة تلاميذ الشيخ محي الدين الذين كانوا يتجمعون لسماع كتبه المختلفة وخاصة الفتوحات المكية، فإننا لا نجد سماعات كثيرة لهذا الكتاب المهم الذي هو فصوص الحكم. وربما أثارت هذه المشكلة فكرة مغلوطة عند البعض فقال إن هذا الكتاب قد لا يكون فعلاً للشيخ محي الدين، بل قد يكون منحولاً عليه. وهذا القول، رغم أنه أُريد به الدفاع عن الشيخ محي الدين وتنزيهه عن ما قيل في الفصوص من كلام قد يظنّ البعض أنه خارج عن العقيدة السليمة، فأقول هذا الكلام ليس له أصل من الصحة. فالإضافة إلى وجود سماع مصدق من المؤلف، فإن هناك العشرات من الشروحات التي قام بها تلاميذ الشيخ محي الدين ومنهم المقربون منه أمثال صدر الدين القونوي، وبالتالي لا يمكن أن يكون هذا الكتاب لغير الشيخ الأكبر.
أما بخصوص ما يقال على خروج الشيخ في هذا الكتاب عن أصول العقيدة الإسلامية، فهذا أمر يحتاج إلى بحث مطوّل، والحقيقة أنه ليس في كلامه خروج عن الإسلام، إنما عن المفهوم العام المتداول للإسلام، ولكن يصعب على القارئ العادي غير المتمكّن من علم الكلام والفلسفة الخوض في أصول العقيدة.
ويبدو أن هذا هو السبب الحقيقي وراء عدم قراءة الشيخ محي الدين لهذا الكتاب على عدد كبير من التلاميذ، لأنه ليس بوسع كل أحدٍ استيعاب ما فيه. فالفتوحات المكية رغم صعوبته، يعدّ كتاباً سهلاً لأي مريد فتح قلبه لعلوم الشيخ الأكبر لأن موضوعاته أبسط وأعم من الموضوعات التي طرحها الشيخ في كتبه الأخرى الأكثر تخصصاً، ولذلك لا يوجد بين أيدينا سوى سماع واحد لفصوص الحكم مقصور على تلميذه المقرب وولده المحبب صدر الدين القونوي،[1] في حين توجد عشرات السماعات للفتوحات المكية وغيرها. يضاف إلى ذلك كسبب لعدم وجود سماعات كثيرة لهذا الكتاب أنّ الشيخ محي الدين قد كتبه متأخّرا وربما يكون آخر كتاب له وذلك قبل وفاته ببضع سنوات كما رأينا أعلاه.
رثاؤه للملك العزيز ابن الملك العادل (دمشق، يوم الاثنين 10 رمضان 630)
والملك العزيز عثمان ابن العادل كان شقيق الملك المعظّم شرف الدين، الذي كان يحكم في السنوات الأولى من فترة إقامة الشيخ محي الدين ابن العربي في دمشق حتى سنة 624/1227. والملك العزيز هو الذي بَنى قلعة الصبيبة وكانت له هي وبانياس وتبنين وهونين. يقول عنه الذهبي في "تاريخ الإسلام" أنه كان عاقلاً قليل الكلام وكان تبعاً لأخيه المعظّم، توفّي ببستانه المعروف بالنّاعمة ببيت لهيا في عاشر رمضان، ودفن بالتّربة المعظّميّة بقاسيون.[2]
[1] مؤلفات ابن عربي: ص479.
[2] الذهبي: "تاريخ الإسلام": حوادث وفيات 621-630 (ص393). وترجمة الملك العزيز عثمان انظر أيضاً: "نهاية الأرب": ج19ص190، "مرآة الجنان": ج4ص69، "البداية والنهاية": ج13ص137، "النجوم الزاهرة": ج6ص281، "شذرات الذهب": ج5ص136.