كتاب شمس المغرب
سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف
هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب
سنة 643 بعد وفاة الشيخ محي الدين بعدة سنوات.[1]
الوضع الاجتماعي والديني في تلك الفترة
مثلما كان الوضعي السياسي مستقراً إلى حدّ جيد، كذلك كان الوضع الاجتماعي؛ فشهدت دمشق في هذه الفترة انتعاشاً كبيراً على صعيد الحرية الدينية وقدم إليها العديد من العلماء من شتى أنحاء العالم الإسلامي، إما لطلب العلم أو لطلب المعيشة، حيث وجدوا فيها الملاذ الآمن لهم من غير أن يتعرّض لهم أحد بسوء، بل كان أهل الشام يتلقونهم برحابة صدر وحسن ضيافة. وانتعشت حركة التصوف وخاصة في بداية حكم صلاح الدين مع أن هذا الوضع استمر طويلا في عهد خلفائه.
كان المذهب الشائع في دمشق وعموم بلاد الشام هو المذهب الشافعي، وكان من ضمن المناصب الدينية المهمة منصب قاضي القضاة الذي كان مسؤولاً عن تطبيق الشريعة الإسلامية في شتى أنحاء البلاد بالإضافة إلى الحكم في القضايا المهمة. وكان من أهم القضاة الذين تولّوا هذا المنصب محي الدين بن الزكي في عهد صلاح الدين ثم العديد من أحفاده من بعده فاشتهرت عائلة بني الزكي بهذا المنصب. وكما سنرى كان لهذه العائلة المشهورة فضل على الشيخ محي الدين حيث استضافوه عندهم حتى إنه عندما توفي دفن في تربتهم.
لماذا اختار الشيخ الأكبر دمشق
بالإضافة إلى توفر الأمن والاستقرار في دمشق أكثر من غيرها في ذلك الوقت، وكونها كانت ملاذاً آمناً للجميع من غير خوف من تمييز أو اضطهاد، فقد وردت أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه و سلم في فضل دمشق وتفضيل السكنى فيها. وقد ذكر ذلك الشيخ محي الدين في وصاياه فقال: "وإن قدرت أن تسكن بالشام فإن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثبت عنه أنه قال عليكم بالشام فإنها خيرة الله من أرضه وإليها يجتبي خيرته من عباده."
ونورد فيما يلي بعض هذه الأحاديث المؤكدة لذلك، وإنما أكثرت منها ردّاً على من ينكر أفضلية الشام وتأكيداً لوجود الأبدال كما يقول بذلك الشيخ محي الدين في الفتوحات المكية وخاصة في الباب الثالث والسبعين.
فأخرج السيوطي في الجامع الصغير أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلّم حول فضل الشام وأهلها فمنها:
"أهل الشام سوط الله تعالى في الأرض، ينتقم بهم ممن يشاء من عباده، وحرام على
[1] مرجع