كتاب شمس المغرب
سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف
هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب
وقد تقاطعت حياة جلال الدين الرومي مع حياة الشيخ محي الدين ابن العربي في أكثر من مكان، ولا نعرف بالتحديد متى حدث اللقاء بينهما، إن كان حدث. ولكن من المحتمل أن يكون مثل هذا اللقاء حدث في ملطية أو في قونية في حدود سنة 612 حيث كان عمر جلال الدين ثماني سنوات. كما لا يُستبعد لقاؤهما لاحقا في حلب أو دمشق، حيث كان جلال الدين يتلقى تعليمه هناك.
قراءة كتاب تاج الرسائل (ملطية، 10 شعبان 613/1217)
لقد ذكرنا من قبل أن الشيخ محي الدين رضي الله عنه قد ألف كتاباً سمّاه "تاج الرسائل ومنهاج الوسائل" في مكة المكرمة سنة 600، وهو الكتاب الذي يخاطب فيه الكعبة المشرّفة.
فمن السماعات التي وجدها الدكتور عثمان يحيى على هذا الكتاب سماع مؤرخ بتاريخ 10 شعبان سنة 613 في بيت الشيخ محي الدين في ملطية، وكان السامعون عبد الله بدر الحبشي وسيف الدين بن عبد الله بن محمد البغدادي والناسخ إسماعيل بن محمد بن يوسف الأنصاري.[1]
تجمّد ماء نهر الفرات
وربما هناك في ملطية شاهد الشيخ محي الدين الأمر الذي كان غريباً بالنسبة له وهو ما ذكره في الفتوحات المكية أن النهر كان يتجمد في الشتاء حيث قال إنه رأى ذلك في نهر الفرات حين يجمد في الكوانين (شهور الشتاء) ببلاد الشام يعود أرضاً يمشي عليه القوافل والناس والدواب والماء من تحت ذلك الجليد جار.[2]
موت الملك الظاهر غازي ملك حلب (حلب، 613/1216)
وفي هذه السنة في جمادى الآخر توفي الملك الظاهر غازي بن صلاح الدين يوسف بن أيوب وهو صاحب مدينة حلب ومنبج وغيرهما من بلاد الشام، وكان مرضه إسهالاً شديداً فلما اشتدت علّته عهد بالملك بعده لولدٍ له صغير اسمه محمد ولقبه "الملك العزيز غياث الدين" وكان عمره ثلاث سنين وعدل عن ولده الكبير لأن الصغير كانت أمه ابنة عمّه الملك العادل أبي بكر بن أيوب صاحب مصر ودمشق وغيرهما، من البلاد فعهد بالملك لابنه غياث الدين محمد حتى يُبقي عمّه البلاد عليه ولا ينازعه فيها.[3] وقال ابن خلدون في تاريخه إن الملك الظاهر لمّا عهد بالحكم لابنه الصغير جعل أتابكه وكافله وخادمه طغرلبك ولقبه "شهاب الدين"، وكان صاحب إحسان ومعروف فأحسن كفالة الولد وعدل في سيرته وضبط الإيالة بجميل
[1] مؤلفات ابن عربي: ص228.
[2] الفتوحات المكية: ج3ص459.
[3] الكامل في التاريخ: ج7ص298.