كتاب شمس المغرب
سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف
هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب
اختلسنا من كرا |
|
مات الكيان الأبدي |
وبذلك يتضح أن بدرا الحبشي كان أقرب صديق لابن العربي وكان أيضاً خزينة أسراره التي تسمع ولا تتكلم، فكان يطلعه على أسرار كشوفه حتى تلك التي لا يمكن كشفها لأحد، فيقول مثلا:
ولقد منحني الله سراً من أسراره بمدينة فاس سنة أربع وتسعين وخمسمائة فأذعته فإني ما علمت أنه من الأسرار التي لا تذاع، فعوتبت فيه من المحبوب، فلم يكن لي جواب إلا السكوت، إلا أني قلت له: "تولّ أنت أمر ذلك فيمن أودعته إياه إن كانت لك غيرة عليه فإنك تقدر ولا أقدر"، وكنتُ قد أودعته نحوا من ثمانية عشر رجلاً. فقال لي: "أنا أتولى ذلك"، ثم أخبرني أنه سلّه من صدورهم وسلبهم إياه، وأنا بسبتة، فقلت لصاحبي عبد الله الخادم إن الله أخبرني أنه فعل كذا وكذا فقم بنا نسافر إلى مدينة فاس حتى نرى ما ذكر لي في ذلك. فسافرت فلما جاءتني تلك الجماعة وجدت الله قد سلبهم ذلك وانتزعه من صدورهم فسألوني عنه فسكت عنهم، وهذا من أعجب ما جرى لي في هذا الباب فللّه الحمد.[2]
وكذلك لقد روى أيضاً الشيخ محي الدين عن صاحبه بدر الحبشي:
وإذا كنت في سفر وأردت التعريس بالليل فاجتنب الطريق فإن الهوام بالليل تقصد الطريق فربما يؤذيك شيء منها وقل إذا نزلت منزلاً "أعوذ بكلمات الله التامات كلها من شر ما خلق" فإنه لن يضرّك شيء ما دمت في ذلك المنزل. أخبرني صاحبي عبد الله بدر الحبشي الخادم عن الشيخ ربيع بن محمود الحطاب المارديني قال بتنا ليلة برأس العين في مسجد وبرأس العين عقارب تسمى الجرارات لا ترفع أذنابها إلا عند الضرب وهي قتالة ما ضربت أحداً فعاش فجاء شخص فبات في المسجد وذكر هذه الاستعاذة
[1] الديوان: ص23-24.
[2] الفتوحات المكية: ج2ص349.