كتاب شمس المغرب
سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف
هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب
سجع نعيد صياغته بما يناسب أنه دخل على بعض الشيوخ من أهل العناية بالرسوخ بمدينة فاس فأفاده علما بهذه المسألة وقال له احذر من الالتباس: الخلوة بالمحبوب هو المطلوب، والانفراد معه غاية الدعة، والخروج من الضيق إلى السعة، لا يفرح بهذا الانفراد إلا أهل المحبة والوداد، ما هو منفرد من هو بحبيبه متحد:
روحُه روحي وروحي روحُه |
|
إن يشأ شِئتُ وإن شِئتُ يشأ |
ثم قال: توحدت الإرادة بين الأحباب وإن تعددت الأعيان فإلى واحد المآب، الأمر عند أهل التحقيق في صادق وصديق، الصديقان يفترقان لأنهما مثلان، والمثلان ضدان، والضد مدافع فلا تنازع.[1]
الصحبة الطيّبة
وخلال فترة إقامته في فاس كان الشيخ محي الدين يتردد بشكل مستمر على الجامع الكبير بعين الخيل حيث يوجد الشيخ محمد بن قاسم التميمي كما ذكرنا أعلاه وهو إمام محدث وصوفي نقل عنه الشيخ محي الدين الكثير من الأحاديث، وكذلك لبس منه خرقة الخضر كما سنرى بعد قليل. فكان يحضر عنده دروس الحديث الشريف مع مجموعة من الأصحاب والمريدين.
فمن الأحاديث التي يرويها الشيخ محي الدين عن الشيخ التميمي هذه الوصية النبوية: حدّثنا بها محمد بن قاسم بمدينة فاس قال ثنا هبة الله بن مسعود ثنا محمد بن بركات ثنا محمد بن سلامة بن جعفر ثنا هبة الله بن إبراهيم الخولاني نبّأ علي بن الحسين ابن بندار ثنا اسماعيل بن أحمد بن أبي حازم حدثنا أبي ثنا عمرو بن هاشم ثنا سليمان بن أبي كريمه عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "يا أبا هريرة أحسن مجاورة من جاورك تكن مسلماً وأحسن مصاحبة من صاحبك تكن مؤمناً واعمل بفرائض الله تكن عابداً وارض بقسم الله تكن زاهداً."[2]
وكذلك قال في الوصايا عن موضوع التأني قبل القول، قال: سمعت محمد بن قاسم بن عبد الرحمن بن عبد الكريم التميمي الفاسي بمدينة فاس العدل أظن في سنة أربع وتسعين وخمسمائة يقول: تكلم أربعة من الملوك بأربع كلمات كأنما رميت عن قوس واحدة قال كسرى: "أنا على رد ما لم أقل أقوى مني على رد ما قلت"، وقال ملك الهند: "إذا تكلمت بكلمة ملكتني وإن كنت أملكها"، وقال قيصر ملك
[1] الفتوحات المكية: ج4ص273، وكذلك: ج3ص353، ج4ص61، 210، 272.
[2] الفتوحات المكية: ج4ص521.