كتاب شمس المغرب
سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف
هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الله تعالى في سورة فاطر: ((إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ...[28]))، وقال أيضاً في سورة الزمر: ((قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ [9])). وذكر ابن القيّم في كتاب العلم أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: "مَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَطْلُبُ فِيهِ عِلْماً سَلَك الله بِهِ طَرِيقاً مِنْ طُرُقِ الجَنّةِ، وَإِنّ المَلاَئِكَةَ لَتَضَعُ أجْنِحَتَهَا رِضاً لِطَالِبِ العِلْمِ، وَإِنّ العَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ في السّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالحِيَتَانُ في جَوفِ المَاءِ، وَإنّ فَضْلَ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ كَفَضْلِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ علَى سَائِرِ الكَواكِبِ، وَإِنّ العُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأنْبِيَاءِ، وَإنّ الأنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرّثوا دِينَاراً وَلا دِرْهَماً، وَرّثوا العِلْمَ، فَمَنْ أخَذَهُ أخَذَ بِحَظّ وَافِرٍ".[1] وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أيضاً في الحديث الذي صححه السيوطي: "خمسٌ من العبادة: قلّةُ الطعمِ، والقعودُ في المساجدِ، والنظرُ إلى الكعبةِ، والنظرُ إلى المُصحفِ، والنظرُ إلى وجه العالِمِ".[2]
فهذه محاولة متواضعة لرشّ بعض النور على جوانب حياة رجلٍ جليلٍ من علماء المسلمين كرّس حياته للعلم والمعرفة فوهبه الله منها الحظّ الوافر والقدْرَ العظيم، وقام هو بدوره ببثّ هذا العلم في كتبه العظيمة قالباً وقلباً، فأنار بها العالم كلّه شرقاً وغرباً.
[1] سنن أبي داود، الإمام الحافظ أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني الأزدي، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، المكتبة العصرية-بيروت، 1970، كتاب العلم، ص317، حديث رقم: 3641.
[2] الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير، الإمام جلال الدين بن أبي بكر السيوطي، دار الكتب العلمية-بيروت، 1990، المجلد الثاني، باب حرف الخاء، ص7.