كتاب شمس المغرب
سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف
هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب
أبو يعقوب يوسف بن عبد المؤمن
(558/1163-580/1184)
ولما تم خلع محمد بن عبد المؤمن الذي لم يكن كفؤا للخلافة واتفق وُجهاء الدولة على خلعه دار أمر الخلافة بين اثنين من ولد عبد المؤمن وهما يوسف وعمر وكانا من نُبهاء أولاده ونجبائهم وذوي الرأي السديد، فأباها عمر وبايع لأخيه أبي يعقوب وسلّم له الأمر؛ فاشتدت قوة الموحدين في عهد أبي يعقوب يوسف الأول الذي اجتاز البحر إلى الأندلس عام 567/1171 وأخضع بها من ظل موالياً للمرابطين كابن مردنيش وابن غانية، ثم تفرّغ لإخماد الحركات التي حدثت في المغرب ضد دولة الموحدين.
وبعد أن واجه الثورات التي قامت في المغرب قرر أبو يعقوب أن يواجه الخطر الصليبي فسار بجيوشه وعبر من المغرب إلى الأندلس سنة 580/1184 وتوجه إلى إشبيليا ثم إلى مدينة شانترية وحاصرها. ولكن ألفونسو هينرك قاوم الحصار لثلاثة أيام فأمر يوسف برفع الحصار. و لكن الجيش تراجع بسرعة وعبروا النهر ولم ينتظروا أوامر الأمير الذي بقى مع قلة من جماعته، فانتهز الصليبيون الفرصة وهاجموهم ومزقوا باقي الجيش الموحدي وأصيب الأمير يوسف بجراح مميتة وتوفي في نفس السنة فارتحلت جيوش الموحدين عائدة مرة أخرى إلى إشبيليا وتم تعيين يعقوب ابن يوسف أميراً عليهم وعاد بقواته إلى المغرب.
يعقوب المنصور بن يوسف
(580/1184-595/1199)
ولما استشهد يوسف بن عبد المؤمن سنة 580/1184 خلفه ابنه أبو يوسف يعقوب المنصور الذي كان يجمع إلى عظمة السلطان السياسي رسوخ العقيدة، وشدة الحرص على أحكام الشريعة وسنتها، وبالرغم من أنه لم يكن من الغلاة في تقدير تراث بن تومرت وتعاليمه وقد أحدث ما يمكن أن يسمى انقلاباً حقيقياً في ميدان المذهب والعقيدة في دولة الموحدين؛ فإنه كان يتشدد في تطبيق أحكام الشريعة على حقيقتها، وفي الدعوة إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة الحدود حتى في أهله وعشيرته، وكان يذهب في ذلك إلى حدود بعيدة، حتى قيل أنه عاقب على شرب الخمر بالقتل، وكان يشدد في إلزام الناس بإقامة الصلوات الخمس، ويأمر بالمناداة عليها، ويعاقب على تركها.
وفي عهد المنصور بلغت دولة الموحدين أوجَها في العزّ والمنعة، فقد صد عدوان الإسبان عدة مرات كان آخرها عام 591 هـ في الموقعة التي هزم فيها ألفونسو الثامن هزيمة منكرة وعرفت بوقعة الأرك التي كانت تشبه موقعة الزلاقة. وبانتصاره في معركة الأرك استحق الخليفة يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن لقب المنصور.
وبعد أربعة سنوات في سنة 595/1199 توفي أبو يوسف يعقوب بن يوسف ين عبد المؤمن بمدينة سلا، وكان قد سار إليها من مراكش بعد أن بنى مدينة محاذية لها وسماها المهدية فسار إليها ليشاهدها فتوفي بها.