كتاب شمس المغرب
سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف
هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب
ولا نعرف الكثير عن ابنته زينب هذه، سوى أنها ماتت خلال حياته ولحدها بيده، وذكر ابن العربي ذلك في قصيدة طويلة في الديوان الكبير يقول في أولها:[1]
لحدت بنتي
بيدي |
|
لأنها ذو
جسدي |
وكذلك نعلم أيضاً أن له حفيدة، وهي بنت بنته (ربما زينب)، اسمها صفية ذكرها في الديوان وألبسها الخرقة،[2] كما سنرى في الفصل السادس.
بغداد للمرة الثانية (شهر رمضان 608/1212)
ففي سنة 608 نجد الشيخ محي الدين في بغداد حيث يقول في الفتوحات المكية أنه كان مرة مع مجموعة من أصحابه وكانوا يمشون وإذا بالخليفة مقبل مع حشمه فتنحوا عن الطريق ولكن الشيخ قال لأصحابه أن لا يبدؤوه بالسلام لأنه هو راكب وعليه هو إلقاء السلام. فلما وصل الخليفة وحاذاهم بفرسه انتظر أن يسلموا عليه كما جرت عادة الناس في السلام على الخلفاء والملوك، ولكنهم لم يفعلوا! فنظر إليهم وقال بصوت واضح: سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فقالوا له بأجمعهم: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته. فقال لهم الخليفة: جزاكم الله عن الدين خيراً، وشكرهم على فعلهم وانصرف.[3]
ومع أن ابن العربي لم يذكر اسمه، إلا أنه من الواضح أن هذا الخليفة هو الخليفة العباسي الناصر لدين الله (580-622)، ومن المستبعد أن يكون ذلك حدث في زيارته الأولى لبغداد لأنها كانت قصيرة جداً كما رأينا (كانت اثني عشر يوما فقط).
خزائن المكر (بغداد 608/1212)
وفي هذه السنة رأى الشيخ محي الدين في واقعة خزائن المكر الإلهي قد نزلت مثل المطر. فلما نظر في طريق السلامة منها وجد أنه في العلم بالميزان الشرعي، فحين تختلط الأمور لا بدّ من الرجوع إلى ميزان الشرع الذي لا يهلك من حكّمه. ويقول الشيخ أنه سمع ملكاً يقول: ماذا نزل الليلة من المكر! فاستيقظ مرعوباً ونظر في السلامة من ذلك فلم يجدها إلا في العلم بالميزان المشروع، فمن أراد اللهُ به خيراً وعصمه من غوائل المكر فلا يضع ميزان الشرع من يده وشهود حاله، وهذه حالة المعصوم والمحفوظ.[4]
[1] الديوان: ص317.
[2] الديوان: ص54، 60.
[3] الفتوحات المكية: ج4ص492.
[4] الفتوحات المكية: ج2ص530، وكذلك؛ محاضرة الأبرار: ج2ص473.