كتاب شمس المغرب
سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف
هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب
الفترة من 606/1209-608/1211
وهنا نفقد أثر الشيخ محي الدين ابن العربي لمدة سنتين تقريبا، وعلى الأغلب كان خلالهما في حلب مع تلامذته يلقي الدروس وخاصة في بيت تلميذه ابن سودكين النوري. ومن المحتمل كذلك أن يكون الشيخ رضي الله عنه قد قضى بعض الوقت في دمشق حيث سنجده في دمشق سنة 608 في شهر رمضان تقريبا مع عائلته متجهين إلى مكة المكرمة بقصد الحج، غير أنه لم يذهب إلى الحج مباشرة بل ذهب إلى بغداد ومنها إلى مكة المكرمة كما سنرى بعد قليل.
ابنته زينب (دمشق 608/1211)
وعلى الطريق، وهم متجهون إلى الحج، في دمشق تقريبا، حدثت معهم كرامة لابنته الصغيرة زينب التي لم تكن تتعدى السنتين وكانت ما تزال ترضع من أمها. فيقول الشيخ محي الدين في الباب الثالث وثلاثمائة عندما كان يتحدث عن موضوع الكلام في المهد مثل كلام عيسى عليه السلام في المهد وكلام صبي يوسف عليه السلام وصبي جُريج فقال: وأما أنا فرأيت في زماننا شخصاً شاباً اسمه، والله أعلم، عبد القادر بمدرسة ابن رواحة بمدينة دمشق فجاء وسلم، فأخبرني عنه جماعة منهم الزكي بن رواحة صاحب المدرسة قالوا أن أمّ هذا الشاب لما كانت حاملة به عطست فحمدت الله فقال لها من جوفها يرحمك اللّه بصوت سمعه كل من حضر هنالك.
ثم يضيف الشيخ محي الدين قائلا: وأما أنا فكانت لي بنت ترضع وكان عمرها دون السنتين وفوق السنة لا تتكلم، فأخذت ألاعبها يوماً فقلت لها: يا زينب! فأصغت إلي. فقلت لها: إني أريد أن أسألك عن مسألة مستفتياً؛ ما قولك في رجل جامع امرأته ولم ينزل ماذا يجب عليه؟ قالت لي: "يجب عليه الغسل" بكلام فصيح وأمها وجدتها يسمعان، فصرخت جدتها وغشي عليها.[1]
ويذكر الشيخ محي الدين هذه القصة أيضاً في الباب الثمانين وأربعمائة ويضيف أنه فارق هذه البنت في تلك السنة وتركها عند أمها وغاب عنها، وأذن لأمها في الحج في تلك السنة ومشى هو إلى العراق ثم إلى مكة. فلما جاء المعرّف خرج في جماعة يطلب أهله في الركب الشامي فرأته ابنته زينب وهي ترضع ثدي أمها، فقالت: هذا أبي قد جاء، فنظرت الأمّ حتى رأته مقبلاً على بعد، وزينب تقول: هذا أبي هذا أبي، وكان معها خالها فناداه فأقبل إليهم وعندما رأته ضحكت ورمت بنفسها عليه، وصارت تقول له: يا أبت يا أبت![2]
[1] الفتوحات المكية: ج3ص17.
[2] الفتوحات المكية: ج4ص117.