كتاب شمس المغرب
سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف
هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب
المناطق مع أنه لم يحدد التاريخ، ولكن لا بدّ أن ذلك كان خلال رحلاته بين العراق وتركيا وسورية، التي تمت بين سنة 602 وسنة 618.
الأقطاب النيّاتيّين والشيخ عمر الفرقوي (دنيسر)
فقد ذكر الشيخ محي الدين أنه التقى في دنيسر بشخص يقال له عمر الفرقوي وكان من الأقطاب النيّاتيّين الذين يراقبون خواطرهم فهُم في حضورٍ دائمٍ وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه من أكابرهم، ويقول الشيخ محي الدين أن هذا المقام ضيّق جدّاً وقليل الذين يصمدون فيه.
وبلدة دنيسِرُ هي بلدة كبيرة مشهورة من نواحي الجزيرة قرب ماردين بينهما فرسخان ولها اسم آخر يقال لها قوج حصار.[1]
الرجبيّون (دنيسر)
ومن الأشخاص الذين التقى بهم الشيخ محي الدين في الجزيرة في بلدة دنيسر أيضاً شخص ينتمي إلى الرجبيين، وهم مجموعة من الأولياء من رجال العدد، يكون عددهم في كل وقت أربعين نفساً (أي يمكن أن يكون منهم نساء رغم تسميتهم رجالا كما نوّهنا من قبل)[2] في كل زمان لا يزيدون ولا ينقصون وهم رجال حالهم القيام بعظمة الله وهم من الأفراد[3] وهم أرباب القول الثقيل من قوله تعالى، في سورة المزّمّل: ((إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا [5])) وسُمّوا رجبيون لأن حال هذا المقام لا يكون لهم إلا في شهر رجب من أول استهلال هلاله إلى انفصاله ثم يفقدون ذلك الحال من أنفسهم فلا يجدونه إلى دخول رجب من السنة الآتية، وقليل من يعرفهم من أهل هذا الطريق وهم متفرقون في البلاد ويعرف بعضهم بعضاً؛ منهم من يكون باليمن وبالشام وبديار بكر.
ويقول الشيخ محي الدين أن هؤلاء الرجبيون أول يوم يكون في رجب يجدون كأنما أطبقت عليهم السماء فيجدون من الثقل بحيث لا يقدرون على أن يطرفوا ولا يتحرّك فيهم جارحة ويضجعون فلا يقدرون على حركة أصلاً ولا قيام ولا قعود ولا حركة يد ولا رجل ولا جفن عين. يبقى ذلك عليهم أول يوم، ثم يخف في ثاني يوم وفي ثالث يوم أقل وتقع لهم الكشوفات والتجليات والاطلاع على المغيبات ولا يزال مضطجعاً مسجّىً يتكلم بعد الثلاث أو اليومين ويُتكلم معه ويقال له إلى أن يكمل الشهر، فإذا فرغ الشهر ودخل شعبان قام كأنما نشط من عقال. فإن كان صاحب صناعة أو تجارة اشتغل بشغله وسلب عنه جميع حاله كلّه إلا من شاء الله أن يبقى عليه من ذلك الشيء أبقاه الله عليه.
فيقول الشيخ محي الدين أنه لقي واحداً منهم بدنيسر من ديار بكر ما رأى منهم غيره وكان
[1] معجم البلدان: رقم 4899.
[2] حيث أنّ تسميتهم رجالا هي من الرجولة وهي الثبات في المواقف.
[3] ذكرنا من قبل أن الأفراد هم رجال من الأولياء خارجين عن دائرة القطب.