كتاب شمس المغرب
سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف
هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب
عرضها السماوات والأرض أعدّت للمتقين.[1] وأما حياته الدنيا وما ملك فيها من أموال وأولاد وزينة؛ فكل ذلك زبَد، فيذهب جفاءً، وأما ما ينفع الناس، فيبقى إلى اليوم السابع، وهو وقت العشاء، وهو ما وصلنا من علوم الشيخ الأكبر، فذلك يمكث في الأرض. فهل سننتفع به، لنكون من المتقّين!
التسلسل التاريخي للأحداث
لقد حاولت جاهداً أن أرتّب فقرات هذا الكتاب حسب الترتيب التاريخي نفسه للأحداث في حياة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي، ولكن ذلك لا يمكن أن يحصل بشكل دقيق أبداً نظراً لافتقارنا إلى المراجع الكافية واعتمادنا بشكل كامل تقريبا على التواريخ التي ذكرها الشيخ رضي الله عنه، وهو في كثير من الأحيان يذكر حوادث من غير تاريخ وأحيانا من غير تحديد المكان أو البلد. ومع ذلك فإن التواريخ التي ذكرها الشيخ الأكبر كافية لإعطاء تسلسل تاريخي دقيق للأحداث الرئيسية في حياته. فنحن لا نشك في تواريخ أسفاره الرئيسية وتنقلاته بين بلدان الأندلس والمغرب والمشرق (مصر ومكة والشام) وبلاد الروم، وعلى ذلك اعتمدنا في تقسيم هذا الكتاب إلى الفصول التي ذكرناها أعلاه. ولكن ترتيب الأحداث في كل منطقة من هذه المناطق التي أقام فيها الشيخ محي الدين لا يمكن أن يبلغ الدرجة الكاملة من الدقة أبدا، ولذلك لا بدّ من التقريب، المعتمد على التخمين الذي قد يخطئ وقد يصيب.
من أجل ذلك ذكرنا أسماء المدن والتاريخ الذي تعود إليها كل فقرة من فقرات هذا الكتاب في عنوان الفقرة بين قوسين إذا كان ذلك معلوماً، وبدقة اليوم والليل والنهار أو الشهر، أو على الأقل السنة، إن كان ذلك ممكناً. وفي حال عدم التأكد من التاريخ وضعنا إشارة التقريب "~" قبل المكان أو الزمان الذي نذكره، وذلك فقط عندما توجد دلائل واضحة على ذلك. أما إذا لم يكن تحديد المكان والزمان ممكناً أبداً، فقد تركنا عنوان الفقرة من غير تحديد، ولكن وضعناها ضمن تسلسلها الطبيعي بين الفقرات الأخرى، على أحسن تخمين. أما إذا لم نكن متأكدين مطلقاً من مكان وتاريخ الحادثة، فسوف ننوّه إلى ذلك أثناء ذكرها، ولا يمكن أبداً أن ندّعي أننا بلغنا الكمال في ذلك، فالخطأ وارد.
ولقد حاولت أن أضع التاريخ الميلادي إلى جانب التاريخ الهجري الذي هو الأصل، ففعلت ذلك في أغلب الأحيان، إلا عندما لا يكون هناك داعٍ لذلك، حيث نذكر التاريخ الهجري فقط من غير إشارة (هـ) إلا إذا لزم الأمر وكان هناك احتمال لبعض الإشكال. وفي بعض المواضع وضعنا فقط التاريخ الميلادي وخاصة للأحداث التي كانت قبل الهجرة أو قبل الإسلام، وفي هذه الحالة نشير إليها بالحرف (م) إلا إذا كان الأمر بيّن من غير ذلك. ولكن لا بدّ من الإشارة إلى أن التحويل من السنة الهجرية إلى السنة
[1] راجع مثال هذا التقسيم في قوله تعالى في سورة الحديد: ((اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ [20] سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [21])).