كتاب شمس المغرب
سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف
هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب
ومدينة الخليل تقع في وسط فلسطين إلى الشمال الشرقي من الضفة الغربية شمال مدينة القدس، وتعود في تاريخها إلى أكثر من 3500 سنة قبل الميلاد وقد أطلق الكنعانيون عليها اسم "أربع" نسبة إلى اسم ملكهم ثم لمّا خضعت لحكم العبرانيين الذين خرجوا مع موسى عليه السلام من مصر أطلقوا عليها اسم حبرون وهو يعني عصبة أو اتحاد، ولما اتصلت المدينة ببيت خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام والذي يقع على سفح الجبل المقابل سمّيت المدينة الجديدة بالخليل. وكان إبراهيم عليه السلام قد وفد إليها مع أهله في القرن التاسع عشر قبل الميلاد وقد دفن فيها هو و زوجته سارة وولده إسحاق وزوجته رِفقة وكذلك النبي يعقوب وولده يوسف عليهما السلام بعد أن نُقل جثمانهما من مصر. خضعت مدينة الخليل للحكم الإسلامي سنة 638 ميلادية وقد اهتم بها المسلمون كثيرا نظرا لأهميتها الدينية كونها تضم رفات العديد من الأنبياء.
وسوف يزور الشيخ محي الدين ابن العربي مدينة الخليل عدداً من المرّات كلّما مرّ بفلسطين وفيها كتب واحداً من كتبه البديعة وهو كتاب اليقين الذي سمّاه على اسم مسجد اليقين في نفس البقعة التي سجد فيها إبراهيم عليه السلام حينما رأى انتقام الله تعالى من قوم لوط كما سنذكر في الفصل الخامس.
القدس (شهر شوال/ذو القعدة 598/1202)
وكذلك قبل أن يذهب الشيخ محي الدين إلى مكة أيضاً كان لا بدّ أن يزور بيت المقدس في مدينة القدس ويصلي في المسجد الأقصى.
وتعتبر القدس واحدة من أكبر مدن فلسطين وكانت تسمى أورشليم أي بلد السلام وهي مدينة مقدسة لكل من المسيحيين والمسلمين واليهود حيث فيها كنيسة القيامة التي يعتقد أن المسيح بن مريم عليه السلام قد قام فيها، وهي للمسلمين أولى القبلتين تتبعها مكة المكرمة وثالث الحرمين الشريفين في مكة والمدينة المنورة، ويعتقد اليهود أن فيها هيكل سليمان عليه السلام. تُعتبر القدس من أقدم المدن في التاريخ، فترجع نشأتها إلى سنة 5000 ق.م، حين عمرها الكنعانيون، وفي سنة 3000 ق.م. سكنها العرب اليبوسيون الذين بنوا المدينة وأطلقوا عليها اسم مدينة السلام، نسبة إلى سالم أو شالم "إله السلام" عندهم.
ازدهرت المدينة في عهد اليبوسيين خلال فترة بعثة إبراهيم عليه الصلاة والسلام ثم فتحها داود عليه السلام في حوالي سنة 1000 ق.م وجعل منها عاصمة لمملكته، ثم بنى فيها سليمان عليه السلام الهيكل. دمّرها الرومان بقيادة تيتوس عام 70 م ثم أعيد بناؤها في عهد هادريانس عام 135 م، ثم أحرقها الفرس عام 614 م وفتحها المسلمون عام 638 م في عصر الخليفة عمر بن الخطاب حيث استلم مفاتيحها من البطريارك صفرونيوس فأصبح اسمها القدس وعاش فيها المسلمون مع اليهود والنصارى بسلام ووفاق وفق وثيقة الأمان التي كتبها عمر رضي الله عنه. احتلها الصليبيون عام 492/1099 ثم استرجعها المسلمون بقيادة صلاح الدين الأيوبي بعد معركة حطين عام 583/1187. وفي العصر الحديث تم احتلال القسم الغربي من القدس عند إقامة دولة إسرائيل في العام 1367/1948، كما تم احتلال القسم الشرقي الحاوي على البلدة القديمة في عام 1386/1967.