كتاب شمس المغرب
سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف
هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب
الشيطان أن يحمله على التصريح فيقول عليه ما لا ينويه، فلم يقدم على ذلك. ثم بعد ذلك رأى أن يتوكّل على الله ويودع هذه الأسرار في هذا الكتاب الجليل الذي سمّاه عنقاء مغرب في ختم الأولياء وشمس المغرب.[1]
ويقول الشيخ محي الدين أن معرفة هذه المضاهاة أمر لا بدّ منه من أجل النجاة في طريق الله تعالى، وليس الهدف من ذكره ذلك معرفة العالَم بل معرفة الإنسان نفسه وكيفية تطبيق ذلك على نفسه: "هل ينفعني في الآخرة كون السلطان عادلا أو جائرا، أو عالما أو حائرا؟" فالإمام الحقيقي هو العقل فيحب على الإنسان إتباعه ومبايعته على الإصلاح، وهكذا يجب على الإنسان النظر إلى أعضائه وآلاته ويعاملها بما يناسب كل عضو منها وهي وإن خفيت عليه فقد جعل الله العالَم كله مثالا له لما في نفسه فلينظر في العالم ويعتبر.
هذا هو الهدف الرئيسي من هذه الكتب الثلاثة التي كتبها الشيخ محي الدين في المغرب وهي كتاب التدبيرات الإلهية وكتاب عنقاء مغرب وكتاب مواقع النجوم. ولقد ذكرنا بعض تفاصيل المملكة الإنسانية ومقارنتها مع العالَم في فصل خاص في كتاب سلوك القلب اعتمادا على ما ورد في هذه الكتب بالإضافة إلى كتابه الرئيسي الفتوحات المكية. فكل شيء في الإنسان يقابله شيء من العالم الخارجي من الكواكب والنجوم وحتى من الناس والشجر والحجر والنبات والجن والملائكة. فكما قال الإمام عليّ ابن أبي طالب رضي الله عنه:
دواؤك فيك وما تشـعـرُ |
|
وداؤك منك وتستنـكـرُ |
أما من حيث العالم المشهود فإن شمس المغرب هو في الحقيقة المهدي عليه السلام وهو الذي سيظهر قبل قيام الساعة والذي سيملأ الأرض عدلا كما مُلئت ظلما وجورا كما هو معروف في العديد من الأحاديث النبوية الشريفة. وأما ختم الأولياء فهو على الحقيقة الشيخ محي الدين ابن عربي نفسه كما ذكرنا أكثر من مرّة وكما سنرى في الفصل الرابع بمزيد من التفصيل.
بعض الشيوخ الآخرين الذين التقاهم ابن العربي بفاس
ومن ضمن الشيوخ الذين التقاهم الشيخ محي الدين بمدينة فاس الشيخ علي بن موسى بن البقران وكان مجهولا غامضا للناس ولكنه كان لديه معرفة تامة وكانت له فيها فراسة. وكان عند الناس مشهورا
[1] من مقدمة كتاب عنقاء مغرب.