كتاب شمس المغرب
سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف
هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب
السلاوي وساح معه في الأندلس وصحبه سفرا وحضرا فكان لا يفتر عن الضحك.[1] وكما سنرى في الفصل السادس حينما سنتكلم عن بعض عقلاء المجانين الذين التقاهم ابن العربي في دمشق وغيرها، فإن الشيخ محي الدين يذكر أبا أحمد السلاوي في الفتوحات المكية في الباب الرابع والأربعين أنه كان من هؤلاء المجانين الذين ذهب بعقلهم وارد لطف من الله بسطهم وشغلهم ما تجلى لهم عن تدبير نفوسهم فسخّر الله لهم الخلق فهم مشتغلون بمصالحهم عن طيب نفس فإنّ من أشهى ما إلى الناس أن يأكل واحد من هؤلاء عنده أو يقبل منه ثوبا وذلك من التسخير الإلهي فجمع الله لهم بين الراحتين حيث يأكلون ما يشتهون ولا يحاسبون ولا يُسألون.[2]
الشيخ أبو عبد الله بن زين اليابري
وكان الشيخ أبو عبد اله بن زين بإشبيلية من أفضل الناس، كثير الجد والاجتهاد والتقشف كان يقرأ القرآن والنحو بجامع العديس بإشبيلية لا يؤبه له؛ كان غامضا في الناس، اعتكف على كتب أبي حامد، قرأ ليلة تآليف أبي القاسم بن أحمد في الرد على أبي حامد فعمي، فسجد لله من حينه وتضرع وأقسم أنه لا يقرأه أبدا ويذهبه فردّ الله عليه بصره وكان من فضلاء الناس. ويقول الشيخ محي الدين أن لقي أيضاً أخاه وكان مثله، وأنه نودي به عند موته: جنتين اثنتين لبني زين.[3]
الشيخ عبد السلام الأسود السائح
وكان لا يقر في بلد واحد، يقول عنه الشيخ محي الدين أنه كلما دخل قرية قيل من هنا مرّ الشيخ عبد السلام. فسأله ابن العربي عن عدم قراره فقال: أجد حالة طيبة في الحركة.[4] وقد التقاه الشيخ محي الدين عندما كان يجول في الساحل في جنوب غرب الأندلس قرب روطة كما رأينا أعلاه.
الشيخ أبو العباس أحمد بن منذر
وكان في مدينة إشبيلية وهو من أهل القرآن والعربية والفقه، وكان معلما في مذهب
مالك رضي الله عنه. يقول عنه الشيخ محي الدين أنه من كراماته أنه كان إذا اعتاصت
عليه مسألة في المذهب يرى مالكا يحلها له، وكان يتعرض إليه في داره الروحانيون
والرجال يسلمون عليه وتُلقى الدراهم بين يديه فيأبى أن يأخذها ويردّها فترفع عنه،
غلب عليه الورع وكان مباركا صالحا.[5]
[1] الفتوحات المكية: ج2ص186.
[2] الفتوحات المكية: ج1ص249.
[3] روح القدس: ص82.
[4] روح القدس: ص82-83.
[5] روح القدس: ص83.