كتاب شمس المغرب
سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف
هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب
القليل مما ذكره عنهم في كتبه من غير تفاصيل مهمة تخص حياته.
صالح العدوي
فمن هؤلاء الرجال الذين تأثر بهم ابن العربي وتعلم منهم الشيخ صالح العدوي الذي ذكره الشيخ محي الدين في روح القدس فقال إنه كان رضي الله عنه بالله عارفاً ومع الله في كل حالة واقفاً تالياً لكتاب الله العزيز آناء الليل وأطراف النهار، ولم يتخذ مسكنا قط ولا تداوى قط؛ كان يعمل على مقام السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب،[1] كان لا يكلم أحداً يجالسه، يأتي عليه أوقات يدخل في صلاة الضحى فلا يزال واقفاً في الركعة الأولى حتى يقال له قد زالت الشمس، وكان لا يدخر شيئاً لغد أبداً ولا يقبل ما لا يحتاج إليه لا لنفسه ولا لغيره. كان يأوي ليلاً إلى مسجد أبي عامر المقدي. خدمه أبو علي الشكاز (سيأتي ذكره). فلم يزل بإشبيلية على هذه الحالة أربعين سنة حتى مات.
ثمّ يقول الشيخ محي الدين أنه صاحبه سنينا ومع ذلك فهو يكاد يعدّ كلامه معه من قلته. ولكنه يقول إنه كان له به تعلق وتأمل وقد انتفع به وأخبره بأمور في حقه مما يتفق له في المستقبل فرآها كلها ما غادر منها كلمة.[2]
أبو عبد الله محمد الشرفي
وأما أبو عبد الله محمد الشرفي رضي الله عنه فكان يلازم الصلوات الخمس بجامع العديس بإشبيلية وقد تورمت قدماه من طول القيام، كان إذا وقف في الصلوات تتحدر دموعه على بياض لحيته كأنها اللؤلؤ. سكن في موضع واحد نحو أربعين سنة ما أوقد فيه سراجا ولا نارا. بالغ في العبادة جهده. لم يتخذ قط في المسجد موضعا معينا ولا صلى في موقع واحد من المسجد صلاتين.
يقول الشيخ محي الدين أنه لقيه يوما وهو واقف على معتوه من جملة الناس فلم يشعر به حتى أخذ بأذنه وأخرجه من الحلقة وقال له: أنت تفعل هذا؟ فخجل ابن العربي ودخل معه الجامع. ويقول أيضاً أنه كان يخبره بالشيء قبل كونه فيكون كما يخبره.[3]
أبو يحيى الصنهاجي
[1] ورد في الحديث الذي رواه البزار عن أنس عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: سبعون ألفا من أمتي يدخلون الجنة بغير حساب هم الذين لا يكتوون، ولا يكوُون، ولا يسترقّون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون. انظر في كنز العمال: 5683. وفي حديث آخر: أُعطيت سبعين ألفا من أمتي يدخلون الجنة بغير حساب، وجوههم كالقمر ليلة البدر، قلوبهم على قلب رجل واحد فاستزدت ربي عز وجل فزادني مع كل واحد سبعين ألف. (كنز العمال: 31931.)
[2] روح القدس: ص51-52.
[3] روح القدس: ص52.