كتاب شمس المغرب
سيرة الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ومذهبه
جمع وإعداد: محمد علي حاج يوسف
هذا الموقع مخصص للطبعة الجديدة من شمس المغرب
يقول بعضهم فلان على قدم فلان وهو بهذا المعنى نفسه (تقريبا)،[1] وهذا يعني أنّه على نفس الحالة من الحضور والمعرفة بالله تعالى، ولكن هناك فرق دقيق وهو أنّ الوليّ الذي هو على قلب نبيّ من الأنبياء لا يكون على قلبه من حيث ما هو نبيّ مشرّع بل فقط من حيث كونه وليّ لله لأن كلّ نبيّ فهو وليّ. ولذلك يقول الشيخ محي الدين في مكان آخر أنه كان يقول قبل هذا أن ثَمّ أولياء على قلوب الأنبياء فقيل له لا بل قل هم على أقدام الأنبياء لا تقل على قلوبهم؛ فعلمت معنى ذلك لما أطلعه الله على ذلك فرآهم على آثارهم يقفون، ورأى لهم معراجين: المعراج الواحد يكونون فيه على قلوب الأنبياء ولكن من حيث هم الأنبياء أولياء أي من حيث النبوّة التي لا شرع فيها،[2] والمعراج الثاني يكونون فيه على أقدام الأنبياء أصحاب الشرائع لا على قلوبهم، إذ لو كانوا على قلوبهم لنالوا ما نالته الأنبياء من الأحكام المشروعة وليس ذلك لهم.[3]
الشيخ المربي أبو عمران موسى الميرتلي
أما الشيخ أبو عمران موسى بن عمران الميرتلي، فقد كان ذا درجة عالية من المعرفة والعلم الذوقي، كان يلتزم في بيته فلا يخرج منه. عاشره الشيخ محي الدين واستفاد منه وأفاده فدعا له الشيخ موسى فبشّره الله بالجنة. وكان هذا الشيخ يخاف كثيرا على ابن العربي نظرا لصغر سنه وحداثته في الطريق وكونه فُتح عليه في زمن قصير من غير جهاد ورياضة كما رأينا أعلاه.
بعض صفاته
يقول الشيخ الأكبر في روح القدس عن شيخه أبي عمران موسى الميرتلي لأنه كان له شأن كبير ومعرفة تامة وأدب عظيم، وكان مقبوضا في عموم أحواله، حسن البشاشة لزوّاره. كان يقول في نفسه:
فأنت ابن عمران موسى المسـيء |
|
ولست ابن عمران موسى الكليما |
ويضيف الشيخ محي الدين أنّ شيخه أبا عمران الميرتلي كان يأخذ نفسه بالشدائد حتى إنه لزم بيته منذ ستين سنة لا يخرج. جرى على طريق الحارث بن أسد المحاسبي لا يقبل من أحد شيئاً ولا يطلب حاجةً لنفسه ولا لغيره.
[1] الفتوحات المكية: ج2ص8.
[2] وسوف نتحدّث عن النبوّة والولاية بمزيد من التفصيل في الفصل السابع حيث أن هذه المسألة من المسائل التي يعارض فيها ابن تيميّة ابن العربي أنه يقول إن الوليّ أعلى مرتبة من النبيّ، وهذا صحيح، ولكن غاب عن ابن تيميّة أن ابن العربي يؤكّد أن كلّ نبيّ فهو وليّ بالضرورة؛ فهو من كونه وليّ أعلى منه من كونه نبيّ، لا أنّ الوليّ الذي ليس بنبيّ أعلى من النبيّ، وذلك لأنّ النبيّ شاركه بالولاية وزاد عليه بالنبوّة.
[3] الفتوحات المكية: ج2ص8.