المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة محمد: [تفسير البغوي]
كتاب معالم التنزيل، للحسين بن مسعود البغوي، المحدّث والفقيه الشافعي، توفي (510 هـ). وهو تفسير متوسط نقل فيه مصنفه الصحيح من تفسير الصحابة والتابعين ومن بعدهم، ولا يذكر الضعيف.
![]() |
![]() |
![]() |
سورة محمد | ||
![]() |
مدنية
( ( الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم ) أبطلها فلم يقبلها [ وأراد بالأعمال ما فعلوا من إطعام الطعام وصلة الأرحام ] قال الضحاك : أبطل كيدهم ومكرهم بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ، وجعل الدائرة عليهم .
( والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد ) قال سفيان الثوري : يعني لم يخالفوه في شيء ( وهو الحق من ربهم ) قال ابن عباس - رضي الله عنه - ما : " الذين كفروا وصدوا " : مشركو مكة ، " والذين آمنوا وعملوا الصالحات " : الأنصار . ( كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم ) حالهم ، قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : عصمهم أيام حياتهم ، يعني أن هذا الإصلاح يعود إلى إصلاح أعمالهم حتى لا يعصوا .
( ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل ) الشيطان ( وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم ) يعني القرآن ( كذلك يضرب الله للناس أمثالهم ) أشكالهم ، قال الزجاج : كذلك يبين الله أمثال حسنات المؤمنين ، وإضلال أعمال الكافرين .
( فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب ) نصب على الإغراء ، أي فاضربوا رقابهم يعني أعناقهم . ( حتى إذا أثخنتموهم ) بالغتم في القتل وقهرتموهم ( فشدوا الوثاق ) يعني في الأسر حتى لا يفلتوا منكم ، والأسر يكون بعد المبالغة في القتل ، كما قال : " ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض " ( الأنفال - 67 ( فإما منا بعد وإما فداء ) يعني : بعد أن تأسروهم فإما أن تمنوا عليهم منا بإطلاقهم من غير عوض ، وإما أن تفادوهم فداء .
واختلف العلماء في حكم هذه الآية ، فقال قوم : هي منسوخة بقوله : " فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم " ( الأنفال - 57 ) ، وبقوله : فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ( التوبة - 5 ) . وإلى هذا القول ذهب قتادة والضحاك والسدي وابن جريج ، وهو قول الأوزاعي وأصحاب الرأي ، قالوا : لا يجوز المن على من وقع في الأسر من الكفار ولا الفداء .
وذهب آخرون إلى أن الآية محكمة ، والإمام بالخيار في الرجال العاقلين من الكفار إذا وقعوا في الأسر بين أن يقتلهم أو يسترقهم أو يمن عليهم ، فيطلقهم بلا عوض أو يفاديهم بالمال ، أو بأسارى المسلمين ، وإليه ذهب ابن عمر ، وبه قال الحسن ، وعطاء ، وأكثر الصحابة والعلماء ، وهو قول الثوري ، والشافعي ، وأحمد وإسحاق .
قال ابن عباس : لما كثر المسلمون واشتد سلطانهم أنزل الله - عز وجل - في الأسارى : " فإما منا بعد وإما فداء " .
وهذا هو الأصح والاختيار ، لأنه عمل به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء بعده :
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، حدثنا محمد بن يوسف ، [ حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا عبد الله بن يوسف ] حدثنا الليث ، حدثنا سعيد بن أبي سعيد سمع أبا هريرة قال : بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - خيلا قبل نجد ، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له : ثمامة بن أثال ، فربطوه بسارية [ من سواري ] المسجد ، فخرج إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : ما عندك يا ثمامة ؟ فقال : عندي خير يا محمد إن تقتل تقتل ذا دم ، وإن تنعم تنعم على شاكر ، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت ، حتى كان الغد ، فقال له : ما عندك يا ثمامة ؟ فقال : عندي ما قلت لك إن تنعم تنعم على شاكر ، [ وإن تقتل تقتل ذا دم ، وإن كنت تريد المال سل تعط ] فتركه حتى كان بعد الغد ، فقال له : ما عندك يا ثمامة ؟ فقال : عندي ما قلت لك ، فقال : " أطلقوا ثمامة " ، فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل ، ثم دخل المسجد ، فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، يا محمد والله ما كان على وجه الأرض وجه أبغض إلي من وجهك ، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إلي ، والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك ، فأصبح دينك أحب الدين إلي ، والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك فأصبح بلدك أحب البلاد إلي ، وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة ، فماذا ترى ؟ فبشره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمره أن يعتمر ، فلما قدم مكة قال له قائل : أصبوت ؟ فقال : لا ولكن أسلمت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ولا والله لا يأتيكم مناليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الخطيب ، أخبرنا عبد العزيز بن أحمد الخلال ، حدثنا أبو العباس الأصم ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أبي المهلب ، عن عمران بن حصين قال : أسر أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلا من بني عقيل فأوثقوه ، وكانت ثقيف قد أسرت رجلين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ففداه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالرجلين اللذين أسرتهما ثقيف .
قوله - عز وجل - : ( حتى تضع الحرب أوزارها ) أي أثقالها وأحمالها ، يعني حتى تضع أهل الحرب السلاح ، فيمسكوا عن الحرب .
وأصل " الوزر " : ما يحتمل الإنسان ، فسمى الأسلحة أوزارا لأنها تحمل .
وقيل : " الحرب " هم المحاربون ، كالشرب والركب .
وقيل : " الأوزار " الآثام ، ومعناه حتى يضع المحاربون آثامها ، بأن يتوبوا من كفرهم فيؤمنوا بالله ورسوله .
وقيل : حتى تضع حربكم وقتالكم أوزار المشركين وقبائح أعمالهم بأن يسلموا ، ومعنى الآية : أثخنوا المشركين بالقتل والأسر حتى يدخل أهل الملل كلها في الإسلام ، ويكون الدين كله لله فلا يكون بعده جهاد ولا قتال ، وذلك عند نزول عيسى ابن مريم عليهما السلام ، وجاء في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " الجهاد ماض منذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال " .
وقال الكلبي : حتى يسلموا أو يسالموا .
وقال الفراء : حتى لا يبقى إلا مسلم أو مسالم .
( ذلك ) الذي ذكرت وبينت من حكم الكفار ( ولو يشاء الله لانتصر منهم ) فأهلكهم وكفاكم أمرهم بغير قتال ( ولكن ) أمركم بالقتال ( ليبلو بعضكم ببعض ) فيصير من قتل من المؤمنين إلى الثواب ومن قتل من الكافرين إلى العذاب ( والذين قتلوا في سبيل الله ) قرأ أهل البصرة وحفص : " قتلوا " بضم القاف وكسر التاء خفيف ، يعني الشهداء ، وقرأ الآخرون : " قاتلوا " بالألف من المقاتلة ، وهم المجاهدون ( فلن يضل أعمالهم ) قال قتادة : ذكر لنا أن هذه الآية نزلت يوم أحد ، وقد فشت في المسلمين الجراحات والقتل .
( سيهديهم ) أيام حياتهم في الدنيا إلى أرشد الأمور ، وفي الآخرة إلى الدرجات ( ويصلح بالهم ) يرضي خصماءهم ويقبل أعمالهم .
( ويدخلهم الجنة عرفها لهم ) أي بين لهم منازلهم في الجنة حتى يهتدوا إلى مساكنهم لا يخطئون ولا يستدلون عليها أحدا كأنهم سكانها منذ خلقوا ، فيكون المؤمن أهدى إلى درجته ، وزوجته وخدمه منه إلى منزله وأهله في الدنيا ، هذا قول أكثر المفسرين .
وروى عطاء عن ابن عباس : " عرفها لهم " أي طيبها لهم ، من العرف ، وهو الريح الطيبة ، وطعام معرف أي : مطيب .
( يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ) أي دينه ورسوله ( ينصركم ) على عدوكم ( ويثبت أقدامكم ) عند القتال .
( والذين كفروا فتعسا لهم ) قال ابن عباس : بعدا لهم . وقال أبو العالية : سقوطا لهم . وقال الضحاك : خيبة لهم . وقال ابن زيد : شقاء لهم . قال الفراء : هو نصب على المصدر ، على سبيل الدعاء . وقيل : في الدنيا العثرة ، وفي الآخرة التردي في النار . ويقال للعاثر : تعسا إذا لم يريدوا قيامه ، وضده لعا إذا أرادوا قيامه ( وأضل أعمالهم ) لأنها كانت في طاعة الشيطان .
( ذلك ) التعس والإضلال ( بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم ) .
ثم خوف الكفار فقال : ( أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم ) أي أهلكهم ( وللكافرين أمثالها ) إن لم يؤمنوا ، يتوعد مشركي مكة .
( ذلك ) الذي ذكرت ( بأن الله مولى الذين آمنوا ) وليهم وناصرهم ( وأن الكافرين لا مولى لهم ) لا ناصر لهم . ثم ذكر مآل الفريقين فقال :
( إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار والذين كفروا يتمتعون ) في الدنيا ( ويأكلون كما تأكل الأنعام ) ليس لهم همة إلا بطونهم وفروجهم ، وهم لاهون ساهون عما في غد ، قيل : المؤمن في الدنيا يتزود ، والمنافق يتزين ، والكافر يتمتع ( والنار مثوى لهم ) .
( وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك ) أي أخرجك أهلها ، قال ابن عباس : كم رجال هم أشد من أهل مكة ؟ يدل عليه قوله : ( أهلكناهم ) ولم يقل : أهلكناها ( فلا ناصر لهم ) قال ابن عباس : لما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مكة إلى الغار التفت إلى مكة وقال : " أنت أحب بلاد الله إلى الله وأحب بلاد الله إلي ولو أن المشركين لم يخرجوني لم أخرج منك " فأنزل الله هذه الآية .
( أفمن كان على بينة من ربه ) يقين من دينه ، محمد والمؤمنون ( كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهواءهم ) يعني عبادة الأوثان ، وهم أبو جهل والمشركون .
( مثل الجنة التي وعد المتقون ) أي صفتها ( فيها أنهار من ماء غير آسن ) آجن متغير منتن ، قرأ ابن كثير " أسن " بالقصر ، والآخرون بالمد ، وهما لغتان يقال : أسن الماء يأسن أسنا ، وأجن يأجن ، أسونا وأجونا ، إذا تغير ( وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة ) [ لذيذة ] ( للشاربين ) لم تدنسها الأرجل ولم تدنسها الأيدي ( وأنهار من عسل مصفى ) .
أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر ، أخبرنا عبد الغافر بن محمد ، أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، أخبرنا أبو أسامة وعبد الله بن نمير وعلي بن مسهر ، عن عبيد الله بن عمر ، عن خبيب بن عبد الرحمن ، عن حفص بن عاصم ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " سيحان وجيحان والنيل والفرات كل من أنهار الجنة " .
قال كعب الأحبار : نهر دجلة نهر ماء أهل الجنة ، ونهر الفرات نهر لبنهم ، ونهر مصر نهر خمرهم ، ونهر سيحان نهر عسلهم ، وهذه الأنهار الأربعة تخرج من نهر الكوثر .
( ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم كمن هو خالد في النار ) أي من كان في هذا النعيم كمن هو خالد في النار ( وسقوا ماء حميما ) شديد الحر تسعر عليهم جهنم منذ خلقت إذا أدني منهم شوى وجوههم ووقعت فروة رءوسهم فإذا شربوه ( فقطع أمعاءهم ) فخرجت من أدبارهم ، والأمعاء جميع ما في البطن من الحوايا واحدها معى .
( ومنهم ) يعني من هؤلاء الكفار ( من يستمع إليك ) وهم المنافقون ، يستمعون قولك فلا يعونه ولا يفهمونه ، تهاونا به وتغافلا ( حتى إذا خرجوا من عندك ) يعني فإذا خرجوا من عندك ( قالوا للذين أوتوا العلم ) من الصحابة : ( ماذا قال ) محمد ( آنفا ) ؟ يعني الآن ، هو من الائتناف ويقال : ائتنفت الأمر أي ابتدأته وأنف الشيء أوله .
قال مقاتل : وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخطب ويعيب المنافقين ، فإذا خرجوا من المسجد سألوا عبد الله بن مسعود استهزاء : ماذا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟
قال ابن عباس : وقد سئلت فيمن سئل .
( أولئك الذين طبع الله على قلوبهم ) فلم يؤمنوا ( واتبعوا أهواءهم ) في الكفر والنفاق .
( والذين اهتدوا ) يعني المؤمنين ( زادهم ) ما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - ( هدى وآتاهم تقواهم ) وفقهم للعمل بما أمرهم به ، وهو التقوى ، قال سعيد بن جبير : وآتاهم ثواب تقواهم .
( فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة )
أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداودي ، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن الصلت ، حدثنا أبو إسحاق الهاشمي ، حدثنا الحسين بن الحسن ، حدثنا ابن المبارك ، أخبرنا معمر بن راشد ، عمن سمع المقبري يحدث عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " ما ينتظر أحدكم من الدنيا إلا غنى مطغيا ، أو فقرا منسيا ، أو مرضا مفسدا ، أو هرما مفندا ، أو موتا مجهزا ، أو الدجال فالدجال شر غائب ينتظر ، أو الساعة والساعة أدهى وأمر " .
قوله - عز وجل - : ( فقد جاء أشراطها ) أي أماراتها وعلاماتها ، واحدها : شرط ، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - من أشراط الساعة .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا أحمد بن المقدام ، حدثنا فضل بن سليمان ، حدثنا أبو حازم ، حدثنا سهل بن سعد قال : رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - قال بأصبعيه هكذا ، بالوسطى والتي تلي الإبهام : " بعثت أنا والساعة كهاتين " .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا حفص بن عمر الحوضي ، حدثنا هشام ، عن قتادة ، عن أنس قال : لأحدثنكم بحديث سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يحدثنكم به أحد غيري ، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ، ويكثر الجهل ، ويكثر الزنا ، ويكثر شرب الخمر ، ويقل الرجال ويكثر النساء ، حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد " .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا محمد بن سنان ، حدثنا فليح ، حدثني هلال بن علي ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : بينما النبي - صلى الله عليه وسلم - في مجلس يحدث القوم إذ جاءه أعرابي فقال : متى الساعة ؟ فمضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحدث ، فقال بعض القوم : سمع ما قال فكره ما قال . وقال بعضهم : بل لم يسمع ، حتى إذا قضى حديثه ، قال : " أين السائل عن الساعة ؟ " قال : ها أنا يا رسول الله ، قال : " إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة " . قال : كيف إضاعتها ؟ قال : " إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة " .
قوله - عز وجل - : ( فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم ) فمن أين لهم التذكر والاتعاظ والتوبة إذا جاءتهم الساعة ؟ نظيره : " يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى " ( الفجر - 2323 ) .
قوله - عز وجل - : ( فاعلم أنه لا إله إلا الله ) قيل : الخطاب مع النبي - صلى الله عليه وسلم - والمراد به غيره ، وقيل : معناه فاثبت عليه . وقال الحسين بن الفضل : فازدد علما على علمك . وقال أبو العالية وابن عيينة : هو متصل بما قبله معناه : إذا جاءتهم الساعة فاعلم أنه لا ملجأ ولا مفزع عند قيامها إلا إلى الله . وقيل : فاعلم أنه لا إله إلا الله ، أن الممالك تبطل عند قيامها ، فلا ملك ولا حكم لأحد إلا لله ( واستغفر لذنبك ) أمر بالاستغفار مع أنه مغفور له لتستن به أمته .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أبو منصور السمعاني ، أخبرنا أبو جعفر الرياني ، حدثنا حميد بن زنجويه ، حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا حماد بن زيد ، عن ثابت ، عن أبي بردة ، عن الأغر المزني قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إنه ليغان على قلبي ، وإني لأستغفر الله في كل يوم مائة مرة " .
قوله - عز وجل - : ( وللمؤمنين والمؤمنات ) هذا إكرام من الله تعالى لهذه الأمة حيث أمر نبيهم - صلى الله عليه وسلم - أن يستغفر لذنوبهم وهو الشفيع المجاب فيهم ( والله يعلم متقلبكم ومثواكم ) قال ابن عباس والضحاك : " متقلبكم " متصرفكم [ ومنتشركم في أعمالكم في الدنيا ، " ومثواكم " مصيركم في الآخرة إلى الجنة أو إلى النار .
وقال مقاتل وابن جرير : " متقلبكم " منصرفكم ] لأشغالكم بالنهار ، " ومثواكم " مأواكم إلى مضاجعكم بالليل .
وقال عكرمة : " متقلبكم " من أصلاب الآباء إلى أرحام الأمهات . " ومثواكم " مقامكم في الأرض .
وقال ابن كيسان : " متقلبكم " من ظهر إلى بطن ، " ومثواكم " مقامكم في القبور .
والمعنى : أنه عالم بجميع أحوالكم فلا يخفى عليه شيء منها .
( ويقول الذين آمنوا ) حرصا منهم على الجهاد : ( لولا نزلت سورة ) تأمرنا بالجهاد ( فإذا أنزلت سورة محكمة وذكر فيها القتال ) قال قتادة : كل سورة ذكر فيها الجهاد فهي محكمة ، وهي أشد القرآن على المنافقين ( رأيت الذين في قلوبهم مرض ) يعني المنافقين ( ينظرون إليك ) شزرا بتحديق شديد ، كراهية منهم للجهاد وجبنا عن لقاء العدو ( نظر المغشي عليه من الموت ) كما ينظر الشاخص بصره عند الموت ( فأولى لهم ) وعيد وتهديد ، ومعنى قولهم في التهديد : " أولى لك " أي : وليك وقاربك ما تكره .
ثم قال : ( طاعة وقول معروف ) وهذا ابتداء محذوف الخبر ، تقديره : طاعة ، وقول معروف أمثل ، أي لو أطاعوا وقالوا قولا معروفا كان أمثل وأحسن .
وقيل : مجازه : يقول هؤلاء المنافقون قبل نزول السورة المحكمة : طاعة ، رفع على الحكاية أي أمرنا طاعة أو منا طاعة ، " وقول معروف " : حسن .
وقيل : هو متصل بما قبله ، واللام في قوله : " لهم " بمعنى الباء ، مجازه : فأولى بهم طاعة الله ورسوله ، وقول معروف بالإجابة ، أي لو أطاعوا كانت الطاعة والإجابة أولى بهم ، وهذا معنى قول ابن عباس في رواية عطاء .
( فإذا عزم الأمر ) أي جد الأمر ولزم فرض القتال وصار الأمر معزوما ( فلو صدقوا الله ) في إظهار الإيمان والطاعة ( لكان خيرا لهم ) وقيل : جواب " إذا " محذوف تقديره فإذا عزم الأمر نكلوا وكذبوا فيما وعدوا ولو صدقوا الله لكان خيرا لهم .
( فهل عسيتم ) فلعلكم ( إن توليتم ) أعرضتم عن القرآن وفارقتم أحكامه ( أن تفسدوا في الأرض ) تعودوا إلى ما كنتم عليه في الجاهلية فتفسدوا في الأرض بالمعصية والبغي وسفك الدماء ، وترجعوا إلى الفرقة بعد ما جمعكم الله بالإسلام . ( وتقطعوا أرحامكم ) قرأ يعقوب : " وتقطعوا " بفتح التاء خفيف ، والآخرون بالتشديد " وتقطعوا " من التقطيع ، على التكثير ، لأجل الأرحام ، قال قتادة : كيف رأيتم القوم حين تولوا عن كتاب الله ألم يسفكوا الدم الحرام ، وقطعوا الأرحام ، وعصوا الرحمن ؟ وقال بعضهم : هو من الولاية . وقال المسيب بن شريك والفراء : يقول فهل عسيتم إن وليتم أمر الناس أن تفسدوا في الأرض بالظلم ، نزلت في بني أمية وبني هاشم ، يدل عليه قراءة علي بن أبي طالب " توليتم " بضم التاء والواو وكسر اللام ، يقول : إن وليتكم ولاة جائرة خرجتم معهم في الفتنة وعاونتموهم .
" أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم "، عن الحق.
( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ) فلا تفهم مواعظ القرآن وأحكامه ، و " أم " بمعنى " بل " .
أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي ، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي ، أنبأني عقيل بن محمد ، أخبرنا المعافى بن زكريا ، أخبرنا محمد بن جرير ، حدثنا بشر ، حدثنا حماد بن زيد ، حدثنا هشام بن عروة عن أبيه قال : تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها " فقال شاب من أهل اليمن : بل على قلوب أقفالها حتى يكون الله يفتحها أو يفرجها ، فما زال الشاب في نفس عمر حتى ولي فاستعان به .
( إن الذين ارتدوا على أدبارهم ) رجعوا كفارا ( من بعد ما تبين لهم الهدى ) قال قتادة : هم كفار أهل الكتاب كفروا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - بعد ما عرفوه ووجدوا نعته في كتابهم .
وقال ابن عباس ، والضحاك ، والسدي : هم المنافقون .
( الشيطان سول لهم ) زين لهم القبيح ( وأملى لهم ) قرأ أهل البصرة بضم الألف وكسر اللام وفتح الياء على ما لم يسم فاعله ، وقرأ مجاهد بإرسال الياء على وجه الخبر من الله - عز وجل - عن نفسه أنه يفعل ذلك ، وتروى هذه القراءة عن يعقوب ، وقرأ الآخرون : " وأملى لهم " بفتح الألف ، أي : وأملى الشيطان لهم ، مد لهم في الأمل .
( ذلك بأنهم ) يعني المنافقين أو اليهود ( قالوا للذين كرهوا ما نزل الله ) وهم المشركون ( سنطيعكم في بعض الأمر ) في التعاون على عداوة محمد - صلى الله عليه وسلم - والقعود عن الجهاد ، وكانوا يقولونه سرا فأخبر الله تعالى عنهم ( والله يعلم إسرارهم ) قرأ أهل الكوفة غير أبي بكر : بكسر الهمزة ، على المصدر ، والباقون بفتحها على جمع السر .
" فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم "
( ذلك ) الضرب ( بأنهم اتبعوا ما أسخط الله ) قال ابن عباس : بما كتموا من التوراة وكفروا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - ( وكرهوا رضوانه ) كرهوا ما فيه رضوان الله ، وهو الطاعة والإيمان . ( فأحبط أعمالهم ) .
( أم حسب الذين في قلوبهم مرض ) يعني المنافقين ( أن لن يخرج الله أضغانهم ) لن يظهر أحقادهم على المؤمنين فيبديها حتى يعرفوا نفاقهم ، واحدها : " ضغن " ، قال ابن عباس : حسدهم .
( ولو نشاء لأريناكهم ) أي لأعلمناكهم وعرفناكهم ( فلعرفتهم بسيماهم ) بعلامتهم ، قال الزجاج : المعنى : لو نشاء لجعلنا على المنافقين علامة تعرفهم بها .
قال أنس : ما خفي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد نزول هذه الآية شيء من المنافقين ، كان يعرفهم بسيماهم .
( ولتعرفنهم في لحن القول ) في معناه ومقصده .
" واللحن " : وجهان صواب وخطأ ، فالفعل من الصواب : لحن يلحن لحنا فهو لحن إذا فطن للشيء ، ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض " .
والفعل من الخطأ لحن يلحن لحنا فهو لاحن . والأصل فيه : إزالة الكلام عن جهته .
والمعنى : إنك تعرفهم فيما يعرضون به من تهجين أمرك وأمر المسلمين والاستهزاء بهم ، فكان بعد هذا لا يتكلم منافق عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا عرفه بقوله ، ويستدل بفحوى كلامه على فساد دخيلته .
( والله يعلم أعمالكم ) .
( ولنبلونكم ) ولنعاملنكم معاملة المختبر بأن نأمركم بالجهاد والقتال ( حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ) أي : علم الوجود ، يريد : حتى يتبين المجاهد والصابر على دينه من غيره ( ونبلو أخباركم ) أي نظهرها ونكشفها بإباء من يأبى القتال ، ولا يصبر على الجهاد .
وقرأ أبو بكر عن عاصم : " وليبلونكم حتى يعلم " ، ويبلو بالياء فيهن ، لقوله تعالى : [ " والله يعلم أعمالكم " ، وقرأ الآخرون بالنون فيهن ، لقوله تعالى ] " ولو نشاء لأريناكهم " ، وقرأ يعقوب : " ونبلوا " ساكنة الواو ، ردا على قوله : " ولنبلونكم " وقرأ الآخرون بالفتح ردا على قوله : " حتى نعلم " .
( إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله وشاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى لن يضروا الله شيئا ) إنما يضرون أنفسهم ( وسيحبط أعمالهم ) فلا يرون لها ثوابا في الآخرة ، قال ابن عباس - رضي الله عنه - ما : هم المطعمون يوم بدر ، نظيرها قوله - عز وجل - : " إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله " ( الأنفال - 3636 ) الآية .
( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم ) قال عطاء : بالشك والنفاق ، وقال الكلبي : بالرياء والسمعة . وقال الحسن : بالمعاصي والكبائر .
وقال أبو العالية : كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرون أنه لا يضر مع الإخلاص ذنب كما لا ينفع مع الشرك عمل ، فنزلت هذه الآية فخافوا الكبائر بعده أن تحبط الأعمال .
وقال مقاتل : لا تمنوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتبطلوا أعمالكم ، نزلت في بني أسد ، وسنذكره في سورة الحجرات إن شاء الله تعالى .
( إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ثم ماتوا وهم كفار فلن يغفر الله لهم ) قيل : هم أصحاب القليب . وحكمها عام .
( فلا تهنوا ) لا تضعفوا ( وتدعوا إلى السلم ) أي لا تدعوا إلى الصلح ابتداء ، منع الله المسلمين أن يدعوا الكفار إلى الصلح ، وأمرهم بحربهم حتى يسلموا ( وأنتم الأعلون ) الغالبون ، قال الكلبي : آخر الأمر لكم وإن غلبوكم في بعض الأوقات ( والله معكم ) بالعون والنصرة ( ولن يتركم أعمالكم ) لن ينقصكم شيئا من ثواب أعمالكم ، يقال : وتره يتره وترا وترة : إذا نقص حقه ، قال ابن عباس ، وقتادة ، ومقاتل ، والضحاك : لن يظلمكم أعمالكم الصالحة بل يؤتيكم أجورها . ثم حض على طلب الآخرة فقال :
( إنما الحياة الدنيا لعب ولهو ) باطل وغرور ( وإن تؤمنوا وتتقوا ) الفواحش ، ( يؤتكم أجوركم ) جزاء أعمالكم في الآخرة ( ولا يسألكم ) ربكم ( أموالكم ) لإيتاء الأجر بل يأمركم بالإيمان والطاعة ليثيبكم عليها الجنة ، نظيره قوله : " ما أريد منهم من رزق " ( الذاريات - 57 ) ، وقيل : لا يسألكم محمد أموالكم ، نظيره : " قل ما أسألكم عليه من أجر " ( الفرقان - 57 ) .
وقيل : معنى الآية : لا يسألكم الله ورسوله أموالكم كلها في الصدقات ، إنما يسألانكم غيضا من فيض ، ربع العشر فطيبوا بها نفسا . وإلى هذا القول ذهب ابن عيينة ، يدل عليه سياق الآية :
( إن يسألكموها فيحفكم ) أي يجهدكم ويلحف عليكم بمسألة جميعها ، يقال : أحفى فلان فلانا إذا جهده ، وألحف عليه بالمسألة .
( تبخلوا ) بها فلا تعطوها .
( ويخرج أضغانكم ) بغضكم وعداوتكم ، قال قتادة : علم الله أن في مسألة الأموال خروج الأضغان .
( ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله ) يعني إخراج ما فرض الله عليكم ( فمنكم من يبخل ) بما فرض عليه من الزكاة ( ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني ) عن صدقاتكم وطاعتكم ( وأنتم الفقراء ) إليه وإلى ما عنده من الخير . ( وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ) بل يكونوا أمثل منكم وأطوع لله منكم .
قال الكلبي : هم كندة والنخع ، وقال الحسن : هم العجم ، وقال عكرمة : فارس والروم .
أخبرنا أبو بكر أحمد بن أبي نصر الكوفاني ، أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عمر ، حدثنا إسحاق النجيبي المصري المعروف بابن النحاس ، أخبرنا أبو الطيب الحسن بن محمد الرياش ، حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، حدثنا ابن وهب ، حدثنا مسلم بن خالد ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلا هذه الآية : " وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم " ، قالوا : يا رسول الله من هؤلاء الذين إن تولينا استبدلوا بنا ثم لا يكونوا أمثالنا ؟ فضرب على فخذ سلمان الفارسي ثم قال : " هذا وقومه ، ولو كان الدين عند الثريا لتناوله رجال من الفرس " .
![]() |
![]() |
![]() |
![](/images/arrowtop.jpg)
اسم السورة | سورة محمد (Muhammad - Muhammad) |
ترتيبها | 47 |
عدد آياتها | 38 |
عدد كلماتها | 542 |
عدد حروفها | 2360 |
معنى اسمها | (مُحَمَّدٌ ﷺ): خَاتَمُ الأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ، وَمَعْنَاهُ: الَّذِي تَكَامَلَتْ فِيهِ الخِصَالُ الْمَحْمُودَةُ |
سبب تسميتها | مِحْوَرُ السُّورَةِ عَن النَّبِيِّ ﷺ وَجِهَادِهِ ضِدَّ الكُفَّارِ |
أسماؤها الأخرى | اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (مُحَمَّدٍ ﷺ)، وتُسَمَّى سُورَةَ (القِتَالِ)، وَسُورَةَ: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ |
مقاصدها | تَحْرِيضُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وبَيَانُ مُخَالِفِيهِم مِنَ الكُفَّارِ، وَجَزَاءِ كُلٍّ مِنْهُمَا |
أسباب نزولها | سُورَةٌ مَدَنيَّةٌ، لَمْ تَصِحَّ رِوَايَةٌ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا أَو فِي نُزُولِ بَعْضِ آياتِهَا |
فضلها | لَمْ يَصِحَّ حَدِيثٌ أَو أَثَرٌ خَاصٌّ فِي فَضْلِ السُّورَةِ، سِوَى أَنـَّهَا مِنَ المَثَانِي |
مناسبتها | مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (مُحَمَّدٍ ﷺ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ صَدِّ أَهْلِ البَاطِلِ وَغَيرِهِم عَنْ سَبِيلِ اللهِ، فَقَالَ فِي فَاتِحَتِهَا: ﴿ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ أَضَلَّ أَعۡمَٰلَهُمۡ ١﴾، وَقَالَ فِي أَوَاخِرِهَا: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَشَآقُّواْ ٱلرَّسُولَ مِنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلۡهُدَىٰ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيۡـٔٗا ...٣٢﴾. مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (مُحَمَّدٍ ﷺ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (الأَحْقَافِ): اتِّصَالُ الْكَلامِ عَنْ أَهْلِ البَاطِلِ فِي آخِرِ آيَةٍ فِي (الأَحْقَافِ) مَعَ أَوَّلِ آيَةٍ فِي سُورَةِ (مُحَمَّدٍ ﷺ) وَكَأَنَّهُمَا آيَةٌ وَاحِدَةٌ، قَالَ تَعَالَى: ﴿...فَهَلۡ يُهۡلَكُ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ ٣٥﴾ ، ﴿ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ أَضَلَّ أَعۡمَٰلَهُمۡ ١﴾. |