المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة يس: [تفسير البغوي]
كتاب معالم التنزيل، للحسين بن مسعود البغوي، المحدّث والفقيه الشافعي، توفي (510 هـ). وهو تفسير متوسط نقل فيه مصنفه الصحيح من تفسير الصحابة والتابعين ومن بعدهم، ولا يذكر الضعيف.
![]() |
![]() |
![]() |
سورة يس | ||
![]() |
مكية ( يس ) " ون " قرأ بإخفاء النون فيهما : ابن عامر والكسائي وأبو بكر . قالون : يخفي النون من " يس " ويظهر من " ن " ، والباقون يظهرون فيهما .
واختلفوا في تأويل ( يس ) حسب اختلافهم في حروف التهجي ، قال ابن عباس - رضي الله عنهما - : هو قسم ، ويروى عنه أن معناه : يا إنسان بلغة طيء ، يعني : محمدا - صلى الله عليه وسلم - وهو قول الحسن ، وسعيد بن جبير ، وجماعة .
وقال أبو العالية : يا رجل .
وقال أبو بكر الوراق : يا سيد البشر .
" والقرآن الحكيم ".
( إنك لمن المرسلين ) أقسم بالقرآن أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - من المرسلين ، وهو رد على الكفار حيث قالوا : " لست مرسلا " ( الرعد - 43 ( على صراط مستقيم ) ، وهو خبر بعد خبر أي : أنه من المرسلين وأنه على صراط مستقيم . وقيل : معناه إنك لمن المرسلين الذين هم على صراط مستقيم .
" على صراط مستقيم "، وهو خبر بعد خبر، أي: أنه من المرسلين وأنه على صراط مستقيم. وقيل: معناه إنك لمن المرسلين الذين هم على صراط مستقيم.
( تنزيل العزيز الرحيم ) قرأ ابن عامر ، وحمزة ، والكسائي ، وحفص : " تنزيل " بنصب اللام كأنه قال : نزل تنزيلا ، وقرأ الآخرون بالرفع ، أي : هو تنزيل العزيز الرحيم .
( لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم ) قيل : " ما " للنفي أي : لم ينذر آباؤهم ؛ لأن قريشا لم يأتهم نبي قبل محمد - صلى الله عليه وسلم - وقيل : " ما " بمعنى الذي أي : لتنذر قوما بالذي أنذر آباؤهم ، ( فهم غافلون ) عن الإيمان والرشد .
( لقد حق القول ) وجب العذاب ( على أكثرهم فهم لا يؤمنون ) هذا كقوله : " ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين " ( الزمر - 71 ) .
( إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا ) نزلت في أبي جهل وصاحبيه المخزوميين ، وذلك أن أبا جهل كان قد حلف لئن رأى محمدا يصلي ليرضخن رأسه ، فأتاه وهو يصلي ومعه حجر ليدمغه ، فلما رفعه أثبتت يده إلى عنقه ولزق الحجر بيده ، فلما عاد إلى أصحابه فأخبرهم بما رأى سقط الحجر ، فقال رجل من بني مخزوم : أنا أقتله بهذا الحجر ، فأتاه وهو يصلي ليرميه بالحجر ، فأعمى الله - تعالى - بصره ، فجعل يسمع صوته ولا يراه ، فرجع إلى أصحابه فلم يرهم حتى نادوه فقالوا له : ما صنعت ؟ فقال : ما رأيته ، ولقد سمعت صوته ، وحال بيني وبينه شيء كهيئة الفحل يخطر بذنبه ، لو دنوت منه لأكلني ، فأنزل الله تعالى : " إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا "
قال أهل المعاني : هذا على طريق المثل ، ولم يكن هناك غل ، أراد : منعناهم عن الإيمان بموانع ، فجعل الأغلال مثلا لذلك . قال الفراء : معناه إنا حبسناهم عن الإنفاق في سبيل الله كقوله تعالى : " ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك " ( الإسراء - 29 ) معناه : لا تمسكها عن النفقة .
( فهي إلى الأذقان ) " هي " كناية عن الأيدي - وإن لم يجر لها ذكر - ؛ لأن الغل يجمع اليد إلى العنق ، معناه : إنا جعلنا في أيديهم وأعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان ، ( فهم مقمحون ) والمقمح : الذي رفع رأسه وغض بصره . يقال : بعير قامح إذا روى من الماء ، فأقمح إذا رفع رأسه وغض بصره . وقال الأزهري : أراد أن أيديهم لما غلت إلى أعناقهم رفعت الأغلال أذقانهم ورؤسهم ، فهم مرفوعو الرؤوس برفع الأغلال إياها .
( وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا ) : قرأ حمزة والكسائي وحفص : " سدا " بفتح السين ، وقرأ الآخرون بضمها . ) ( فأغشيناهم ) فأعميناهم ، من التغشية وهي التغطية ، ( فهم لا يبصرون ) سبيل الهدى .
" وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ".
( إنما تنذر من اتبع الذكر ) : يعني : إنما ينفع إنذارك من اتبع الذكر ، يعني القرآن ، فعمل بما فيه ، ( وخشي الرحمن بالغيب فبشره بمغفرة وأجر كريم ) حسن ، وهو الجنة .
( إنا نحن نحيي الموتى ) : عند البعث ، ( ونكتب ما قدموا ) من الأعمال من خير وشر ، ) ( وآثارهم ) أي : ما سنوا من سنة حسنة أو سيئة .
قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " من سن في الإسلام سنة حسنة يعمل بها من بعده كان له أجرها ومثل أجر من عمل بها من بعده ، من غير أن ينقص من أجورهم شيئا ، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده ، من غير أن ينقص من أوزارهم شيئا " .
وقال قوم : قوله : " ونكتب ما قدموا وآثارهم " أي : خطاهم إلى المسجد .
روي عن أبي سعيد الخدري قال : شكت بنو سلمة بعد منازلهم من المسجد فأنزل الله تعالى : " ونكتب ما قدموا وآثارهم " .
أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، حدثنا أبو سعيد محمد بن عيسى الصيرفي ، حدثنا أبو العباس الأصم ، حدثنا محمد بن هشام بن ملاس النميري ، حدثنا مروان الفزاري ، حدثنا حميد ، عن أنس - رضي الله عنه - قال : " أرادت بنو سلمة أن يتحولوا إلى قرب المسجد ، فكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تعرى المدينة ، فقال : يا بني سلمة ألا تحتسبون آثاركم ؟ فأقاموا " .
وأخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا محمد بن العلاء ، حدثنا أبو أسامة عن يزيد بن عبد الله عن أبي بردة ، عن أبي موسى قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أعظم الناس أجرا في الصلاة أبعدهم فأبعدهم ممشى ، والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام أعظم أجرا من الذي يصلي ثم ينام " .
قوله تعالى ( وكل شيء أحصيناه ) حفظناه وعددناه وبيناه ، ( في إمام مبين ) وهو اللوح المحفوظ .
قوله عز وجل : ( واضرب لهم مثلا أصحاب القرية ) يعني : اذكر لهم شبها مثل حالهم من قصة أصحاب القرية وهي أنطاكية ، ( إذ جاءها المرسلون ) يعني : رسل عيسى عليه الصلاة والسلام .
قال العلماء بأخبار الأنبياء : بعث عيسى رسولين من الحواريين إلى أهل مدينة أنطاكية فلما قربا من المدينة رأيا شيخا يرعى غنيمات له وهو حبيب النجار ، صاحب يس فسلما عليه ، فقال الشيخ لهما : من أنتما ؟ فقالا : رسولا عيسى ، ندعوكم من عبادة الأوثان إلى عبادة الرحمن ، فقال : أمعكما آية ؟ قالا : نعم نحن نشفي المريض ونبرئ الأكمه والأبرص بإذن الله ، فقال الشيخ : إن لي ابنا مريضا منذ سنين ، قالا : فانطلق بنا نطلع على حاله ، فأتى بهما إلى منزله ، فمسحا ابنه ، فقام في الوقت - بإذن الله - صحيحا ، ففشا الخبر في المدينة ، وشفى الله - تعالى - على أيديهما كثيرا من المرضى ، وكان لهم ملك - قال وهب : اسمه إنطيخس - وكان من ملوك الروم يعبد الأصنام ، قالوا : فانتهى الخبر إليه فدعاهما ، فقال : من أنتما ؟ قالا : رسولا عيسى ، قال : وفيم جئتما ؟ قالا : ندعوك من عبادة ما لا يسمع ولا يبصر إلى عبادة من يسمع ويبصر ، فقال : لكما إله دون آلهتنا ؟ قالا : نعم ، من أوجدك وآلهتك . قال : قوما حتى أنظر في أمركما ، فتبعهما الناس فأخذوهما وضربوهما في السوق .
قال وهب : بعث عيسى هذين الرجلين إلى أنطاكية ، فأتياها فلم يصلا إلى ملكها ، وطال مدة مقامهما فخرج الملك ذات يوم فكبرا وذكرا الله ، فغضب الملك وأمر بهما فحبسا وجلد كل واحد منهما مائة جلدة . قالوا : فلما كذب الرسولان وضربا ، بعث عيسى رأس الحواريين شمعون الصفا على إثرهما لينصرهما ، فدخل شمعون البلد متنكرا ، فجعل يعاشر حاشية الملك حتى أنسوا به ، فرفعوا خبره إلى الملك فدعاه فرضي عشرته وأنس به وأكرمه ، ثم قال له ذات يوم : أيها الملك بلغني أنك حبست رجلين في السجن وضربتهما حين دعواك إلى غير دينك ، فهل كلمتهما وسمعت قولهما ؟ فقال الملك : حال الغضب بيني وبين ذلك . قال : فإن رأى الملك دعاهما حتى نطلع على ما عندهما ، فدعاهما الملك ، فقال لهما شمعون : من أرسلكما إلى هاهنا ؟ قالا : الله الذي خلق كل شيء وليس له شريك ، فقال لهما شمعون : [ فصفاه وأوجزا ، فقالا : إنه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ، فقال شمعون : وما آيتكما ؟ قالا : ما تتمناه ، فأمر الملك حتى جاءوا بغلام مطموس العينين وموضع عينيه كالجبهة ، فما زالا يدعوان ربهما حتى انشق موضع البصر ، فأخذا بندقتين من الطين ، فوضعاهما في حدقتيه فصارتا مقلتين يبصر بهما ، فتعجب الملك ، فقال شمعون للملك : إن أنت سألت إلهك حتى يصنع صنعا مثل هذا فيكون لك الشرف ولإلهك . فقال الملك : ليس لي عنك سر إن إلهنا الذي نعبده لا يسمع ولا يبصر ، ولا يضر ولا ينفع ، وكان شمعون إذا دخل الملك على الصنم يدخل بدخوله ويصلي كثيرا ، ويتضرع حتى ظنوا أنه على ملتهم ، فقال الملك للرسولين : إن قدر إلهكم الذي تعبدانه على إحياء ميت آمنا به وبكما ، قالا : إلهنا قادر على كل شيء ، فقال الملك : إن هاهنا ميتا مات منذ سبعة أيام : ابن لدهقان ، وأنا أخرته فلم أدفنه حتى يرجع أبوه ، وكان غائبا فجاؤوا بالميت وقد تغير وأروح فجعلا يدعوان ربهما علانية ، وجعل شمعون يدعو ربه سرا ، فقام الميت ، وقال : إني قد مت منذ سبعة أيام مشركا فأدخلت في سبعة أودية من النار ، وأنا أحذركم ما أنتم فيه فآمنوا بالله ، ثم قال : فتحت لي أبواب السماء فنظرت فرأيت شابا حسن الوجه يشفع لهؤلاء الثلاثة ، قال الملك : ومن الثلاثة ؟ قال : شمعون وهذان وأشار إلى صاحبيه ، فتعجب الملك ، فلما علم شمعون أن قوله أثر في الملك أخبره بالحال ، ودعاه فآمن الملك وآمن قوم ، وكفر آخرون .
وقيل : إن ابنة للملك كانت قد توفيت ودفنت ، فقال شمعون للملك : اطلب من هذين الرجلين أن يحييا ابنتك ، فطلب منهما الملك ذلك فقاما وصليا ودعوا وشمعون معهما في السر ، فأحيا الله المرأة وانشق القبر عنها فخرجت ، وقالت : أسلموا فإنهما صادقان . قالت : ولا أظنكم تسلمون ، ثم طلبت من الرسولين أن يرداها إلى مكانها فذرا ترابا على رأسها وعادت إلى قبرها كما كانت .
وقال ابن إسحاق عن كعب ووهب : بل كفر الملك ، وأجمع هو وقومه على قتل الرسل فبلغ ذلك حبيبا ، وهو على باب المدينة الأقصى ، فجاء يسعى إليهم يذكرهم ويدعوهم إلى طاعة المرسلين ، فذلك قوله - عز وجل - :
( إذ أرسلنا إليهم اثنين ) قال وهب : اسمهما يوحنا وبولس ، ( فكذبوهما فعززنا ) يعني : فقوينا ، ) ( بثالث ) برسول ثالث ، وهو شمعون ، وقرأ أبو بكر عن عاصم : " فعززنا " بالتخفيف وهو بمعنى الأول كقولك : شددنا وشددنا بالتخفيف والتثقيل ، وقيل : أي : فغلبنا من قولهم : من عز بز . وقال كعب : الرسولان : صادق وصدوق ، والثالث شلوم ، وإنما أضاف الله الإرسال إليه لأن عيسى - عليه السلام - إنما بعثهم بأمره تعالى ، ) ( فقالوا ) جميعا لأهل أنطاكية ، ( إنا إليكم مرسلون ) .
( قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء إن أنتم إلا تكذبون ) ما أنتم إلا كاذبون فيما تزعمون .
"قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون ".
" وما علينا إلا البلاغ المبين ".
( قالوا إنا تطيرنا بكم ) تشاءمنا بكم ، وذلك أن المطر حبس عنهم ، فقالوا : أصابنا هذا بشؤمكم ، ( لئن لم تنتهوا لنرجمنكم ) لنقتلنكم ، وقال قتادة : بالحجارة ( وليمسنكم منا عذاب أليم ) .
( قالوا طائركم معكم ) يعني : شؤمكم معكم بكفركم وتكذيبكم يعني : أصابكم الشؤم من قبلكم . وقال ابن عباس والضحاك : حظكم من الخير والشر ( أئن ذكرتم ) يعني : وعظتم بالله ، وهذا استفهام محذوف الجواب مجازه : إن ذكرتم ووعظتم بالله تطيرتم بنا . وقرأ أبو جعفر : " أن " بفتح الهمزة الملينة " ذكرتم " بالتخفيف ( بل أنتم قوم مسرفون ) مشركون مجاوزون الحد .
قوله عز وجل : ( وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى ) وهو حبيب النجار ، وقال السدي : كان قصارا ، وقال وهب : كان رجلا يعمل الحرير ، وكان سقيما قد أسرع فيه الجذام ، وكان منزله عند أقصى باب من أبواب المدينة ، وكان مؤمنا ذا صدقة يجمع كسبه إذا أمسى فيقسمه نصفين فيطعم نصفا لعياله ويتصدق بنصف ، فلما بلغه أن قومه قصدوا قتل الرسل جاءهم ( قال ياقوم اتبعوا المرسلين )
( اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون ) قال قتادة : كان حبيب في غار يعبد ربه فلما بلغه خبر الرسل أتاهم فأظهر دينه ، فلما انتهى حبيب إلى الرسل قال لهم : تسألون على هذا أجرا ؟ قالوا : لا ، فأقبل على قومه فقال : " يا قوم اتبعوا المرسلين اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون " ، فلما قال ذلك قالوا له : وأنت مخالف لديننا ومتابع دين هؤلاء الرسل ومؤمن بإلههم ؟ فقال :
( وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون ) قرأ حمزة ويعقوب : " ما لي " بإسكان الياء ، والآخرون بفتحها . قيل : أضاف الفطرة إلى نفسه والرجوع إليهم ؛ لأن الفطرة أثر النعمة ، وكانت عليه أظهر ، وفي الرجوع معنى الزجر وكان بهم أليق .
وقيل : إنه لما قال : اتبعوا المرسلين ، أخذوه فرفعوه إلى الملك ، فقال له الملك : أفأنت تتبعهم ؟ فقال : " وما لي لا أعبد الذي فطرني " وأي شيء لي إذا لم أعبد الخالق ) ( وإليه ترجعون ) تردون عند البعث فيجزيكم بأعمالكم .
( أأتخذ من دونه آلهة ) استفهام بمعنى الإنكار ، أي : لا أتخذ من دونه آلهة ، ( إن يردن الرحمن بضر ) بسوء ومكروه ، ( لا تغن عني ) لا تدفع عني ، ( شفاعتهم شيئا ) أي : لا شفاعة لها أصلا فتغني ) ( ولا ينقذون ) من ذلك المكروه . وقيل : لا ينقذون من العذاب لو عذبني الله إن فعلت ذلك .
( إني إذا لفي ضلال مبين ) خطأ ظاهر .
( إني آمنت بربكم فاسمعون ) يعني : فاسمعوا مني ، فلما قال ذلك وثب القوم عليه وثبة رجل واحد فقتلوه .
قال ابن مسعود : وطئوه بأرجلهم حتى خرج قصبه من دبره .
قال السدي : كانوا يرمونه بالحجارة وهو يقول : اللهم اهد قومي ، حتى قطعوه وقتلوه .
وقال الحسن : خرقوا خرقا في حلقة فعلقوه بسور من سور المدينة ، وقبره بأنطاكية فأدخله الله الجنة ، وهو حي فيها يرزق ،
فذلك قوله عز وجل : ( قيل ادخل الجنة ) ، فلما أفضى إلى الجنة ( قال يا ليت قومي يعلمون) .
( بما غفر لي ربي ) يعني : بغفران ربي لي ، ( وجعلني من المكرمين ) تمنى أن يعلم قومه أن الله غفر له وأكرمه ؛ ليرغبوا في دين الرسل .
فلما قتل حبيب غضب الله له وعجل لهم النقمة ، فأمر جبريل - عليه السلام - فصاح بهم صيحة واحدة ، فماتوا عن آخرهم ،
فذلك قوله عز وجل : ( وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء ) يعني : الملائكة ، ( وما كنا منزلين ) وما كنا نفعل هذا ، بل الأمر في إهلاكهم كان أيسر مما يظنون .
وقيل : معناه " وما أنزلنا على قومه من بعده " أي : على قوم حبيب النجار من بعد قتله من جند ، وما كنا ننزلهم على الأمم إذا أهلكناهم ، كالطوفان والصاعقة والريح .
ثم بين عقوبتهم فقال تعالى : ( إن كانت إلا صيحة واحدة ) ، وقرأ أبو جعفر : صيحة واحدة بالرفع ، جعل الكون بمعنى الوقوع .
قال المفسرون : أخذ جبريل بعضادتي باب المدينة ، ثم صاح بهم صيحة واحدة ( فإذا هم خامدون ) ميتون
( ياحسرة على العباد ) قال عكرمة : يعني يا حسرتهم على أنفسهم ، والحسرة : شدة الندامة ، وفيه قولان : أحدهما : يقول الله تعالى : يا حسرة وندامة وكآبة على العباد يوم القيامة حين لم يؤمنوا بالرسل .
والآخر : أنه من قول الهالكين . قال أبو العالية : لما عاينوا العذاب قالوا : يا حسرة أي : ندامة على العباد ، يعني : على الرسل الثلاثة حيث لم يؤمنوا بهم ، فتمنوا الإيمان حين لم ينفعهم .
قال الأزهري : الحسرة لا تدعى ، ودعاؤها تنبيه المخاطبين . وقيل : العرب تقول : يا حسرتا ! ويا عجبا ! على طريق المبالغة ، والنداء عندهم بمعنى التنبيه ، فكأنه يقول : أيها العجب هذا وقتك ؟ وأيتها الحسرة هذا أوانك ؟
حقيقة المعنى : أن هذا زمان الحسرة والتعجب . ثم بين سبب الحسرة والندامة ، فقال : ( ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون ) . )
( ألم يروا ) ألم يخبروا ، يعني : أهل مكة ( كم أهلكنا قبلهم من القرون ) والقرن : أهل كل عصر ، سموا بذلك لاقترانهم في الوجود ( أنهم إليهم لا يرجعون ) أي : لا يعودون إلى الدنيا فلا يعتبرون بهم .
( وإن كل لما جميع ) قرأ عاصم وحمزة : " لما " بالتشديد هاهنا وفي الزخرف والطارق ، ووافق ابن عامر إلا في الزخرف ، ووافق أبو جعفر في الطارق ، وقرأ الآخرون بالتخفيف . فمن شدد جعل " إن " بمعنى الجحد ، " ولما " بمعنى إلا تقديره : وما كل إلا جميع ، ومن خفف جعل " إن " للتحقيق " وما " صلة مجازه : وكل جميع ( لدينا محضرون ) .
( وآية لهم الأرض الميتة أحييناها ) بالمطر ( وأخرجنا منها حبا ) يعني : الحنطة والشعير وما أشبههما ( فمنه يأكلون ) أي : من الحب .
( وجعلنا فيها جنات ) بساتين ، ( من نخيل وأعناب وفجرنا فيها ) في الأرض ، ( من العيون ) .
( ليأكلوا من ثمره ) أي : من الثمر الحاصل بالماء ( وما عملته ) قرأ حمزة والكسائي وأبو بكر : " عملت " بغير هاء ، وقرأ الآخرون " عملته " بالهاء أي : يأكلون من الذي عملته ) ( أيديهم ) الزرع والغرس فالهاء عائدة إلى " ما " التي بمعنى الذي . وقيل : " ما " للنفي في قوله " ما عملته " أي : وجدوها معمولة ولم تعملها أيديهم ولا صنع لهم فيها ، وهذا معنى قول الضحاك ومقاتل .
وقيل : أراد العيون والأنهار التي لم تعملها يد خلق مثل دجلة والفرات والنيل ونحوها .
) ( أفلا يشكرون ) نعمة الله .
( سبحان الذي خلق الأزواج كلها ) أي : الأصناف ( مما تنبت الأرض ) الثمار والحبوب ) ( ومن أنفسهم ) يعني : الذكور والإناث ( ومما لا يعلمون ) مما خلق من الأشياء من دواب البر والبحر )
( وآية لهم ) تدل على قدرتنا ، ) ( الليل نسلخ ) ننزع ونكشط ( منه النهار فإذا هم مظلمون ) داخلون في الظلمة ، ومعناه : نذهب النهار ونجيء بالليل ، وذلك أن الأصل هي الظلمة والنهار داخل عليها فإذا غربت الشمس سلخ النهار من الليل فتظهر الظلمة .
( والشمس تجري لمستقر لها ) أي : إلى مستقر لها ، أي : إلى انتهاء سيرها عند انقضاء الدنيا وقيام الساعة .
وقيل : إنها تسير حتى تنتهي إلى أبعد مغاربها ، ثم ترجع فذلك مستقرها لأنها لا تجاوزه .
وقيل : مستقرها نهاية ارتفاعها في السماء في الصيف ونهاية هبوطها في الشتاء ، وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " مستقرها تحت العرش " .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسماعيل ، حدثتا الحميدي ، حدثنا وكيع ، حدثنا الأعمش ، عن إبراهيم التيمي ، عن أبيه ، عن أبي ذر قال : سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قوله عز وجل : ( والشمس تجري لمستقر لها ) قال : " مستقرها تحت العرش " .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا الحميدي ، أخبرنا وكيع ، حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أبي ذر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي ذر حين غربت الشمس : " أتدري أين تذهب " ؟ قلت : الله ورسوله أعلم قال : " فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فتستأذن فيؤذن لها ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها وتستأذن فلا يؤذن لها ، فيقال لها : ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها ، فذلك قوله تعالى : ( والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم ) .
وروى عمرو بن دينار عن ابن عباس : " والشمس تجري لا مستقر لها " وهي قراءة ابن مسعود أي : لا قرار لها ولا وقوف فهي جارية أبدا ( ذلك تقدير العزيز العليم ) .
( والقمر قدرناه منازل ) أي : قدرنا له منازل ، قرأ ابن كثير ونافع ، وأهل البصرة : " القمر " برفع الراء لقوله : " وآية لهم الليل نسلخ منه النهار " وقرأ الآخرون بالنصب لقوله : " قدرناه " أي : قدرنا القمر ) ( منازل ) وقد ذكرنا أسامي المنازل في سورة يونس فإذا صار القمر إلى آخر المنازل دق فذلك قوله : ( حتى عاد كالعرجون القديم ) والعرجون : [ عود العذق ] الذي عليه الشماريخ ، فإذا قدم وعتق يبس وتقوس واصفر فشبه القمر في دقته وصفرته في آخر المنازل به .
( لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ) أي : لا يدخل النهار على الليل قبل انقضائه ، ولا يدخل الليل على النهار قبل انقضائه ، وهو قوله تعالى : ( ولا الليل سابق النهار ) أي : هما يتعاقبان بحساب معلوم لا يجيء أحدهما قبل وقته .
وقيل : لا يدخل أحدهما في سلطان الآخر ، لا تطلع الشمس بالليل ولا يطلع القمر بالنهار وله ضوء ، فإذا اجتمعا وأدرك كل واحد منهما صاحبه قامت القيامة .
وقيل : " لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر " أي : لا تجتمع معه في فلك واحد ، " ولا الليل سابق النهار " أي : لا يتصل ليل بليل لا يكون بينهما نهار فاصل
( وكل في فلك يسبحون ) يجرون .
وآية لهم أنا حملنا ذريتهم ) قرأ أهل المدينة والشام ، ويعقوب : " ذرياتهم " جمع ، وقرأ الآخرون : " ذريتهم " على التوحيد ، فمن جمع كسر التاء ، ومن لم يجمع نصبها ، والمراد بالذرية : الآباء والأجداد ، واسم الذرية يقع على الآباء كما يقع على الأولاد ( في الفلك المشحون ) أي : المملوء ، وأراد سفينة نوح عليه السلام ، وهؤلاء من نسل من حمل مع نوح ، وكانوا في أصلابهم .
( وخلقنا لهم من مثله ما يركبون ) قيل : أراد به السفن الصغار التي عملت بعد سفينة نوح على هيئتها .
وقيل : أراد به السفن التي تجري في الأنهار فهي في الأنهار كالفلك الكبار في البحار ، وهذا قول قتادة ، والضحاك وغيرهما .
وروي عن ابن عباس أنه قال : " وخلقنا لهم من مثله ما يركبون " يعني : الإبل ، فالإبل في البر كالسفن في البحر .
( وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ ) أي : لا مغيث ( لهم ولا هم ينقذون ) ينجون من الغرق . وقال ابن عباس : ولا أحد ينقذهم من عذابي .
( إلا رحمة منا ومتاعا إلى حين ) إلى انقضاء آجالهم - يعني - إلا أن يرحمهم ويمتعهم إلى آجالهم .
( وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم ) قال ابن عباس : " ما بين أيديكم " يعني الآخرة ، فاعملوا لها ، " وما خلفكم " يعني الدنيا ، فاحذروها ، ولا تغتروا بها .
وقيل : " ما بين أيديكم " وقائع الله فيمن كان قبلكم من الأمم ، " وما خلفكم " عذاب الآخرة ، وهو قول قتادة ومقاتل .
( لعلكم ترحمون ) والجواب محذوف تقديره : إذا قيل لهم هذا أعرضوا عنه دليله ما بعده .
( وما تأتيهم من آية من آيات ربهم ) أي : دلالة على صدق محمد - صلى الله عليه وسلم - ( إلا كانوا عنها معرضين ) .
( وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله ) أعطاكم الله ( قال الذين كفروا للذين آمنوا أنطعم ) أنرزق ( من لو يشاء الله أطعمه ) وذلك أن المؤمنين قالوا لكفار مكة : أنفقوا على المساكين مما زعمتم من أموالكم أنه لله ، وهو ما جعلوا لله من حروثهم وأنعامهم ، قالوا : أنطعم : أنرزق من لو يشاء الله رزقه ، ثم لم يرزقه مع قدرته عليه ، فنحن نوافق مشيئة الله فلا نطعم من لم يطعمه الله ، وهذا مما يتمسك به البخلاء ، يقولون : لا نعطي من حرمه الله . وهذا الذي يزعمون باطل ; لأن الله أغنى بعض الخلق وأفقر بعضهم ابتلاء ، فمنع الدنيا من الفقير لا بخلا ، وأمر الغني بالإنفاق لا حاجة إلى ماله ، ولكن ليبلو الغني بالفقير فيما فرض له في مال الغني ، ولا اعتراض لأحد على مشيئة الله وحكمه في خلقه ( إن أنتم إلا في ضلال مبين ) يقول الكفار للمؤمنين : ما أنتم إلا في خطأ بين في اتباعكم محمدا - صلى الله عليه وسلم - وترك ما نحن عليه .
" ويقولون متى هذا الوعد "، أي: القيامة والبعث، " إن كنتم صادقين ".
قال الله تعالى : ) ( ما ينظرون ) أي : ما ينتظرون ( إلا صيحة واحدة ) قال ابن عباس : يريد النفخة الأولى ( تأخذهم وهم يخصمون ) يعني : يختصمون في أمر الدنيا من البيع والشراء ، ويتكلمون في المجالس والأسواق .
قرأ حمزة : " يخصمون " بسكون الخاء وتخفيف الصاد ، أي : يغلب بعضهم بعضا بالخصام ، وقرأ الآخرون بتشديد الصاد ، أي : يختصمون . أدغمت التاء في الصاد ، ثم ابن كثير ويعقوب وورش يفتحون الخاء بنقل حركة التاء المدغمة إليها ، ويجزمها أبو جعفر وقالون ، ويروم فتحة الخاء أبو عمرو ، وقرأ الباقون بكسر الخاء .
وروينا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه ، ولتقومن الساعة وقد رفع الرجل أكلته إلى فيه فلا يطعمها " .
قوله عز وجل ( فلا يستطيعون توصية ) أي : لا يقدرون على الإيصاء . قال مقاتل : عجلوا عن الوصية فماتوا ( ولا إلى أهلهم يرجعون ) ينقلبون ، والمعنى أن الساعة لا تمهلهم لشيء .
( ونفخ في الصور ) وهي النفخة الأخيرة نفخة البعث ، وبين النفختين أربعون سنة ( فإذا هم من الأجداث ) يعني : القبور ، واحدها : جدث ( إلى ربهم ينسلون ) يخرجون من القبور أحياء ، ومنه قيل للولد : نسل لخروجه من بطن أمه .
( قالوا ياويلنا من بعثنا من مرقدنا ) قال أبي بن كعب ، وابن عباس ، وقتادة : إنما يقولون هذا ؛ لأن الله - تعالى - يرفع عنهم العذاب بين النفختين فيرقدون فإذا بعثوا بعد النفخة الأخيرة وعاينوا القيامة دعوا بالويل .
وقال أهل المعاني : إن الكفار إذا عاينوا جهنم وأنواع عذابها صار عذاب القبر في جنبها كالنوم ، فقالوا : يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا ؟ ثم قالوا : ( هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون ) أقروا حين لم ينفعهم الإقرار . وقيل : قالت الملائكة لهم : " هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون " .
قال مجاهد : يقول الكفار : " من بعثنا من مرقدنا " ؟ فيقول المؤمنون : " هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون " . )
( إن كانت ) ما كانت ( إلا صيحة واحدة ) يعني : النفخة الآخرة ( فإذا هم جميع لدينا محضرون ) .
" فاليوم لا تظلم نفس شيئاً ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون ".
( إن أصحاب الجنة اليوم في شغل ) قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو " في شغل " بسكون الغين ، والباقون بضمها ، وهما لغتان مثل السحت والسحت .
واختلفوا في معنى الشغل ، قال ابن عباس : في افتضاض الأبكار ، وقال وكيع بن الجراح : في السماع .
وقال الكلبي : في شغل عن أهل النار وعما هم فيه لا يهمهم أمرهم ولا يذكرونهم .
وقال الحسن : شغلوا بما في الجنة من النعيم عما فيه أهل النار من العذاب .
وقال ابن كيسان : في زيارة بعضهم بعضا . وقيل : في ضيافة الله تعالى .
) ( فاكهون ) قرأ أبو جعفر : " فكهون " حيث كان ، وافقه حفص في المطففين ، وهما لغتان مثل : الحاذر والحذر أي : ناعمون . قال : مجاهد والضحاك : معجبون بما هم فيه . وعن ابن عباس قال : فرحون .
( هم وأزواجهم ) أي : حلائلهم ( في ظلال ) قرأ حمزة والكسائي : " ظلل " بضم الظاء من غير ألف جمع ظلة ، وقرأ العامة : " في ظلال " بالألف وكسر الظاء على جمع ظل ) ( على الأرائك ) يعني السرر في الحجال ، واحدتها : أريكة . قال ثعلب : لا تكون أريكة حتى يكون عليها حجلة . ) ( متكئون ) ذوو اتكاء .
( لهم فيها فاكهة ولهم ما يدعون ) يتمنون ويشتهون .
( سلام قولا من رب رحيم ) أي : يسلم الله عليهم قولا أي : يقول الله لهم قولا .
أخبرنا أبو سعيد أحمد بن إبراهيم الشريحي ، أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي ، أخبرنا عبد الخالق بن علي بن عبد الخالق المؤذن ، حدثني أبو بكر أحمد بن محمد بن موسى الملحمي الأصفهاني ، أخبرنا الحسن بن أبي علي الزعفراني ، أخبرنا ابن أبي الشوارب ، أخبرنا أبو عاصم العباداني ، أخبرنا الفضل الرقاشي ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " بينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور فرفعوا رؤوسهم ، فإذا الرب - عز وجل - قد أشرف عليهم من فوقهم ، فقال : السلام عليكم يا أهل الجنة ، فذلك قوله : " سلام قولا من رب رحيم " فينظر إليهم وينظرون إليه ، فلا يلتفتون إلى شيء من النعيم ما داموا ينظرون إليه حتى يحتجب عنهم فيبقى نوره وبركته عليهم في ديارهم " .
وقيل : تسلم عليهم الملائكة من ربهم .
قال مقاتل : تدخل الملائكة على أهل الجنة من كل باب يقولون : سلام عليكم يا أهل الجنة من ربكم الرحيم .
وقيل : يعطيهم السلامة ، يقول : اسلموا السلامة الأبدية .
( وامتازوا اليوم أيها المجرمون ) قال مقاتل : اعتزلوا اليوم من الصالحين . قال أبو العالية : تميزوا . وقال السدي : كونوا على حدة . وقال الزجاج : انفردوا عن المؤمنين . قال الضحاك : إن لكل كافر في النار بيتا يدخل ذلك البيت ويردم بابه بالنار فيكون فيه أبد الآبدين لا يرى ولا يرى .
( ألم أعهد إليكم يا بني آدم ) ألم آمركم يا بني آدم ( أن لا تعبدوا الشيطان ) أي : لا تطيعوا الشيطان في معصية الله ( إنه لكم عدو مبين ) ظاهر العداوة .
( وأن اعبدوني ) أطيعوني ووحدوني ( هذا صراط مستقيم ) .
( ولقد أضل منكم جبلا كثيرا ) قرأ أهل المدينة ، وعاصم : " جبلا " بكسر الجيم والباء وتشديد اللام ، وقرأ يعقوب : " جبلا " بضم الجيم والباء وتشديد اللام ، وقرأ ابن عامر ، وأبو عمرو بضم الجيم ساكنة الباء خفيفة ، وقرأ الآخرون بضم الجيم والباء خفيفة ، وكلها لغات ، ومعناها : الخلق والجماعة أي : خلقا كثيرا ( أفلم تكونوا تعقلون ) ما أتاكم من هلاك الأمم الخالية بطاعة إبليس ، ويقال لهم لما دنوا من النار .
( هذه جهنم التي كنتم توعدون ) بها في الدنيا
( اصلوها ) ادخلوها ( اليوم بما كنتم تكفرون اليوم)
( نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون ) هذا حين ينكر الكفار كفرهم وتكذيبهم الرسل ، فيختم على أفواههم وتشهد عليهم جوارحهم .
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أبو الحسن محمد بن عمرو بن حفصويه السرخسي ، سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة ، أخبرنا أبو يزيد حاتم بن محبوب ، أخبرنا عبد الجبار بن العلاء ، أخبرنا سفيان عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال : سأل الناس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال : " هل تضارون في رؤية الشمس في الظهيرة ليست في سحاب " ؟ قالوا : لا يا رسول الله ، قال : " فهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ليس في سحابة " ؟ قالوا : لا ، قال : " فوالذي نفسي بيده لا تضارون في رؤية ربكم كما لا تضارون في رؤية أحدهما " ، قال : " فيلقى العبد فيقول : أي عبدي ألم أكرمك ؟ ألم أسودك ألم أزوجك ألم أسخر لك الخيل والإبل وأذرك تترأس وتتربع ؟ قال : بلى يا رب ، قال : فظننت أنك ملاقي ؟ قال : لا ، قال : فاليوم أنساك كما نسيتني . قال : فيلقى الثاني فيقول : ألم أكرمك ، ألم أسودك ، ألم أزوجك ، ألم أسخر لك الخيل والإبل وأتركك تترأس وتتربع ؟ - وقال غيره عن سفيان : ترأس وتربع في الموضعين - قال : فيقول : بلى يا رب ، فيقول : ظننت أنك ملاقي ؟ فيقول : لا يا رب قال : فاليوم أنساك كما نسيتني . ثم يلقى الثالث فيقول ؟ ما أنت ؟ فيقول : أنا عبدك آمنت بك وبنبيك وبكتابك وصليت وصمت وتصدقت ويثني بخير ما استطاع قال : فيقال له : ألم نبعث عليك شاهدنا ؟ قال : فيتفكر في نفسه من الذي يشهد علي فيختم على فيه ، ويقال لفخذه : انطقي قال : فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بما كان يعمل ، وذلك المنافق ؛ وذلك ليعذر من نفسه وذلك الذي سخط الله عليه " .
أخبرنا أبو سعيد عبد الله بن أحمد الطاهري ، أخبرنا جدي أبو سهل عبد الصمد بن عبد الرحمن البزاز ، أخبرنا محمد بن زكريا العذافري ، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم الدبري ، أخبرنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن بهز بن حكيم بن معاوية ، عن أبيه عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إنكم تدعون فيفدم على أفواهكم بالفدام فأول ما يسأل عن أحدكم فخذه وكفه "
أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر ، أخبرنا عبد الغافر بن محمد ، أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي ، أخبرنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، أخبرنا مسلم بن الحجاج ، أخبرنا أبو بكر بن أبي النضر ، حدثني هاشم بن القاسم ، أخبرنا عبد الله الأشجعي ، عن سفيان الثوري ، عن عبيد المكتب ، عن فضيل ، عن الشعبي ، عن أنس بن مالك قال : كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فضحك فقال : " هل تدرون مم أضحك " ؟ قال : قلنا الله ورسوله أعلم ، قال : " من مخاطبة العبد ربه " يقول : يا رب ألم تجرني من الظلم ؟ قال : فيقول : بلى ، قال : فيقول : فإني لا أجير على نفسي إلا شاهدا مني ، قال : فيقول : كفى بنفسك اليوم عليك شهيدا وبالكرام الكاتبين شهودا ، قال : فيختم على فيه ، فيقال لأركانه : انطقي قال : فتنطق بأعماله ، قال : ثم يخلى بينه وبين الكلام ، فيقول : بعدا لكن وسحقا فعنكن كنت أناضل "
قوله عز وجل : ( ولو نشاء لطمسنا على أعينهم ) [ أي : أذهبنا أعينهم ] الظاهرة بحيث لا يبدو لها جفن ولا شق ، وهو معنى الطمس كما قال الله عز وجل : " ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم " ( البقرة - 20 ) يقول : كما أعمينا قلوبهم لو شئنا أعمينا أبصارهم الظاهرة ( فاستبقوا الصراط ) فتبادروا إلى الطريق ( فأنى يبصرون ) فكيف يبصرون [ وقد أعمينا أعينهم ؟ يعني : لو نشاء لأضللناهم عن الهدى ، وتركناهم عميا يترددون ، فكيف يبصرون ] الطريق حينئذ ؟ هذا قول الحسن والسدي . وقال ابن عباس ، وقتادة ، ومقاتل ، وعطاء : معناه لو نشاء لفقأنا أعين ضلالتهم فأعميناهم عن غيهم ، وحولنا أبصارهم من الضلالة إلى الهدى فأبصروا رشدهم ( فأنى يبصرون ) ولم أفعل ذلك بهم ؟
( ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم ) يعني : مكانهم : يريد : لو نشاء لجعلناهم قردة وخنازير في منازلهم ، وقيل : لو نشاء لجعلناهم حجارة ، وهم قعود في منازلهم لا أرواح لهم . ( فما استطاعوا مضيا ولا يرجعون ) إلى ما كانوا عليه ، وقيل : لا يقدرون على ذهاب ولا رجوع
( ومن نعمره ننكسه في الخلق ) قرأ عاصم وحمزة : " ننكسه " بالتشديد ، وقرأ الآخرون بفتح النون الأولى وضم الكاف مخففا ، أي : نرده إلى أرذل العمر شبه الصبي في أول الخلق .
وقيل : " ننكسه في الخلق " أي : نضعف جوارحه بعد قوتها ونردها إلى نقصانها بعد زيادتها . ( أفلا يعقلون ) فيعتبروا ويعلموا أن الذي قدر على تصريف أحوال الإنسان يقدر على البعث بعد الموت .
قوله تعالى : ( وما علمناه الشعر وما ينبغي له ) قال الكلبي : إن كفار مكة قالوا : إن محمدا شاعر ، وما يقوله شعر ، فأنزل الله تكذيبا لهم : ( وما علمناه الشعر وما ينبغي له ) أي : ما يتسهل له ذلك ، وما كان يتزن له بيت من شعر ، حتى إذا تمثل ببيت شعر جرى على لسانه منكسرا .
أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي ، أخبرني الحسين بن محمد الثقفي ، حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، حدثنا يوسف بن عبد الله بن ماهان ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن الحسن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتمثل بهذا البيت :
كفى بالإسلام والشيب للمرء ناهيا
فقال أبو بكر : يا رسول الله إنما قال الشاعر :
كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا
ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : كفى بالإسلام والشيب للمرء ناهيا ، فقال أبو بكر وعمر : أشهد أنك رسول الله ، يقول الله تعالى : ( وما علمناه الشعر وما ينبغي له )
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي شريح ، أخبرنا أبو القاسم البغوي ، أخبرنا علي بن الجعد ، حدثنا شريك ، عن المقدام بن شريح ، عن أبيه قال : قلت لعائشة : أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتمثل بشيء من الشعر ؟ قالت : كان يتمثل من شعر عبد الله بن رواحة .
قالت : وربما قال :
ويأتيك بالأخبار من لم تزود
وقال معمر عن قتادة : بلغني أن عائشة سئلت : هل كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتمثل بشيء من الشعر ؟ قالت : كان الشعر أبغض الحديث إليه ، قالت : ولم يتمثل بشيء من الشعر إلا ببيت أخي بني قيس طرفة :
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ويأتيك بالأخبار من لم تزود
فجعل يقول : " ويأتيك من لم تزود بالأخبار " فقال أبو بكر - رضي الله عنه - : ليس هكذا يا رسول الله ، فقال : " إني لست بشاعر ولا ينبغي لي " .
) ( إن هو ) يعني : القرآن ) ( إلا ذكر ) موعظة ( وقرآن مبين ) فيه الفرائض والحدود والأحكام .
( لينذر ) قرأ أهل المدينة والشام ويعقوب " لتنذر " بالتاء ، وكذلك في الأحقاف ، وافق ابن كثير في الأحقاف أي : لتنذر يا محمد ، وقرأ الآخرون بالياء أي لينذر القرآن ( من كان حيا ) يعني : مؤمنا حي القلب ; لأن الكافر كالميت في أنه لا يتدبر ولا يتفكر ( ويحق القول ) ويجب حجة العذاب ) ( على الكافرين ) .
قوله عز وجل : ( أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا ) تولينا خلقه بإبداعنا من غير إعانة أحد ( أنعاما فهم لها مالكون ) ضابطون قاهرون ، أي : لم يخلق الأنعام وحشية نافرة من بني آدم لا يقدرون على ضبطها ، بل هي مسخرة لهم .
وهي قوله : ( وذللناها لهم ) سخرناها لهم ( فمنها ركوبهم ) أي : ما يركبون وهي الإبل ( ومنها يأكلون ) من لحمانها .
( ولهم فيها منافع ) من أصوافها وأوبارها وأشعارها ونسلها ) ( ومشارب ) من ألبانها ( أفلا يشكرون ) رب هذه النعم .
( واتخذوا من دون الله آلهة لعلهم ينصرون ) يعني : لتمنعهم من عذاب الله ، ولا يكون ذلك قط .
( لا يستطيعون نصرهم ) قال ابن عباس : لا تقدر الأصنام على نصرهم ومنعهم من العذاب . ( وهم لهم جند محضرون ) أي : الكفار جند للأصنام يغضبون لها ويحضرونها في الدنيا ، وهي لا تسوق إليهم خيرا ، ولا تستطيع لهم نصرا . وقيل : هذا في الآخرة ، يؤتى بكل معبود من دون الله - تعالى - ومعه أتباعه الذين عبدوه كأنهم جند محضرون في النار .
( فلا يحزنك قولهم ) يعني : قول كفار مكة في تكذيبك ( إنا نعلم ما يسرون ) في ضمائرهم من التكذيب ( وما يعلنون ) من عبادة الأصنام أو ما يعلنون بألسنتهم من الأذى .
قوله تعالى : ( أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم ) جدل بالباطل ) ( مبين ) بين الخصومة ، يعني : أنه مخلوق من نطفة ثم يخاصم فكيف لا يتفكر في بدء خلقه حتى يدع الخصومة .نزلت في أبي بن خلف الجمحي خاصم النبي - صلى الله عليه وسلم - في إنكار البعث ، وأتاه بعظم قد بلي ففتته بيده ، وقال : أترى يحيي الله هذا بعدما رم ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " نعم ويبعثك ويدخلك النار " فأنزل الله هذه الآيات .
( وضرب لنا مثلا ونسي خلقه ) بدء أمره ، ثم ( قال من يحيي العظام وهي رميم ) بالية ، ولم يقل رميمة ; لأنه معدول عن فاعلة ، وكل ما كان معدولا عن وجهه ووزنه كان مصروفا عن أخواته ، كقوله : " وما كانت أمك بغيا " ( مريم - 28 ) ، أسقط الهاء لأنها كانت مصروفة عن باغية .
( قل يحييها الذي أنشأها ) خلقها ، ( أول مرة وهو بكل خلق عليم ) .
( الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا ) قال ابن عباس : هما شجرتان يقال لأحدهما : المرخ وللأخرى : العفار ، فمن أراد منهم النار قطع منهما غصنين مثل السواكين وهما خضراوان يقطر منهما الماء ، فيسحق المرخ على العفار فيخرج منهما النار بإذن الله - عز وجل - .
تقول العرب : في كل شجر نار واستمجد المرخ والعفار ، وقال الحكماء : في كل شجر نار إلا العناب . ( فإذا أنتم منه توقدون ) أي : تقدحون وتوقدون النار من ذلك الشجر ، ثم ذكر ما هو أعظم من خلق الإنسان ، فقال :
( أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر ) قرأ يعقوب : " يقدر " بالياء على الفعل ( على أن يخلق مثلهم بلى ) أي : قل : بلى ، هو قادر على ذلك ( وهو الخلاق ) [ يخلق خلقا بعد خلق ] ، ) ( العليم ) بجميع ما خلق .
"إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون ".
( فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون )
أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي ، أخبرنا أبو الطاهر الزيادي ، أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان ، حدثنا علي بن الحسين الدرابجردي ، حدثنا عبد الله بن عثمان ، أخبرنا عبد الله بن المبارك ، عن سليمان التيمي ، عن أبي عثمان - وليس بالنهدي - عن معقل بن يسار قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " اقرؤوا على موتاكم سورة يس " . ورواه محمد بن العلاء عن ابن المبارك ، وقال : عن أبي عثمان - وليس بالنهدي - عن أبيه عن معقل بن يسار .
![]() |
![]() |
![]() |
![](/images/arrowtop.jpg)
اسم السورة | سورة يس (Ya-Sin - Ya Sin) |
ترتيبها | 36 |
عدد آياتها | 83 |
عدد كلماتها | 733 |
عدد حروفها | 2988 |
معنى اسمها | (يسٓ): حَرْفَانِ لا يَعْلَمُ مَعْنَاهُمَا إِلاَّ اللهُ كَبَقِيَّةِ الحُرُوفِ المُقَطَّعَةِ فِي مُفْتَتَحِ بَعْضِ السُّوَر |
سبب تسميتها | انْفِرَادُ السُّورَةِ بِمُفْتَتَحِ حُرُوفِ (يسٓ) دُونَ غَيرِهَا مِن سُوَرِ القُرْآنِ؛ فَسُمِّيَت بِهَا |
أسماؤها الأخرى | اشتُهِرَتْ بِسُورَةِ (يسٓ)، وَلَمْ تَثْبُتْ تَسْمِيَتُهَا بِـ(قَلْبِ القُرْآنِ)، وَ(الدَّافِعَةِ) و(القَاضِيَةِ) وَغَيْرِهَا |
مقاصدها | إِثْبَاتُ الأَرْكَانِ الثَّلاثَةِ للسُّورِ المَكِّيَّةِ، وهِيَ (وَحْدَانِيَّةُ اللهِ تَعَالَى، وَالرِّسَالَةُ، وَالبَعْثُ وَالنُّشُورُ) |
أسباب نزولها | سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، لَمْ يُنقَل سَبَبٌ لِنـُزُولِهَا جُمـلَةً وَاحِدَةً، ولكِنْ صَـحَّ لِبَعضِ آياتِها سَبَبُ نُزُولٍ |
فضلها | لَمْ يَصِحَّ فِيهَا حَدِيثٌ سِوَى أَثَرٍ موْقُوفٍ عَلَىَ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: «مَنْ قَرَأَ (يسٓ)، حِينَ يُصْبِحُ، أُعْطِيَ يُسْرَ يَوْمِهِ حَتَّى يُمْسِيَ، وَمَنْ قَرَأَهَا فِي صَدْرِ لَيْلِهِ، أُعْطِيَ يُسْرَ لَيْلَتِهِ حَتَّى يُصْبِحَ» (أَثَرٌ حَسَنٌ، رَوَاهُ الدَّارَمِيّ |
مناسبتها | مُنَاسَبَةُ أَوَّلِ سُورَةِ (يسٓ) بِآخِرِهَا: الحَدِيثُ عَنْ مَسْأَلَةِ إِحْيَاءِ المَوتَى، فَقَالَ فِي أوَّلِهَا: ﴿إِنَّا نَحۡنُ نُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰ ...١٢﴾، وَقَالَ في أَوَاخِرِهَا: ﴿قُلۡ يُحۡيِيهَا ٱلَّذِيٓ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٖۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلۡقٍ عَلِيمٌ ٧٩﴾. مُنَاسَبَةُ سُورَةِ (يسٓ) لِمَا قَبلَهَا مِنْ سُورَةِ (فَاطِرٍ): لَمَّا دَعَا اللهُ تعَالَى المُشْرِكِينَ إِلَى الاعْتِبَارِ بِالأُمَمِ السَّابِقَةِ فِي أَوَاخِرِ (فَاطِرٍ)؛ بِقَولِهِ: ﴿أَوَ لَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ ...٤٤﴾، ضَرَبَ لَهُمْ مَثَلا عَلَى عَاقِبَةِ بَعْضِهِم فِي أَوَائِلِ (يسٓ)؛ فَقَالَ: ﴿وَٱضۡرِبۡ لَهُم مَّثَلًا أَصۡحَٰبَ ٱلۡقَرۡيَةِ إِذۡ جَآءَهَا ٱلۡمُرۡسَلُونَ ١٣﴾... الآيَاتِ. |