المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة الأعراف: [الآية 28]
سورة الأعراف | ||
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ (205) إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ (206)
«إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ» وهم الملائكة المقربون «لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ» يقول : يذلون ويخضعون له «وَيُسَبِّحُونَهُ» أي ينزهونه عن الصفات التي لا تليق به وهي التي تقربوا بها إليه من الذل والخضوع وصدقهم اللّه في هذه الآية في قولهم : (وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) فأخبر اللّه عنهم بما أخبروه عن نفوسهم «وَلَهُ يَسْجُدُونَ» وصفهم بالسجود له عزّ وجل مع هذه الأحوال المذكورة ، وهنا يسجد التالي للقرآن في هذه السجدة اقتداء بسجود الملأ الأعلى وبهديهم ، قال اللّه تعالى لما ذكر النبيين عليهم السلام لمحمد صلّى اللّه عليه وسلم ، وذكر أنه تعالى آتاهم الكتاب والحكمة والنبوة قال له : (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) وهم بشر مثله ، فما ظنك بالملائكة الذين لا يعصون اللّه ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ، وأي هدي
أعظم مما هدى اللّه تعالى به الملائكة ، فمن سجد فيها ولم يحصل له نفحة مما حصل للملائكة في سجودها من حيث ملكيته الخاصة به فما سجدها ، وهكذا في كل سجدة ترد .
(8) سورة الأنفال مدنيّة
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
------------
(206) الفتوحات ج 1 / 509تفسير ابن كثير:
قال مجاهد : كان المشركون يطوفون بالبيت عراة ، يقولون : نطوف كما ولدتنا أمهاتنا . فتضع المرأة على فرجها النسعة ، أو الشيء وتقول :
اليوم يبدو بعضه أو كله وما بدا منه فلا أحله
فأنزل الله تعالى ( وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها ) الآية .
قلت : كانت العرب - ما عدا قريشا - لا يطوفون بالبيت في ثيابهم التي لبسوها ، يتأولون في ذلك أنهم لا يطوفون في ثياب عصوا الله فيها ، وكانت قريش - وهم الحمس - يطوفون في ثيابهم ، ومن أعاره أحمسي ثوبا طاف فيه ، ومن معه ثوب جديد طاف فيه ثم يلقيه فلا يتملكه أحد ، فمن لم يجد ثوبا جديدا ولا أعاره أحمسي ثوبا ، طاف عريانا . وربما كانت امرأة فتطوف عريانة ، فتجعل على فرجها شيئا يستره بعض الشيء وتقول :
اليوم يبدو بعضه أو كله وما بدا منه فلا أحله
.
وأكثر ما كان النساء يطفن عراة بالليل ، وكان هذا شيئا قد ابتدعوه من تلقاء أنفسهم ، واتبعوا فيه آباءهم ويعتقدون أن فعل آبائهم مستند إلى أمر من الله وشرع ، فأنكر الله تعالى عليهم ذلك ، فقال : ( وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها ) فقال تعالى ردا عليهم : ( قل ) أي : قل يا محمد لمن ادعى ذلك : ( إن الله لا يأمر بالفحشاء ) أي : هذا الذي تصنعونه فاحشة منكرة ، والله لا يأمر بمثل ذلك ( أتقولون على الله ما لا تعلمون ) أي : أتسندون إلى الله من الأقوال ما لا تعلمون صحته .
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
يقول تعالى مبينا لقبح حال المشركين الذين يفعلون الذنوب، وينسبون أن الله أمرهم بها. { وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً } وهي: كل ما يستفحش ويستقبح، ومن ذلك طوافهم بالبيت عراة { قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا } وصدقوا في هذا. { وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا } وكذبوا في هذا، ولهذا رد اللّه عليهم هذه النسبة فقال: { قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ } أي: لا يليق بكماله وحكمته أن يأمر عباده بتعاطي الفواحش لا هذا الذي يفعله المشركون ولا غيره { أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ } وأي: افتراء أعظم من هذا"
تفسير البغوي
( وإذا فعلوا فاحشة ) قال ابن عباس ومجاهد : هي طوافهم بالبيت عراة . وقال عطاء : الشرك والفاحشة ، اسم لكل فعل قبيح بلغ النهاية في القبح . ( قالوا وجدنا عليها آباءنا ) وفيه إضمار معناه : وإذا فعلوا فاحشة فنهوا عنها قالوا وجدنا عليها آباءنا . قيل : ومن أين أخذ آباؤكم ؟ قالوا : ( والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون )
الإعراب:
(وَإِذا) ظرفية شرطية غير جازمة، والواو استئنافية (فَعَلُوا فاحِشَةً) فعل ماض وفاعل ومفعول به والجملة في محل جر بالإضافة وجملة (قالُوا) لا محل لها جواب شرط غير جازم.
(وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا) فعل ماض تعلق به الجار والمجرور ونا فاعله وآباءنا مفعوله، والجملة مقول القول مفعول به.
(وَاللَّهُ) لفظ الجلالة مبتدأ وجملة (أَمَرَنا بِها) خبره والجملة الاسمية (اللَّهُ أَمَرَنا بِها) معطوفة.
(قُلْ) فعل أمر والجملة مستأنفة لا محل لها.
(إِنَّ اللَّهَ) إن ولفظ الجلالة اسمها وجملة (لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ) في محل رفع خبرها والجملة الاسمية (إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ) في محل نصب مفعول به.
(أَتَقُولُونَ) مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعله والهمزة للاستفهام والجملة مقول القول.
(عَلَى اللَّهِ) متعلقان بالفعل قبله (ما) اسم موصول في محل نصب مفعول به، وجملة (لا تَعْلَمُونَ) صلة الموصول لا محل لها.