المكتبة الأكبرية: القرآن الكريم: سورة المسد: [الآية 5]
![]() |
![]() |
![]() |
سورة المسد | ||
![]() |
![]() |
![]() |
تفسير الجلالين:
تفسير الشيخ محي الدين:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ (2)
[ من اعتمد على غير اللّه في أموره خسر : ]
فإنه كان معتمدا على ماله ، فمن اعتمد على غير اللّه في أموره خسر :
التب من صفة اليدين لأنها *** جادت على الكفار بالإنفاق
وكلاهما عين الهلاك ونفسه ***فالهلك في الأملاك والإرفاق
------------
(2) الفتوحات ج 2 / 611 - الديوان / 178 - كتاب الأعلاقتفسير ابن كثير:
في جيدها حبل من مسد ) يعني : تحمل الحطب فتلقي على زوجها ، ليزداد على ما هو فيه ، وهي مهيأة لذلك مستعدة له .
( في جيدها حبل من مسد ) قال مجاهد وعروة : من مسد النار .
وعن مجاهد ، وعكرمة ، والحسن ، وقتادة ، والثوري ، والسدي : ( حمالة الحطب ) كانت تمشي بالنميمة ، [ واختاره ابن جرير ] .
وقال العوفي ، عن ابن عباس ، وعطية الجدلي ، والضحاك ، وابن زيد : كانت تضع الشوك في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واختاره ابن جرير .
قال ابن جرير : وقيل : كانت تعير النبي صلى الله عليه وسلم بالفقر ، وكانت تحتطب ، فعيرت بذلك .
كذا حكاه ، ولم يعزه إلى أحد . والصحيح الأول ، والله أعلم .
قال سعيد بن المسيب : كانت لها قلادة فاخرة فقالت : لأنفقنها في عداوة محمد يعني : فأعقبها الله بها حبلا في جيدها من مسد النار .
وقال ابن جرير : حدثنا أبو كريب ، حدثنا وكيع ، عن سليم مولى الشعبي ، عن الشعبي قال : المسد : الليف .
وقال عروة بن الزبير : المسد : سلسلة ذرعها سبعون ذراعا .
وعن الثوري : هو قلادة من نار ، طولها سبعون ذراعا .
وقال الجوهري : المسد : الليف . والمسد أيضا : حبل من ليف أو خوص ، وقد يكون من جلود الإبل أو أوبارها ، ومسدت الحبل أمسده مسدا : إذا أجدت فتله .
وقال مجاهد : ( في جيدها حبل من مسد ) أي : طوق من حديد ، ألا ترى أن العرب يسمون البكرة مسدا ؟
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي وأبو زرعة ، قالا : حدثنا عبد الله بن الزبير الحميدي ، حدثنا سفيان ، حدثنا الوليد بن كثير ، عن ابن تدرس ، عن أسماء بنت أبي بكر قالت : لما نزلت : ( تبت يدا أبي لهب ) أقبلت العوراء أم جميل بنت حرب ، ولها ولولة ، وفي يدها فهر ، وهي تقول :
مذمما أبينا ودينه قلينا وأمره عصينا
ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد ومعه أبو بكر ، فلما رآها أبو بكر قال : يا رسول الله ، قد أقبلت وأنا أخاف عليك أن تراك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنها لن تراني " . وقرأ قرآنا اعتصم به ، كما قال تعالى : ( وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا ) [ الإسراء : 45 ] . فأقبلت حتى وقفت على أبي بكر ولم تر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا أبا بكر ، إني أخبرت أن صاحبك هجاني ؟ قال : لا ورب هذا البيت ما هجاك . فولت وهي تقول : قد علمت قريش أني ابنة سيدها . قال : وقال الوليد في حديثه أو غيره : فعثرت أم جميل في مرطها وهي تطوف بالبيت ، فقالت : تعس مذمم . فقالت أم حكيم بنت عبد المطلب : إني لحصان فما أكلم ، وثقاف فما أعلم ، وكلنا من بني العم ، وقريش بعد أعلم .
وقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا إبراهيم بن سعيد وأحمد بن إسحاق ، قالا : حدثنا أبو أحمد ، حدثنا عبد السلام بن حرب ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : لما نزلت : ( تبت يدا أبي لهب ) جاءت امرأة أبي لهب ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس ، ومعه أبو بكر . فقال له أبو بكر : لو تنحيت لا تؤذيك بشيء . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنه سيحال بيني وبينها " . فأقبلت حتى وقفت على أبي بكر فقالت : يا أبا بكر ، هجانا صاحبك . فقال أبو بكر : لا ورب هذه البنية ما نطق بالشعر ولا يتفوه به . فقالت : إنك لمصدق ، فلما ولت قال أبو بكر ، رضي الله عنه : ما رأتك ؟ قال : " لا ، ما زال ملك يسترني حتى ولت " .
ثم قال البزار : لا نعلمه يروى بأحسن من هذا الإسناد ، عن أبي بكر ، رضي الله عنه .
وقد قال بعض أهل العلم في قوله تعالى : ( في جيدها حبل من مسد ) أي : في عنقها حبل في نار [ جهنم ] ترفع به إلى شفيرها ، ثم يرمى بها إلى أسفلها ، ثم كذلك دائما .
قال أبو الخطاب بن دحية في كتابه التنوير - وقد روى ذلك - وعبر بالمسد عن حبل الدلو ، كما قال أبو حنيفة الدينوري في كتاب " النبات " : كل مسد : رشاء ، وأنشد في ذلك :
وبكرة ومحورا صرارا ومسدا من أبق مغارا
قال : والأبق : القنب .
وقال الآخر :
يا مسد الخوص تعوذ مني إن تك لدنا لينا فإني
ما شئت من أشمط مقسئن
قال العلماء : وفي هذه السورة معجزة ظاهرة ودليل واضح على النبوة ، فإنه منذ نزل قوله تعالى : ( سيصلى نارا ذات لهب وامرأته حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد ) فأخبر عنهما بالشقاء وعدم الإيمان ، لم يقيض لهما أن يؤمنا ، ولا واحد منهما لا ظاهرا ولا باطنا ، لا مسرا ولا معلنا ، فكان هذا من أقوى الأدلة الباهرة على النبوة الظاهرة .
[ آخر تفسير " تبت " ولله الحمد والمنة ]
تفسير الطبري :
التفسير الميسّر:
تفسير السعدي
وتجمع على ظهرها من الأوزار بمنزلة من يجمع حطبًا، قد أعد له في عنقه حبلًا { مِنْ مَسَدٍ } أي: من ليف.
أو أنها تحمل في النار الحطب على زوجها، متقلدة في عنقها حبلًا من مسد، وعلى كل، ففي هذه السورة، آية باهرة من آيات الله، فإن الله أنزل هذه السورة، وأبو لهب وامرأته لم يهلكا، وأخبر أنهما سيعذبان في النار ولا بد، ومن لازم ذلك أنهما لا يسلمان، فوقع كما أخبر عالم الغيب والشهادة.
تفسير البغوي
( في جيدها ) في عنقها ، وجمعه أجياد ، ( حبل من مسد ) واختلفوا فيه ، قال ابن عباس ، وعروة بن الزبير : سلسلة من حديد ذرعها سبعون ذراعا ، تدخل في فيها وتخرج من دبرها ، ويكون سائرها في عنقها ، وأصله من " المسد " وهو الفتل ، و " المسد " ما فتل وأحكم من أي شيء كان ، يعني : السلسلة التي في عنقها ففتلت من الحديد فتلا محكما .
وروى الأعمش عن مجاهد : " من مسد " أي من حديد ، والمسد : الحديدة التي تكون في البكرة ، يقال لها المحور .
وقال الشعبي ومقاتل : من ليف . قال الضحاك وغيره : في الدنيا من ليف ، وفي الآخرة من نار . وذلك الليف هو الحبل الذي كانت تحتطب به ، فبينما هي ذات يوم حاملة حزمة فأعيت فقعدت على حجر تستريح فأتاها ملك فجذبها من خلفها فأهلكها .
قال ابن زيد : حبل من شجر ينبت باليمن يقال له مسد .
قال قتادة : قلادة من ودع وقال الحسن : كانت خرزات في عنقها [ فاخرة ] وقال سعيد بن المسيب : كانت لها قلادة في عنقها فاخرة ، فقالت : لأنفقنها في عداوة محمد - صلى الله عليه وسلم - .
الإعراب:
(فِي جِيدِها) الجار والمجرور خبر مقدم (حَبْلٌ) مبتدأ مؤخر والجملة الاسمية خبر المبتدأ (مِنْ مَسَدٍ) صفة حبل وجملة امرأته.. مستأنفة لا محل لها. والجملة الفعلية (أذم حمالة الحطب) معترضة لا محل لها.